برفقتك
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
تحت نظرات الكراهية من عشرة ضباط شرطة، لم يملك سوى أن يعطي سيفه العزيز _الذي احتفظ به اثني عشر عامًا ولم يفارقه قط_ إلى أكثر جنوده وعدًا بالمستقبل.
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
وانحنى انحناءةً عميقة.
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
( إنها تتحدث وكأنني لست الوريث الوحيد للمملكة، وكأنني لن أستطيع اعتلاء العرش دون عونها.)
Ａｒｉｓｕ－ｓａｎ
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تجمّد وجه زاين فورًا، وتشنّجت ملامحه، كأنه يتذكر أمرًا لا يُحتمل…
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
أشرق بريق في عيني رالف.
الفصل 76: برفقتك
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
….
قال غيلبرت متنهّدًا، “لقد حاولنا. لكنه أُمّي. لا يعرف الكتابة، حتى اسمه لا يستطيع كتابته، عدا الأرقام.”
كان رالف ذات يوم أمل عصابة قوارير الدم، الوحيد من مستوى الفئة العليا بين ‘الاثني عشر الأقوى’. وبعد أن اجتاز الجحيم واليأس، التقى تاليس مجددًا بعد شهرٍ من الفراق.
تابع تاليس الإيماء وهو يحاول التفكير بما يقول تاليًا. “… فأنتِ، بعد كل شيء، شخصية مهمة من حكومة مملكة أخرى، ولن يكون أبي مضيفًا سيئًا بالتأكيد…”
“أُهنّئك، لقد صمدتَ حتى النهاية.” ابتسم تاليس وأومأ برأسه. “لم تدع هذا العالم الملعون يهزمك.”
“سأذهب معك.”
ارتجف رالف قليلًا وفتح فمه فجأة. حلقه، الذي كان مزيجًا من اللحم والدم، ارتعش ارتعاشًا خفيفًا. لكنه لم يستطع سوى أن يتمتم بأصواتٍ غامضة غير مفهومة.
توقف زاين عن السير. استنشق الدوق الشاب نفسًا عميقًا، كأنه يتهيأ لسماع ما لا يُسرّ.
كان يعلم أيضًا أنه عاجزٌ الآن عن الكلام.
وانحنى انحناءةً عميقة.
في مثل هذا الموقف، لم يعلم تاليس كيف يتصرّف لوهلة. حكّ رأسه وقال: “لا بأس، إن كان لديك ما تريد قوله، فاكتبه بالقلم.”
في زنزانة قصر الكرمة، كان جينارد، قائد فرقة الدفاع التابعة لمركز شرطة المقاطعة الشرقية البالغ من العمر إحدى وثلاثين سنة، ممدّدًا على الأرض.
خَفَتَ بريق عيني رالف.
“إذًا، الجهة الوحيدة التي تنطبق عليها تلك الصفات هي الجيش الخاص لعائلة جيدستار في قاعة مينديس. وبعد ما حدث بالأمس، عاد الأمير الجديد مباشرةً إلى قاعة مينديس أمام أعين الجميع… إذًا، ذلك هو الكنز الملكي المفقود من القاعة؟”
قال غيلبرت متنهّدًا، “لقد حاولنا. لكنه أُمّي. لا يعرف الكتابة، حتى اسمه لا يستطيع كتابته، عدا الأرقام.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بعد انتهاء المؤتمر الوطني، أُعفي جينارد من مهامه في ساحة النجم. وفي اليوم التالي، جاء رئيسه مع مجموعة من رجال الشرطة إلى موقع خدمته في المقاطعة الشرقية. تلا رئيسه أمامه وأمام جميع جنوده لائحة اتهامٍ ضده بتهمة الفساد أثناء تأدية واجبه هناك.
حين سمع هذا، أغمض رالف عينيه خجلًا وخفَض رأسه أكثر. شعر تاليس ببعض الحرج.
جاء صوت الكونت كاسو من الخارج قائلًا، “أعتذر لمقاطعة حديثكما، الأمير تاليس والآرشيدوقة كورليوني، غير أن… ردّ إكستيدت قد وصل… أسرع مما توقعنا.”
كاد أن ينسى أن رالف عاش حياته داخل عصابة. كان تاليس، الذي اعتاد كونه متسولًا في طفولته، يعلم أنّ أغلب من ينخرطون في العصابات قد عانوا حياةً بائسة. لم يُتح لهم أن يتلقوا تعليمًا لائقًا، إذ كانوا يقضون أيامهم يكافحون لكسب لقمة العيش عبر أعمالٍ غير قانونية.
كان صوته جليديًّا وهو يقول: “تكلّم. ما الأمر السخيف الذي قامت به أختي العزيزة الحمقاء ذات الاثني عشر عامًا هذه المرة؟”
لكن في اللحظة التالية، ولدهشة تاليس، عضّ رالف على أسنانه واتّكأ بصعوبةٍ على عكّازه، ثم انخفض بجسده المشوّه أمام تاليس الضعيف الصغير…
كان رالف ذات يوم أمل عصابة قوارير الدم، الوحيد من مستوى الفئة العليا بين ‘الاثني عشر الأقوى’. وبعد أن اجتاز الجحيم واليأس، التقى تاليس مجددًا بعد شهرٍ من الفراق.
وانحنى انحناءةً عميقة.
حتى دخل المدينة مصادفةً، جائعًا حدّ الدوار، وأقدامه تقوده بغير وعي نحو مكتب التجنيد العسكري.
تنهد تاليس. “حسنًا، لقد تلقيتُ شكرك.”
انحنى آشفورد قليلًا، “العذر الذي أعلنته أمام العامة هو رغبتها في مساعدة الناس المتضررين من الطاعون. غير أن خادمك المتواضع يشتبه بأنها عثرت على معلومات عن تلك المنظمة.”
رفع رالف رأسه، وجسده ما زال يرتجف. حدّق في تاليس بعينين تلمعان ببريق.
تأمل زاين كبير خدمه العجوز لثوانٍ بصمت.
“ما خططك بعد هذا؟ هل لديك مكانٌ آخر تذهب إليه؟ لا أظن أنّ عودتك إلى عصابة قوارير الدم خيارٌ حكيم…”
أشرق بريق في عيني رالف.
ارتعش رالف قليلًا.
لاذ آشفورد بالصمت. وبعد مضي أكثر من عشر ثوانٍ، اطلق زاين تنهيدة ثقيلة.
“العودة إلى عصابة قوارير الدم؟ إلى جناحي الأخت الكبرى… كاثرين؟” نظر إلى ساقيه، وانعكست على وجهه ملامح الألم. “ثم هناك نيكولاي…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أومأ آشفورد قليلًا، “من الواضح أنه جنديّ متميّز قويّ الإرادة. إن كان هناك ما يجعله يلتزم الصمت مهما كان، فلا شك أنه مرتبط بما عاشه في خدمته العسكرية.
حين تذكّر عدوه الذي غدر به وطعنه من الخلف، تألّقت عينا رالف بنورٍ حاد. وبعد ثوانٍ، أطلق زفرةً مستخدمًا قدرته النفسية، وهزّ رأسه بيأس.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com هزّ زاين رأسه مبتسمًا بسخريةٍ خافتة. “همف، أخشى أن الكنز الملكي المزعوم الذي فُقد من قاعة مينديس لم يكن سوى ذلك الأمير الجديد نفسه! نيكولاي قبض على ذلك الفتى وأحضره إلى قصر الكرمة… ولهذا السبب اقتحموا المكان سرًّا ليستعيدوه!”
حدق فيه تاليس بتركيز.
تدحرجت عينا أمير الكوكبة إلى الأعلى مجددًا.
“إذًا حسنًا.” أطلق الأمير ابتسامة. “يمكنك البقاء عندي مؤقتًا… أعتقد أنّنا قادرون على إعالتك.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “ذلك كافٍ.” أومأ تاليس ونظر إلى رالف. “خلال هذه الأيام، تعال إلى غرفة دراستي في النهار.”
أشرق بريق في عيني رالف.
حينها فقط، رأى الدوق مسجّى بهدوءٍ بين أفراد حرسه الشخصي. وبين عويل الكتيبة المفعم بالندم والغضب، أوصاهم بصدقٍ قائلاً: “اعتنوا بأنفسكم.” ثم ابتسم، والدموع تترقرق في عينيه، وأغمض جفنيه ورحل إلى الأبد.
ذلك الصبي… ليس منقذه فحسب، بل يحمل أيضًا مكانةً مؤثرة في المجتمع…
كان يشعر أن صموده، وعناده، وصمته، بل وجراحه التي غطّت جسده حتى كاد يفقد حياته، لم تكن سوى كفارةٍ.
استدار تاليس نحو الكونت كاسو. “غيلبرت، كم تبقّى لدينا من وقت قبل أن نغادر إلى إكستيدت؟”
“آشفورد، هل تدرك أننا أمسكنا بمصير المملكة بين أيدينا مرتين؟ مرتين!” رفع زاين رأسه وأغمض عينيه بقوة. “وفي كل مرة… تركناه يفلت من بين أصابعنا.”
“الأمر يعتمد على المدة التي يستغرقها الغراب الرسول في الوصول والتواصل مع مدينة سحب التنين. على الأقل ثلاثة أيام، وأقصاها أسبوع، يا صاحب السمو.” تحدث غيلبرت.
تحركت نظرات زاين ببطءٍ، متأملًا، وكأنه يغوص في أعماق التفكير.
“ذلك كافٍ.” أومأ تاليس ونظر إلى رالف. “خلال هذه الأيام، تعال إلى غرفة دراستي في النهار.”
“نحن نعلم أنك تعلم شيئًا. جميع جنودك قالوا إنهم لم يحملوا رايةً ولا شعارًا. إذًا، هل كانوا أشخاصًا تعرفهم؟ ربما رفاقًا قدامى؟ أصدقاء كنت مستعدًا أن تموت لأجلهم؟”
بدت الدهشة على ملامح رالف.
لكنه في النهاية لم يُفصح عن أفكاره.
ذلك الفتى الواثق المتفائل، الذي منحه الخيار بين ‘الحرية’ و’النضال’ حين كان على حافة اليأس، ابتسم قائلًا, “سأعلّمك القراءة والكتابة، وكيفية التخاطب بإشارات اليدين.”
رمق آشفورد سيده بنظرة فاحصة، بدا كمن يريد أن يتابع الحديث، لكنه تردد.
….
وحين ابتعد الخادم، ارتجف زاين وهو يتشبث بعمود رخامي.
في زنزانة قصر الكرمة، كان جينارد، قائد فرقة الدفاع التابعة لمركز شرطة المقاطعة الشرقية البالغ من العمر إحدى وثلاثين سنة، ممدّدًا على الأرض.
أومأت سيرينا وابتسمت ابتسامة غامضة.
كان يلهث، وجسده مثخنٌ بالجراح، وقد كبّلته سلاسل ثقيلة تمنعه من الحركة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الفصل 76: برفقتك
لكن صوتًا في أعماقه كان يهمس له ألّا… ألّا يفتح فمه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “ما خططك بعد هذا؟ هل لديك مكانٌ آخر تذهب إليه؟ لا أظن أنّ عودتك إلى عصابة قوارير الدم خيارٌ حكيم…”
مهما عذّبه أتباع هؤلاء النبلاء العظام أو ضربوه، مهما هدّدوه أو حاولوا إغراؤه…
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
ومهما رغبوا في معرفة خلفية أولئك الفرسان الذين ظهروا خارج قصر الكرمة تلك الليلة في المقاطعة الشرقية…
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “لقد حصلت على الجواب. أولئك الفرسان ينتمون إلى عائلة جيدستار.”
وجب عليه أن يُبقي فمه مغلقًا.
أعتقد أنه بخبرته الطويلة في الكتيبة والحملات العسكرية، أدرك خلفية أولئك الفرسان عديمي الراية. وبفضل الأُخوّة التي جمعته برجال عائلة جيدستار أثناء وجوده في اللواء، فقد أصرّ على حماية هويتهم.”
بعد انتهاء المؤتمر الوطني، أُعفي جينارد من مهامه في ساحة النجم. وفي اليوم التالي، جاء رئيسه مع مجموعة من رجال الشرطة إلى موقع خدمته في المقاطعة الشرقية. تلا رئيسه أمامه وأمام جميع جنوده لائحة اتهامٍ ضده بتهمة الفساد أثناء تأدية واجبه هناك.
ارتعش رالف قليلًا.
تنفّس جينارد بعمق.
التفت زاين نحو آشفورد.
لم يكن لأنّ التهمة باطلة، بل لأنّ قبول الرشى من النبلاء في المقاطعة الشرقية كان عادةً شائعة وممارسةً مألوفة منذ زمن بعيد.
تنهد تاليس. “حسنًا، لقد تلقيتُ شكرك.”
كلّ جنديّ في فرقة الدفاع، بل حتى رجال الشرطة، اعتادوا أخذ مثل هذه «العطايا». وكان مركز الشرطة على علمٍ بذلك، إذ كانوا يقتطعون نصيبهم من الأرباح. وكانت تلك العلاوات هي الدخل الإضافي الوحيد الذي يقدّمه جينارد لجنوده ذوي الأجور الزهيدة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان يعلم أيضًا أنه عاجزٌ الآن عن الكلام.
فلماذا هو وحده من وُشي به؟ ارتسمت الدهشة على وجوه جنوده.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ظلّ جينارد صامتًا، شفاهه مطبقة بإحكام.
لكن جينارد، الذي قضى اثني عشر عامًا في المقاطعة الشرقية، أدرك أنّه لا بدّ أنه اغضب شخصًا ذا شأنٍ رفيع.
كان صوته يغلي بالغضب والحنق. “أيُّ مصيبة أخرى تريد أن تجلبها لعائلة كوڤندير؟!”
تحت نظرات الكراهية من عشرة ضباط شرطة، لم يملك سوى أن يعطي سيفه العزيز _الذي احتفظ به اثني عشر عامًا ولم يفارقه قط_ إلى أكثر جنوده وعدًا بالمستقبل.
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
ذلك السيف كان هدية تلقّاها من دوق بحيرة النجم بعد الإنسحاب العظيم من ممر والا، إذ قال له الدوق مازحًا، “خُذه بدلًا من كيس الطحين الذي في يدك. بفضلك سنحظى بوجبةٍ طيبة.” وكان يحمل شعار النجمة التساعية.
لم يكن لأنّ التهمة باطلة، بل لأنّ قبول الرشى من النبلاء في المقاطعة الشرقية كان عادةً شائعة وممارسةً مألوفة منذ زمن بعيد.
قُيّد يديه ورجليه، وغُطّي رأسه، ونُقل بعربة إلى قصرٍ مجهول.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الفصل 76: برفقتك
دارت العربة كثيرًا، لكن جينارد، الذي اعتاد التجوّل في المقاطعة الشرقية أكثر من عشر سنوات، وبحكم عادته القديمة من أيامه في لواء ضوء النجم في مراقبة الطرق وحفظها، أدرك في النهاية أنهم أوصلوه إلى قصر عائلة كوڤندير الذي كان يمرّ به ثلاث مراتٍ كلّ يومٍ أثناء دورياته.
تحت نظرات الكراهية من عشرة ضباط شرطة، لم يملك سوى أن يعطي سيفه العزيز _الذي احتفظ به اثني عشر عامًا ولم يفارقه قط_ إلى أكثر جنوده وعدًا بالمستقبل.
قضت مجموعة من الرجال – الذين بدا أنهم كانوا جنودًا سابقين – يومين كاملين في تعذيبه، لا لشيء سوى لمعرفة أمر أولئك الفرسان الذين اقتحموا المقاطعة الشرقية تلك الليلة، وربما تسللوا إلى قصر كوڤندير…
وانحنى انحناءةً عميقة.
أرادوا أن يعرفوا أصل أولئك الفرسان.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com عند سماع ذلك، انحنى آشفورد بعمق وقال بحذر، “الآنسة هيل غادرت بالفعل إلى دوقية سيرا قبل خمسة أيام، برفقة اللورد كاساين لحمايتها. لم يجرؤ أيٌّ من الخدم على إيقافها.”
لكن جينارد لم يكن ليستطيع البوح بشيء. لم يكن يجوز له ذلك.
ذلك السيف كان هدية تلقّاها من دوق بحيرة النجم بعد الإنسحاب العظيم من ممر والا، إذ قال له الدوق مازحًا، “خُذه بدلًا من كيس الطحين الذي في يدك. بفضلك سنحظى بوجبةٍ طيبة.” وكان يحمل شعار النجمة التساعية.
لأنّ أولئك الفرسان… كانوا تحت راية النجمة التساعية. إنهم من العائلة الملكية جيدستار.
ذلك كان شعار جون، دوق بحيرة النجم. شعار لواء ضوء النجم. الشعار الذي قاتل تحته جينارد الأحمق قديمًا، مدفوعًا بحرارة الحماسة والطهر.
ذلك كان شعار جون، دوق بحيرة النجم. شعار لواء ضوء النجم. الشعار الذي قاتل تحته جينارد الأحمق قديمًا، مدفوعًا بحرارة الحماسة والطهر.
دارت العربة كثيرًا، لكن جينارد، الذي اعتاد التجوّل في المقاطعة الشرقية أكثر من عشر سنوات، وبحكم عادته القديمة من أيامه في لواء ضوء النجم في مراقبة الطرق وحفظها، أدرك في النهاية أنهم أوصلوه إلى قصر عائلة كوڤندير الذي كان يمرّ به ثلاث مراتٍ كلّ يومٍ أثناء دورياته.
تحت تلك الراية كان رفاقه في القتال!
…..
قبل اثني عشر عامًا، كان يجوب الأراضي المدمّرة بالحروب في غيبوبةٍ من الألم. عانى البرد والجوع والعذاب واليأس، وشهد القتل والحرق والاغتصاب والنهب كلّ يومٍ كأنه طيفٌ بلا روح.
كفارةٌ لذنبٍ لطالما نهش روحه بالإثم والندم واللوم طوال اثني عشر عامًا. وكأنّ ما يفعله الآن هو محاولةٌ متأخرة لتطهير نفسه، بعد اثني عشر عامًا من البلادة وفقدان الرغبة في الحياة.
حتى دخل المدينة مصادفةً، جائعًا حدّ الدوار، وأقدامه تقوده بغير وعي نحو مكتب التجنيد العسكري.
(أيتها الساحرة الشمطاء الماكرة، لا تتركي فرصة دون أن تستغليها لنفعك…)
هناك التقى بالدوق الذكي المتفائل الواثق، دوق بحيرة النجم، وبـ لواء ضوء النجم.
من دون أن يبدُو عليها الخجل — بل كان يشكّ انها كانت تملك أصلًا أي قدر من الخجل — قاطعته سيرينا وتابعت الحديث: “والآن، سننتظر الوقت الذي تُتوَّج فيه ملكًا، ثم يمكنك أن تساعدني على استعادة عرشي. لا تقلق، سأبذل كل ما في وسعي لمساعدتك.”
كان آنذاك شابًا في التاسعة عشرة، فتى قرويًّا بسيطًا يتعرّض للاضطهاد، جاهلًا لا يملك سبيلًا للبقاء. وفي لواء ضوء النجم، تعلّم لأول مرةٍ معنى العمل الجماعي، وفهم معنى التضحية، وتذوّق طعم القبول والثناء، وتعلّم القراءة والكتابة، ورفع سيفه هاتفًا في لحظة النصر، وغنّى حول نار المخيّم، واتّخذ القرار بأن يكون الحارس الأخير لرفاقه.
أشرق بريق في عيني رالف.
هناك أدرك لأول مرةٍ أنّ في هذا العالم ما هو أسمى من مجرّد الشبع والبقاء حيًّا.
قال آشفورد بوجهٍ بلا تعبير، “هناك أمور يمكن معرفة إجاباتها حتى لو لم يتكلم الطرف الآخر. كان جينارد في لواء ضوء النجم، وعضوًا في الحرس الشخصي لـ جون جيدستار، دوق بحيرة النجم، وملك الحرب النجمية. وبعد أن فككت سونيا ساسير لواء ضوء النجم، كان من بين من رفضوا الانتقال شمالًا إلى حصن التنين المحطم، فتقاعد وأصبح ضابط شرطة.”
هناك، شعر أنه صار إنسانًا بحق، لا وحشًا همجيًا لا همَّ له سوى البحث عن الطعام وإشباع جوعه.
….
كانت فرقة الحرس الشخصي للدوق ولواء ضوء النجم هي منزله، مأواه، وكلّ ما يملكه في حياته. المكان الذي ظنّ أنه سيقاتل فيه بشجاعة حتى آخر أنفاسه.
رفع رالف رأسه، وجسده ما زال يرتجف. حدّق في تاليس بعينين تلمعان ببريق.
حتى حلّت مأساة زودرا — تلك الخيانة المخزية الحقيرة، ذلك الغدر الدنيء المحتقر، تلك الطعنة الجبانة في الظهر.
“أُهنّئك، لقد صمدتَ حتى النهاية.” ابتسم تاليس وأومأ برأسه. “لم تدع هذا العالم الملعون يهزمك.”
حينها فقط، رأى الدوق مسجّى بهدوءٍ بين أفراد حرسه الشخصي. وبين عويل الكتيبة المفعم بالندم والغضب، أوصاهم بصدقٍ قائلاً: “اعتنوا بأنفسكم.” ثم ابتسم، والدموع تترقرق في عينيه، وأغمض جفنيه ورحل إلى الأبد.
استدار تاليس نحو الكونت كاسو. “غيلبرت، كم تبقّى لدينا من وقت قبل أن نغادر إلى إكستيدت؟”
كانت تلك… خطيئة الحرس الشخصي. كانت ذنبهم.
قاعة مينديس، القبو.
(لو أننا أدركنا في وقتٍ أبكر… لو أنني تحركتُ أسرع قليلًا… لما كان الدوق… لما كان منزلنا…)
(لو أننا أدركنا في وقتٍ أبكر… لو أنني تحركتُ أسرع قليلًا… لما كان الدوق… لما كان منزلنا…)
ولذلك، حين كان جينارد يتلقى الإهانات الوقحة من جنود العائلة النبيلة، ويُستجوَب ويُضرَب ويُهدَّد كي يُفشي هوية أولئك الفرسان الذين قاتلوا تحت راية النجمة التساعية…
كلّ جنديّ في فرقة الدفاع، بل حتى رجال الشرطة، اعتادوا أخذ مثل هذه «العطايا». وكان مركز الشرطة على علمٍ بذلك، إذ كانوا يقتطعون نصيبهم من الأرباح. وكانت تلك العلاوات هي الدخل الإضافي الوحيد الذي يقدّمه جينارد لجنوده ذوي الأجور الزهيدة.
كان يشعر أن صموده، وعناده، وصمته، بل وجراحه التي غطّت جسده حتى كاد يفقد حياته، لم تكن سوى كفارةٍ.
ضيّق تاليس عينيه وقال باستسلام، “هذا مبالغ فيه قليلًا… فالمسافة من هنا إلى ساحة النجم… على أية حال، تحالفنا خطا خطوة أخرى نحو هدفه.”
كفارةٌ لذنبٍ لطالما نهش روحه بالإثم والندم واللوم طوال اثني عشر عامًا. وكأنّ ما يفعله الآن هو محاولةٌ متأخرة لتطهير نفسه، بعد اثني عشر عامًا من البلادة وفقدان الرغبة في الحياة.
لاذ آشفورد بالصمت. وبعد مضي أكثر من عشر ثوانٍ، اطلق زاين تنهيدة ثقيلة.
كلّ ذلك من أجل المكان الذي كان يومًا منزله. ومن أجل واجبه كعضوٍ في الحرس الشخصي للدوق الذي رحل جسده، لكنه سيبقى خالدًا في ذاكرته.
ولذلك، حين كان جينارد يتلقى الإهانات الوقحة من جنود العائلة النبيلة، ويُستجوَب ويُضرَب ويُهدَّد كي يُفشي هوية أولئك الفرسان الذين قاتلوا تحت راية النجمة التساعية…
“سيدي فقط يريد أن يتحقق من بعض الأمور.” جاء صوت رجلٍ مسنٍّ ذي شعرٍ أبيض من وراء باب الزنزانة، هادئًا متزنًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بعد انتهاء المؤتمر الوطني، أُعفي جينارد من مهامه في ساحة النجم. وفي اليوم التالي، جاء رئيسه مع مجموعة من رجال الشرطة إلى موقع خدمته في المقاطعة الشرقية. تلا رئيسه أمامه وأمام جميع جنوده لائحة اتهامٍ ضده بتهمة الفساد أثناء تأدية واجبه هناك.
“إنه يريد فقط معرفة هوية أولئك الفرسان، لا أكثر. أقسم بشرف سيدي أنه لا ينوي إيذاءهم.”
….
ضغط جينارد أسنانه بصمتٍ وامتنع عن الرد.
وجب عليه أن يُبقي فمه مغلقًا.
“من سيرى عنادك؟ وبالمثل، من سيرى ضعفك؟ يكفي أن تخبرنا بشيءٍ بسيط… مجرد القليل… لن يعلم أحد.”
قال غيلبرت متنهّدًا، “لقد حاولنا. لكنه أُمّي. لا يعرف الكتابة، حتى اسمه لا يستطيع كتابته، عدا الأرقام.”
ظلّ جينارد صامتًا، شفاهه مطبقة بإحكام.
لكنه في النهاية لم يُفصح عن أفكاره.
“نحن نعلم أنك تعلم شيئًا. جميع جنودك قالوا إنهم لم يحملوا رايةً ولا شعارًا. إذًا، هل كانوا أشخاصًا تعرفهم؟ ربما رفاقًا قدامى؟ أصدقاء كنت مستعدًا أن تموت لأجلهم؟”
“من سيرى عنادك؟ وبالمثل، من سيرى ضعفك؟ يكفي أن تخبرنا بشيءٍ بسيط… مجرد القليل… لن يعلم أحد.”
لكنّ جينارد بقي صامتًا. تنهد العجوز ذو الشعر الأبيض وغادر الزنزانة.
التفت زاين نحو آشفورد.
أرخى جينارد فكه المتيبس، ووقع على الأرض يلهث بأنفاسٍ متقطعة. لقد صمد مرةً أخرى.
“إذًا، الجهة الوحيدة التي تنطبق عليها تلك الصفات هي الجيش الخاص لعائلة جيدستار في قاعة مينديس. وبعد ما حدث بالأمس، عاد الأمير الجديد مباشرةً إلى قاعة مينديس أمام أعين الجميع… إذًا، ذلك هو الكنز الملكي المفقود من القاعة؟”
لكنه لم يكن يعلم أنّ آشفورد، كبير خدم عائلة كوڤندير، كان يصعد إلى الطابق الأعلى من قصر الكرمة. انحنى باحترامٍ أمام سيده الشاب، زاين كوڤندير، دوق الساحل الجنوبي.
حين تذكّر عدوه الذي غدر به وطعنه من الخلف، تألّقت عينا رالف بنورٍ حاد. وبعد ثوانٍ، أطلق زفرةً مستخدمًا قدرته النفسية، وهزّ رأسه بيأس.
“لقد حصلت على الجواب. أولئك الفرسان ينتمون إلى عائلة جيدستار.”
“سأذهب معك.”
استدار زاين عن النافذة التي تعبق برائحة الدم، وعلى وجهه ملامح تفكيرٍ عميق.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com سيرينا، ذات الشعر الفضي والعينين الحمراوين، الصغيرة الهاربة من مملكة الليل والتي تجاوز عمرها الأربعمائة عام، نظرت إلى تاليس بنظرة معقدة.
“كنت أظن أنه رفض الكلام مهما حدث؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ثم أسند رأسه عليه وزفر بأنينٍ عميق.
قال آشفورد بوجهٍ بلا تعبير، “هناك أمور يمكن معرفة إجاباتها حتى لو لم يتكلم الطرف الآخر. كان جينارد في لواء ضوء النجم، وعضوًا في الحرس الشخصي لـ جون جيدستار، دوق بحيرة النجم، وملك الحرب النجمية. وبعد أن فككت سونيا ساسير لواء ضوء النجم، كان من بين من رفضوا الانتقال شمالًا إلى حصن التنين المحطم، فتقاعد وأصبح ضابط شرطة.”
ولذلك، حين كان جينارد يتلقى الإهانات الوقحة من جنود العائلة النبيلة، ويُستجوَب ويُضرَب ويُهدَّد كي يُفشي هوية أولئك الفرسان الذين قاتلوا تحت راية النجمة التساعية…
تحركت نظرات زاين ببطءٍ، متأملًا، وكأنه يغوص في أعماق التفكير.
أرادوا أن يعرفوا أصل أولئك الفرسان.
أومأ آشفورد قليلًا، “من الواضح أنه جنديّ متميّز قويّ الإرادة. إن كان هناك ما يجعله يلتزم الصمت مهما كان، فلا شك أنه مرتبط بما عاشه في خدمته العسكرية.
مهما عذّبه أتباع هؤلاء النبلاء العظام أو ضربوه، مهما هدّدوه أو حاولوا إغراؤه…
أعتقد أنه بخبرته الطويلة في الكتيبة والحملات العسكرية، أدرك خلفية أولئك الفرسان عديمي الراية. وبفضل الأُخوّة التي جمعته برجال عائلة جيدستار أثناء وجوده في اللواء، فقد أصرّ على حماية هويتهم.”
التفت زاين نحو آشفورد.
تأمل زاين كبير خدمه العجوز لثوانٍ بصمت.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “قبل أن أغادر، سأوكلكم إلى… همم، والدي…” انتقى تاليس كلماته بعناية.
ثم تنهد أخيرًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع آشفورد نظره نحوه، في عينيه لمحة استغراب.
“إذًا، الجهة الوحيدة التي تنطبق عليها تلك الصفات هي الجيش الخاص لعائلة جيدستار في قاعة مينديس. وبعد ما حدث بالأمس، عاد الأمير الجديد مباشرةً إلى قاعة مينديس أمام أعين الجميع… إذًا، ذلك هو الكنز الملكي المفقود من القاعة؟”
“إذًا، الجهة الوحيدة التي تنطبق عليها تلك الصفات هي الجيش الخاص لعائلة جيدستار في قاعة مينديس. وبعد ما حدث بالأمس، عاد الأمير الجديد مباشرةً إلى قاعة مينديس أمام أعين الجميع… إذًا، ذلك هو الكنز الملكي المفقود من القاعة؟”
هزّ زاين رأسه مبتسمًا بسخريةٍ خافتة. “همف، أخشى أن الكنز الملكي المزعوم الذي فُقد من قاعة مينديس لم يكن سوى ذلك الأمير الجديد نفسه! نيكولاي قبض على ذلك الفتى وأحضره إلى قصر الكرمة… ولهذا السبب اقتحموا المكان سرًّا ليستعيدوه!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com عند سماع ذلك، انحنى آشفورد بعمق وقال بحذر، “الآنسة هيل غادرت بالفعل إلى دوقية سيرا قبل خمسة أيام، برفقة اللورد كاساين لحمايتها. لم يجرؤ أيٌّ من الخدم على إيقافها.”
“آشفورد، هل تدرك أننا أمسكنا بمصير المملكة بين أيدينا مرتين؟ مرتين!” رفع زاين رأسه وأغمض عينيه بقوة. “وفي كل مرة… تركناه يفلت من بين أصابعنا.”
“نحن نعلم أنك تعلم شيئًا. جميع جنودك قالوا إنهم لم يحملوا رايةً ولا شعارًا. إذًا، هل كانوا أشخاصًا تعرفهم؟ ربما رفاقًا قدامى؟ أصدقاء كنت مستعدًا أن تموت لأجلهم؟”
خفض آشفورد رأسه بهدوء، ولم ينطق بكلمة.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
مرّ زمنٌ صامت.
بدأ صوت تاليس يخفت تدريجيًا.
ثم قال زاين بصوتٍ بارد: “عالجوا جراح ذلك الجندي من لواء ضوء النجم.”
بدأ صوت تاليس يخفت تدريجيًا.
رفع آشفورد نظره نحوه، في عينيه لمحة استغراب.
كان آنذاك شابًا في التاسعة عشرة، فتى قرويًّا بسيطًا يتعرّض للاضطهاد، جاهلًا لا يملك سبيلًا للبقاء. وفي لواء ضوء النجم، تعلّم لأول مرةٍ معنى العمل الجماعي، وفهم معنى التضحية، وتذوّق طعم القبول والثناء، وتعلّم القراءة والكتابة، ورفع سيفه هاتفًا في لحظة النصر، وغنّى حول نار المخيّم، واتّخذ القرار بأن يكون الحارس الأخير لرفاقه.
“أتعلم… مهما كان الأمر، فإنني أدين لذلك الفتى بشيء…” قبض زاين كفيه بقوة، واشتعل الغضب في عينيه. “ولا أريد أن أتردد حين يحين وقت مواجهته.”
توقف زاين عن السير. استنشق الدوق الشاب نفسًا عميقًا، كأنه يتهيأ لسماع ما لا يُسرّ.
ثم استدار وغادر القصر المفعم برائحة الدماء دون تردّد.
لأنّ أولئك الفرسان… كانوا تحت راية النجمة التساعية. إنهم من العائلة الملكية جيدستار.
“هل كنت تعلم، يا سيدي؟”
“نحن نعلم أنك تعلم شيئًا. جميع جنودك قالوا إنهم لم يحملوا رايةً ولا شعارًا. إذًا، هل كانوا أشخاصًا تعرفهم؟ ربما رفاقًا قدامى؟ أصدقاء كنت مستعدًا أن تموت لأجلهم؟”
وراءه، ابتسم آشفورد ابتسامة غامضة، “أصبحتَ تشبه الدوق السابق أكثر فأكثر.”
بدت الدهشة على ملامح رالف.
دون أن يدير رأسه، أجاب زاين باحتقار، “وتريدني أن أكون أحمق مثله، تُدبَّر ضدي المؤامرات من أقاربي لأُذبح في غرفة نومي دون أن أدرك ذلك؟”
ثم استدار وغادر القصر المفعم برائحة الدماء دون تردّد.
هزّ آشفورد رأسه قليلًا وتنهد بعمق، ثم خفّض رأسه وأبلغ خبرًا آخر. “سيدي، وصلت أنباء من مدينة اليشم… السيدة هيل…”
لكن في اللحظة التالية، ولدهشة تاليس، عضّ رالف على أسنانه واتّكأ بصعوبةٍ على عكّازه، ثم انخفض بجسده المشوّه أمام تاليس الضعيف الصغير…
رمق آشفورد سيده بنظرة فاحصة، بدا كمن يريد أن يتابع الحديث، لكنه تردد.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لكن جينارد، الذي قضى اثني عشر عامًا في المقاطعة الشرقية، أدرك أنّه لا بدّ أنه اغضب شخصًا ذا شأنٍ رفيع.
توقف زاين عن السير. استنشق الدوق الشاب نفسًا عميقًا، كأنه يتهيأ لسماع ما لا يُسرّ.
“إنه يريد فقط معرفة هوية أولئك الفرسان، لا أكثر. أقسم بشرف سيدي أنه لا ينوي إيذاءهم.”
كان صوته جليديًّا وهو يقول: “تكلّم. ما الأمر السخيف الذي قامت به أختي العزيزة الحمقاء ذات الاثني عشر عامًا هذه المرة؟”
ذلك كان شعار جون، دوق بحيرة النجم. شعار لواء ضوء النجم. الشعار الذي قاتل تحته جينارد الأحمق قديمًا، مدفوعًا بحرارة الحماسة والطهر.
عند سماع ذلك، انحنى آشفورد بعمق وقال بحذر، “الآنسة هيل غادرت بالفعل إلى دوقية سيرا قبل خمسة أيام، برفقة اللورد كاساين لحمايتها. لم يجرؤ أيٌّ من الخدم على إيقافها.”
هزّ آشفورد رأسه قليلًا وتنهد بعمق، ثم خفّض رأسه وأبلغ خبرًا آخر. “سيدي، وصلت أنباء من مدينة اليشم… السيدة هيل…”
التفت زاين نحو آشفورد.
تحركت نظرات زاين ببطءٍ، متأملًا، وكأنه يغوص في أعماق التفكير.
بدت على وجهه ملامح الحيرة، وقطّب حاجبيه، “سيرا؟ دوقية سيرا التي تفككت وعمّتها الفوضى بعد اغتيال الآرشيدوق؟ أليست تلك المنطقة مصابة بطاعون مؤخرًا؟”
لكنّ جينارد بقي صامتًا. تنهد العجوز ذو الشعر الأبيض وغادر الزنزانة.
انحنى آشفورد قليلًا، “العذر الذي أعلنته أمام العامة هو رغبتها في مساعدة الناس المتضررين من الطاعون. غير أن خادمك المتواضع يشتبه بأنها عثرت على معلومات عن تلك المنظمة.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تحت تلك الراية كان رفاقه في القتال!
“تلك المنظمة؟”
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
تجمّد وجه زاين فورًا، وتشنّجت ملامحه، كأنه يتذكر أمرًا لا يُحتمل…
“إنه يريد فقط معرفة هوية أولئك الفرسان، لا أكثر. أقسم بشرف سيدي أنه لا ينوي إيذاءهم.”
إلى أن انفجر فجأة، “أوَ لم يكفي أنها تسببت في مقتل والديها؟!”
(بل على العكس، منافستها وخصمها، المُنتَحِبة تلك، أو ملكة الليل… هي التي ينبغي أن تقلقي بشأنها، لا أنا…)
كان صوته يغلي بالغضب والحنق. “أيُّ مصيبة أخرى تريد أن تجلبها لعائلة كوڤندير؟!”
وانحنى انحناءةً عميقة.
لاذ آشفورد بالصمت. وبعد مضي أكثر من عشر ثوانٍ، اطلق زاين تنهيدة ثقيلة.
حتى دخل المدينة مصادفةً، جائعًا حدّ الدوار، وأقدامه تقوده بغير وعي نحو مكتب التجنيد العسكري.
وفي النهاية لوّح بيده مشيرًا إلى إصدار أمر. “أرسلوا مزيدًا من الرجال، وتأكّدوا من سلامتها.” أطبق زاين جفنيه بإحكام، وشد على أسنانه قائلًا بغضب: “وتأكّدوا أيضًا أن هويتها تبقى سرًّا… يجب ألا تُكشف أبدًا، أبدًا، أبدًا…”
رمق آشفورد سيده بنظرة فاحصة، بدا كمن يريد أن يتابع الحديث، لكنه تردد.
اهتز صوته، وكرّر كلمة “أبدًا” ثلاث مرات.
انحنى آشفورد قليلًا، “العذر الذي أعلنته أمام العامة هو رغبتها في مساعدة الناس المتضررين من الطاعون. غير أن خادمك المتواضع يشتبه بأنها عثرت على معلومات عن تلك المنظمة.”
أومأ آشفورد بخفة، وغادر قاعة القصر قبل سيده بتروٍّ.
“ثم إن الحلفاء لا ينبغي أن يكونوا متباعدين عن بعضهم كثيرًا… ما زلت بحاجة إلى ضمان سلامتك.”
وحين ابتعد الخادم، ارتجف زاين وهو يتشبث بعمود رخامي.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (معي؟ لتضمني سلامتي؟ بل لتضمني سلامتك أنتِ!)
طَخ!
“ثم إن الحلفاء لا ينبغي أن يكونوا متباعدين عن بعضهم كثيرًا… ما زلت بحاجة إلى ضمان سلامتك.”
هوى بقبضته على العمود بقوة!
كان صوته يغلي بالغضب والحنق. “أيُّ مصيبة أخرى تريد أن تجلبها لعائلة كوڤندير؟!”
ثم أسند رأسه عليه وزفر بأنينٍ عميق.
رمق آشفورد سيده بنظرة فاحصة، بدا كمن يريد أن يتابع الحديث، لكنه تردد.
(التهاون والإخفاق السابق… لا يمكن أن يتكررا ثانية… يجب ألا أفشل… لا يجوز لي أن أفشل! عليَّ أن أصبح ملكًا. يجب أن أصبح. فقط حين أبلغ العرش، حين أقبض على كل سلطة في الكوكبة… وإلا… هيل… من في هذا العالم يمكنه حمايتك؟ من يمكنه أن يحمي… شخصًا مثلك؟)
تابع تاليس الإيماء وهو يحاول التفكير بما يقول تاليًا. “… فأنتِ، بعد كل شيء، شخصية مهمة من حكومة مملكة أخرى، ولن يكون أبي مضيفًا سيئًا بالتأكيد…”
…..
حينها فقط، رأى الدوق مسجّى بهدوءٍ بين أفراد حرسه الشخصي. وبين عويل الكتيبة المفعم بالندم والغضب، أوصاهم بصدقٍ قائلاً: “اعتنوا بأنفسكم.” ثم ابتسم، والدموع تترقرق في عينيه، وأغمض جفنيه ورحل إلى الأبد.
قاعة مينديس، القبو.
أشرق بريق في عيني رالف.
“تهانينا، يا أميـري، الأمير تاليس، الأمير الثاني.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تجمّد وجه زاين فورًا، وتشنّجت ملامحه، كأنه يتذكر أمرًا لا يُحتمل…
سيرينا، ذات الشعر الفضي والعينين الحمراوين، الصغيرة الهاربة من مملكة الليل والتي تجاوز عمرها الأربعمائة عام، نظرت إلى تاليس بنظرة معقدة.
حتى حلّت مأساة زودرا — تلك الخيانة المخزية الحقيرة، ذلك الغدر الدنيء المحتقر، تلك الطعنة الجبانة في الظهر.
“لقد سمعنا بوضوح الهتافات تعلو من ساحة النجم.”
ذلك الفتى الواثق المتفائل، الذي منحه الخيار بين ‘الحرية’ و’النضال’ حين كان على حافة اليأس، ابتسم قائلًا, “سأعلّمك القراءة والكتابة، وكيفية التخاطب بإشارات اليدين.”
ضيّق تاليس عينيه وقال باستسلام، “هذا مبالغ فيه قليلًا… فالمسافة من هنا إلى ساحة النجم… على أية حال، تحالفنا خطا خطوة أخرى نحو هدفه.”
وانحنى انحناءةً عميقة.
من دون أن يبدُو عليها الخجل — بل كان يشكّ انها كانت تملك أصلًا أي قدر من الخجل — قاطعته سيرينا وتابعت الحديث: “والآن، سننتظر الوقت الذي تُتوَّج فيه ملكًا، ثم يمكنك أن تساعدني على استعادة عرشي. لا تقلق، سأبذل كل ما في وسعي لمساعدتك.”
“لقد سمعنا بوضوح الهتافات تعلو من ساحة النجم.”
تصلّب وجه تاليس تحت ضوء المصباح الأبدي.
مهما عذّبه أتباع هؤلاء النبلاء العظام أو ضربوه، مهما هدّدوه أو حاولوا إغراؤه…
(ستبذلين كل ما في وسعك لمساعدتي؟)
ولذلك، حين كان جينارد يتلقى الإهانات الوقحة من جنود العائلة النبيلة، ويُستجوَب ويُضرَب ويُهدَّد كي يُفشي هوية أولئك الفرسان الذين قاتلوا تحت راية النجمة التساعية…
( إنها تتحدث وكأنني لست الوريث الوحيد للمملكة، وكأنني لن أستطيع اعتلاء العرش دون عونها.)
مهما عذّبه أتباع هؤلاء النبلاء العظام أو ضربوه، مهما هدّدوه أو حاولوا إغراؤه…
(بل على العكس، منافستها وخصمها، المُنتَحِبة تلك، أو ملكة الليل… هي التي ينبغي أن تقلقي بشأنها، لا أنا…)
لكنه في النهاية لم يُفصح عن أفكاره.
شعر تاليس بالصداع يتسلّل إلى رأسه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com هناك أدرك لأول مرةٍ أنّ في هذا العالم ما هو أسمى من مجرّد الشبع والبقاء حيًّا.
(أيتها الساحرة الشمطاء الماكرة، لا تتركي فرصة دون أن تستغليها لنفعك…)
ذلك الصبي… ليس منقذه فحسب، بل يحمل أيضًا مكانةً مؤثرة في المجتمع…
(تتحدثين عن تتويجي وعودتك إلى العرش؟ يا شمطاء، ألا يمكننا عكس الترتيب؟)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (ستبذلين كل ما في وسعك لمساعدتي؟)
لكنه في النهاية لم يُفصح عن أفكاره.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com سيرينا، ذات الشعر الفضي والعينين الحمراوين، الصغيرة الهاربة من مملكة الليل والتي تجاوز عمرها الأربعمائة عام، نظرت إلى تاليس بنظرة معقدة.
تنحنح تاليس تظاهرًا، وقال، “إذًا، فلا بد أنكِ سمعتِ أنني سأغادر قريبًا إلى إكستيدت.”
قال آشفورد بوجهٍ بلا تعبير، “هناك أمور يمكن معرفة إجاباتها حتى لو لم يتكلم الطرف الآخر. كان جينارد في لواء ضوء النجم، وعضوًا في الحرس الشخصي لـ جون جيدستار، دوق بحيرة النجم، وملك الحرب النجمية. وبعد أن فككت سونيا ساسير لواء ضوء النجم، كان من بين من رفضوا الانتقال شمالًا إلى حصن التنين المحطم، فتقاعد وأصبح ضابط شرطة.”
أومأت سيرينا وابتسمت ابتسامة غامضة.
أشرق بريق في عيني رالف.
(هذا الفتى البشري… هل تظن أنني لا أعرف ما تُخطط له؟)
لكنه لم يكن يعلم أنّ آشفورد، كبير خدم عائلة كوڤندير، كان يصعد إلى الطابق الأعلى من قصر الكرمة. انحنى باحترامٍ أمام سيده الشاب، زاين كوڤندير، دوق الساحل الجنوبي.
“قبل أن أغادر، سأوكلكم إلى… همم، والدي…” انتقى تاليس كلماته بعناية.
ارتجف رالف قليلًا وفتح فمه فجأة. حلقه، الذي كان مزيجًا من اللحم والدم، ارتعش ارتعاشًا خفيفًا. لكنه لم يستطع سوى أن يتمتم بأصواتٍ غامضة غير مفهومة.
“سأذهب معك.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أومأ آشفورد قليلًا، “من الواضح أنه جنديّ متميّز قويّ الإرادة. إن كان هناك ما يجعله يلتزم الصمت مهما كان، فلا شك أنه مرتبط بما عاشه في خدمته العسكرية.
تابع تاليس الإيماء وهو يحاول التفكير بما يقول تاليًا. “… فأنتِ، بعد كل شيء، شخصية مهمة من حكومة مملكة أخرى، ولن يكون أبي مضيفًا سيئًا بالتأكيد…”
لأنّ أولئك الفرسان… كانوا تحت راية النجمة التساعية. إنهم من العائلة الملكية جيدستار.
“سأتبعك أنت فقط.”
كان صوته جليديًّا وهو يقول: “تكلّم. ما الأمر السخيف الذي قامت به أختي العزيزة الحمقاء ذات الاثني عشر عامًا هذه المرة؟”
بدأ صوت تاليس يخفت تدريجيًا.
أومأ آشفورد بخفة، وغادر قاعة القصر قبل سيده بتروٍّ.
“ماذا؟” قال وهو يقطب حاجبيه بحيرة.
حين سمع هذا، أغمض رالف عينيه خجلًا وخفَض رأسه أكثر. شعر تاليس ببعض الحرج.
“أقول إنني أريد أن أكون معك.” ابتسمت سيرينا، تلك الفتاة ذات العينين الحمراوين التي تبدو في السادسة أو السابعة من عمرها (“أه؟ ألم تكن تبدو في الخامسة أو السادسة آخر مرة رأيتها فيها؟ أيمكن أنها نمت قليلًا؟” – فكر تاليس) وفتحت فمها بلكنة طفولية: “ما زال هناك بند آخـر ينص على أنك يجب أن تزودني بالدم مرة في الشهر، أليس كذلك؟”
“لقد سمعنا بوضوح الهتافات تعلو من ساحة النجم.”
تنهّد تاليس في داخله.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان يلهث، وجسده مثخنٌ بالجراح، وقد كبّلته سلاسل ثقيلة تمنعه من الحركة.
“ثم إن الحلفاء لا ينبغي أن يكونوا متباعدين عن بعضهم كثيرًا… ما زلت بحاجة إلى ضمان سلامتك.”
وراءه، ابتسم آشفورد ابتسامة غامضة، “أصبحتَ تشبه الدوق السابق أكثر فأكثر.”
تدحرجت عينا أمير الكوكبة إلى الأعلى مجددًا.
لقد حدث ما كان يخشاه بالضبط، لكن في تلك اللحظة، دوى صوت غيلبرت من خلف الباب، “يوم سعيد لكم جميعًا… السير كورليوني، السير كورليوني، والسيدة كورليوني… أنتم حقًّا تتحملون المسؤولية بإخلاص. تشورا، خذ قسطًا من الراحة.”
(معي؟ لتضمني سلامتي؟ بل لتضمني سلامتك أنتِ!)
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
لقد حدث ما كان يخشاه بالضبط، لكن في تلك اللحظة، دوى صوت غيلبرت من خلف الباب، “يوم سعيد لكم جميعًا… السير كورليوني، السير كورليوني، والسيدة كورليوني… أنتم حقًّا تتحملون المسؤولية بإخلاص. تشورا، خذ قسطًا من الراحة.”
“سأذهب معك.”
بعد لحظات، دوّى طرق على باب القبو.
إلى أن انفجر فجأة، “أوَ لم يكفي أنها تسببت في مقتل والديها؟!”
جاء صوت الكونت كاسو من الخارج قائلًا، “أعتذر لمقاطعة حديثكما، الأمير تاليس والآرشيدوقة كورليوني، غير أن… ردّ إكستيدت قد وصل… أسرع مما توقعنا.”
تأمل زاين كبير خدمه العجوز لثوانٍ بصمت.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“ثم إن الحلفاء لا ينبغي أن يكونوا متباعدين عن بعضهم كثيرًا… ما زلت بحاجة إلى ضمان سلامتك.”
ثم تنهد أخيرًا.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
