سِرّ تاليس
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
انغمس تاليس في التفكير في معنى تلك الكلمات. ما الحالة الذهنية التي يكون فيها أميرٌ وُلد داخل هذا «القفص» ليقول مثل هذه العبارات؟
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
“عمّ تبحث، يا سيدي تاليس الصغير؟” سأله بفضول.
Arisu-san
“في ذلك الوقت، استخدم الأمير ميدير نبرة مازحة لتهدئة الأمير القزم الغاضب، وقال: “نحن نستخدم كأس نبيذٍ يحمل شعار الشجرة المقدسة في الوليمة، تكريمًا لذكرى سلفك الذي صدَّ جيش مملكة الشجرة المقدسة في الماضي”. لم أجد ما أفعله سوى أن أدفن نفسي في الخزي.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
منذ اليوم الأول الذي وصل فيه إلى قاعة مينديس، خطّط تاليس للبحث عن «الصوفيين». وبعد حادثة قصر الكرمة وما أثارته من انفجارٍ فعّالٍ لكنه غير مستقر، ازداد إصراره على معرفة أسراره.
الفصل 42: سِرّ تاليس
Arisu-san
…
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “ألن تُلقي التحية على والدك؟” خرج صوتٌ عجوزٌ أجشّ من حلقه ببطء. كان صوتًا وُلد من رحم الظلام، خالٍ من العاطفة، رتيبًا كأنما لا ينبض بالحياة.
على مدى الأيام العشرين التالية، بدأ الطقس في العاصمة يبرد شيئًا فشيئًا. لقد حلّ الشتاء.
في تلك الفترة، وبسبب ضعف تعاوني مع زملائي، أفسدت مهمة استقبال وفد دبلوماسي من مدينة الصلب، فقد قدّمت للأمير القزم من قاعة سجلات الملك كأسًا من نبيذ “القطرة البلورية” يحمل رمز الشجرة المقدّسة…”
تحت إشراف جينيس الصارم، وبسعرٍ باهظٍ تمثّل في قضائه أكثر من ساعتين في كلّ جلسة صباحًا ومساءً، وبشرطٍ مؤكد أن ينتهي به اليوم منهكًا وجسده يؤلمه بأكمله، تعلّم تاليس جميع الأساليب الدفاعية الثلاثة، والسبع الهجومية، وأسلوب الجمع الواحد لمدرسة السيف العسكري الشمالي القديمة. وعندما بدأت ذراعاه بالاعتياد على شكل ووزن السيف والدرع، حصل أخيرًا على سيفٍ أكبر ودرعٍ أثقل. ووفقًا لكلمات جينيس، فقد بدأ يتقدّم من مرحلة “تلقّي الضربات دون مقاومة” إلى “تعلّم كيف يُضرَب” (كما قالت جينيس).
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الفصل 42: سِرّ تاليس
قالت جينيس بصرامةٍ شديدة: “في المرة الماضية كنت أنت مَن يُضرَب، أمّا الآن، فأنت تعلم لِمَ يُضرَب المرء.”
“صوفي الهواء، آسدا ساكيرن، الذي ظلّت إدارة الاستخبارات السرية تبحث عنه اثنتي عشرة سنة دون جدوى، تأكد أنه عاد إلى العاصمة، وظهر في سوق الشارع الأحمر.”
فأجاب تاليس وهو يترنّح من التعب: “لكنني ما زلت أُضرَب! آه، سيدتي! لم تعطِ إشارة البدء بعد— أوجاع!”
صمتٌ تامّ.
تحت تعليم غيلبرت الصارم، تعلّم تاليس أيضًا كيف يستخدم البنية النحوية المتقدّمة للغة المشتركة، واللغة الوطنية للإمبراطورية القديمة، خلال دروسه الثقافية كلّ بعد الظهر والليل. وبدأ يلامس أسلوب الكلام الذي يستخدمه نبلاء الكوكبة، وبعض الكلمات الثقافية الضرورية من اللغات الأجنبية، مثل الأمثال القادمة من بلدان الشرق الأقصى وكلمات التحذير من الإلف. ومن خلال دروس غيلبرت في التاريخ —التي كان يدرّسها بحماسةٍ لا تكلّ— اكتسب تاليس بعض المعارف الأساسية عن إيرول.
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
قال غيلبرت ذات مرة “النبيل الذي لا يعرف كيف يستخدم حروف الإمبراطورية القديمة وقواعدها القديمة لتشكيل أسلوبه في الخطاب، ليس نبيلاً مؤهَّلاً في الكوكبة. ومع ذلك، يا سيدي تاليس، أعتقد أنّك ستحتاج بعض الوقت لتعتاد الأبجدية المعقّدة والمتقلّبة للإمبراطورية القديمة…”
“… أُوه. حسنًا، فلننتقل إذًا إلى الفصل التالي، الأسلوب الخطابي الأساسي في الإمبراطورية القديمة.”
وفي اللحظة التالية، رأى غيلبرت تاليس يكتب ببساطة مجموعة الحروف الكاملة لتلك الأبجدية، فتنهد بحنقٍ عميق وألقى بكبريائه كمدرّس في “بحر الإبادة”.
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
“… أُوه. حسنًا، فلننتقل إذًا إلى الفصل التالي، الأسلوب الخطابي الأساسي في الإمبراطورية القديمة.”
تحت إشراف جينيس الصارم، وبسعرٍ باهظٍ تمثّل في قضائه أكثر من ساعتين في كلّ جلسة صباحًا ومساءً، وبشرطٍ مؤكد أن ينتهي به اليوم منهكًا وجسده يؤلمه بأكمله، تعلّم تاليس جميع الأساليب الدفاعية الثلاثة، والسبع الهجومية، وأسلوب الجمع الواحد لمدرسة السيف العسكري الشمالي القديمة. وعندما بدأت ذراعاه بالاعتياد على شكل ووزن السيف والدرع، حصل أخيرًا على سيفٍ أكبر ودرعٍ أثقل. ووفقًا لكلمات جينيس، فقد بدأ يتقدّم من مرحلة “تلقّي الضربات دون مقاومة” إلى “تعلّم كيف يُضرَب” (كما قالت جينيس).
باستثناء الجواد الذي يحبّ إسقاطه عن ظهره، وآداب النبلاء الغريبة جدًا بل والباعثة على الدهشة، لم يكن هناك ما يعوق تقدّمه في نظر تاليس. حتى الثلاثيّ من عشيرة كورليوني ذات دم السلالة، وتلك الدوقة الصغيرة، لم يأتوا لإزعاجه.
“غيلبرت، كيف…” خفض تاليس رأسه، وتردّد لحظة، ثم رفعه وسأل، “كيف مات عمي بالضبط؟ لقد ذكرتَ فقط أنه كان يحمل سيفه وقاتل حتى الموت بجانب الحرس عند بوابة القصر.”
أومأ تاليس لنفسه بخفوت. (لهذا السبب… حان الوقت لأبدأ بالتحقيق في أسرار نفسي.)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com استفاق غيلبرت من أفكاره فجأة، وقال بنظرةٍ متقدة: “ما زال الوقت مبكرًا للخوض في هذه الأمور. ولكن إن أمكن، يا سيدي الصغير تاليس، فليتك تتخذ من الأمير ميدير قدوةً لك. الكوكبة بحاجةٍ إلى وريثٍ مثله.”
في أحد فترات ما بعد الظهر الدافئة قليلًا، كان غيلبرت يحمل عصًا بيدٍ وكتابًا بالأخرى حين رأى تاليس واقفًا على كرسيٍّ داخل غرفة الدراسة، يبحث بين الكتب الضخمة على الرفّ.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “ألن تُلقي التحية على والدك؟” خرج صوتٌ عجوزٌ أجشّ من حلقه ببطء. كان صوتًا وُلد من رحم الظلام، خالٍ من العاطفة، رتيبًا كأنما لا ينبض بالحياة.
“عمّ تبحث، يا سيدي تاليس الصغير؟” سأله بفضول.
فعلى سبيل المثال، لم يكن يعلم أن هناك اجتماعًا يُعقد بشأنه — وبشأن السر الذي يُخفيه — في مكانٍ ليس بعيدًا عن قاعة مينديس.
“آه، غيلبرت، لحظة فقط… وفق الترتيب الأبجدي، يجب أن يكون هنا… همم؟ لِمَ هذا الكتاب سميك هكذا؟”
وفي تلك اللحظة، خطر بباله فجأة أمرٌ ما.
ضحك غيلبرت بخفوتٍ وسار نحوه، وساعده في سحب الكتاب الضخم المحشور بين مجلدين آخرين، إذ إنّ الصبي أنهى تدريب السيف صباحًا وكان مرهقًا يفتقر إلى القوة.
لقد شغل منصب المشرف على الشؤون الخارجية لفترةٍ من الزمن، وقد كنت محظوظًا بالعمل تحت إمرته.
“شكرًا لك، غيلبرت. آه، بهذا، اكتملت مجموعة الكتب عندي.” قال تاليس متعبًا وهو يرمي الكتاب على طاولة الدراسة المصنوعة من خشب الأرز، واضعًا إيّاه بجانب باقي الكتب.
ظلّ يودل بلا ردّ.
اقترب النبيل في منتصف العمر وتصفّح العناوين فوق بعضها البعض. تاريخ عائلة جيدستار، سجل العائلة الملكية للكوكبة، مجموعة قوانين الكوكبة ومراسيم الملك في أكتوبر 612، مجموعة شؤون محكمة الكوكبة، وأخيرًا الكتاب الذي حصل عليه لتوّه، سيّر ملوك الكوكبة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ورغم مظهره الهادئ والمتكلف باللامبالاة، كان يُتمتم في قلبه راجيًا ألا يُفكّر غيلبرت بتفقّد تلك الكتب بنفسه، وأن يغادر فور انتهاء الدرس، وألا يُساعده على نقل الكتب إلى غرفته.
حكّ تاليس رأسه وتحدث بنبرةٍ محرجة قليلًا “هذه كتب وجدتها بعد أن بحثت مستخدمًا الحروف والكلمات التي تعلمتها خلال الأسابيع الماضية. أعتقد أنها تتناول تاريخ عائلتي، وأنوي قراءتها ببطء عندما تتحسن قراءتي. فبصفتي الابن الوحيد لوالدي، لن يبدو من اللائق أن أكون جاهلًا تمامًا بتاريخ عائلة جيدستار، والعائلة الملكية، وأولئك المرتبطين بي بالدم.”
أومأ تاليس لنفسه بخفوت. (لهذا السبب… حان الوقت لأبدأ بالتحقيق في أسرار نفسي.)
رفع غيلبرت حاجبيه قليلًا، ثم شعر بالارتياح. الآن بعد أن أتذكّر حديثنا في الغرفة السرّية، أعلم أن عليّ ألّا أستهين بقدرة الشاب تاليس على التكيّف ونضجه المبكر.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أظلمت عينا غيلبرت على نحوٍ لم يتوقعه تاليس. بدا وكأنّ ذكرى ما قد أُيقظت في ذهنه.
تحدث تاليس بحماسةٍ وهو يرتّب الكتب على الطاولة، “لقد أصبح هذا الأمر أكثر رسوخًا في ذهني بعد أن سمعتك تتحدث عن ملك النهضة، تورموند، وبعدما حدثتني السيدة جينيس عن الأمير ميدير، الابن الأكبر للملك السابق، وهو أيضًا عمي.”
منذ اليوم الأول الذي وصل فيه إلى قاعة مينديس، خطّط تاليس للبحث عن «الصوفيين». وبعد حادثة قصر الكرمة وما أثارته من انفجارٍ فعّالٍ لكنه غير مستقر، ازداد إصراره على معرفة أسراره.
ابتسم غيلبرت وأومأ برأسه بلطف.
تجمّد غيلبرت لوهلة قبل أن يغرق في تفكيرٍ عميق، متناسيًا كومة الكتب خلف يد تاليس.
لاحظ ارتفاع أنفاس تاليس قليلًا، غير طبيعي.
رفع يودل رأسه فجأة!
“سلوكك المجتهد وحرصك على التعلم يسعدني بحق… هل أخبرتك السيدة جينيس بقصة ابن الملك الأكبر؟”
وبينما كان تاليس يُصغي إلى غيلبرت وهو يشرح له الأمثلة على الأصوات الأربعة في اللغة المشتركة مستخدمًا أمثالًا وأشعارًا قديمة، ألقى نظرةً خفيّة على كومة الكتب إلى جانبه.
“نعم، لكنها لم تقل الكثير.” أجاب تاليس بإيماءة، وهو يدفع كومة الكتب إلى جانب الطاولة. “الانطباع العام الذي حصلت عليه أنّ ميدير جيدستار كان رجلًا طيبًا بابتسامةٍ دافئة، ويبدو أنّ الناس كانوا يحبّونه كثيرًا.”
“غيلبرت، كيف…” خفض تاليس رأسه، وتردّد لحظة، ثم رفعه وسأل، “كيف مات عمي بالضبط؟ لقد ذكرتَ فقط أنه كان يحمل سيفه وقاتل حتى الموت بجانب الحرس عند بوابة القصر.”
أظلمت عينا غيلبرت على نحوٍ لم يتوقعه تاليس. بدا وكأنّ ذكرى ما قد أُيقظت في ذهنه.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
تحدث غيلبرت، بعد أن تنهد بهدوء، وقد امتلأت كلماته بالحنين. “لم يكن محبوبًا فحسب… لكني أخشى أنك لن تجد أي سجلّات عنه، فهو لم يكن أحد ملوك الكوكبة، ولم يمضِ وقتٌ طويل على وفاته.”
خطر خاطرٌ في بال تاليس، ففتح كتابًا بسلاسة وأخفى خلفه الكومة الصغيرة التي وضعها إلى جانبه، ثم سأل بفضول “إن كان الأمر كذلك، فهل كنت تعرفه؟ من انطباعك الشخصي، كيف كان عمي، الأمير ميدير، كإنسان؟”
“آه، غيلبرت، لحظة فقط… وفق الترتيب الأبجدي، يجب أن يكون هنا… همم؟ لِمَ هذا الكتاب سميك هكذا؟”
تجمّد غيلبرت لوهلة قبل أن يغرق في تفكيرٍ عميق، متناسيًا كومة الكتب خلف يد تاليس.
لم يُخبر غيلبرت الحقيقة آنفًا. لم يكن يبحث عن تاريخ عائلة جيدستار، ولا عن معرفة عمّه القدّيس.
“الأمير ميدير…” بعد بضع ثوانٍ، تنهد غيلبرت بخفوت، وامتلأت كلماته بالذكريات.
نظر غيلبرت إلى الأفق دون أن ينطق بكلمةٍ لوقتٍ طويل، بينما بذل تاليس جهده ليُكوّن في ذهنه صورة عمّه، بناءً على ما رواه له جينيس وغيلبرت: أميرٌ بارعٌ في التعامل مع جميع الشؤون، ذو شخصيةٍ تُثير الاحترام.
“حين بلغ الملك السابق، الملك آيدي، الستين من عمره، كان الأمير ميدير قد بدأ بالفعل بمساعدته في شؤون الحكم. في ذلك الوقت، لم يكن أحد يشك في أنّه سيكون الملك الصالح التالي بعد مينديس الثالث.
“ذلك القناع لا يزال مزعجًا كما عهدته، رغم أنني نصحتُ جلالته مرارًا بأن يجعلك تتخلّى عنه…”
لقد شغل منصب المشرف على الشؤون الخارجية لفترةٍ من الزمن، وقد كنت محظوظًا بالعمل تحت إمرته.
“صوفي الهواء، آسدا ساكيرن، الذي ظلّت إدارة الاستخبارات السرية تبحث عنه اثنتي عشرة سنة دون جدوى، تأكد أنه عاد إلى العاصمة، وظهر في سوق الشارع الأحمر.”
في تلك الفترة، وبسبب ضعف تعاوني مع زملائي، أفسدت مهمة استقبال وفد دبلوماسي من مدينة الصلب، فقد قدّمت للأمير القزم من قاعة سجلات الملك كأسًا من نبيذ “القطرة البلورية” يحمل رمز الشجرة المقدّسة…”
“سلوكك المجتهد وحرصك على التعلم يسعدني بحق… هل أخبرتك السيدة جينيس بقصة ابن الملك الأكبر؟”
“في ذلك الوقت، استخدم الأمير ميدير نبرة مازحة لتهدئة الأمير القزم الغاضب، وقال: “نحن نستخدم كأس نبيذٍ يحمل شعار الشجرة المقدسة في الوليمة، تكريمًا لذكرى سلفك الذي صدَّ جيش مملكة الشجرة المقدسة في الماضي”. لم أجد ما أفعله سوى أن أدفن نفسي في الخزي.
ورغم أن حدس أصحاب الفئة الفائقة قد سمح ليودل بأن يعرف سلفًا هوية الشخص الآخر داخل العربة، إلا أن رؤيته بعينيه جعلت حاجبيه ينعقدان رغمًا عنه خلف القناع.
“بالطبع، لم يعاقبني الأمير ميدير بعد ذلك… لقد كان متسامحًا ولطيفًا كما تصفه الشائعات. غير أنه سلّمني كأس النبيذ بنفسه، ذلك الكأس المزخرف بشعار الشجرة المقدسة، وقال…”
“نعم، لكنها لم تقل الكثير.” أجاب تاليس بإيماءة، وهو يدفع كومة الكتب إلى جانب الطاولة. “الانطباع العام الذي حصلت عليه أنّ ميدير جيدستار كان رجلًا طيبًا بابتسامةٍ دافئة، ويبدو أنّ الناس كانوا يحبّونه كثيرًا.”
في تلك اللحظة، ولدهشة تاليس، سمع غيلبرت يردّد كلمات الأمير الراحل بنبرةٍ مفعمةٍ بالعاطفة.
تحرّكت التروس في قناع يودل بخفةٍ خفيّة.
“غيل، إن كأس نبيذ الكريستال هذا، يحمل قيمةً تعادل تمامًا الصداقة بين قصر النهضة وقاعة سجلات الملك. هذا هو الدين الذي تدين به للمملكة. عندما تُحقّق ما يكفي من الأعمال الجليلة لسداد هذه القيمة، أعد الكأس إليّ، لتُصفّي دينك”.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تحدث تاليس بحماسةٍ وهو يرتّب الكتب على الطاولة، “لقد أصبح هذا الأمر أكثر رسوخًا في ذهني بعد أن سمعتك تتحدث عن ملك النهضة، تورموند، وبعدما حدثتني السيدة جينيس عن الأمير ميدير، الابن الأكبر للملك السابق، وهو أيضًا عمي.”
نظر غيلبرت إلى الأفق دون أن ينطق بكلمةٍ لوقتٍ طويل، بينما بذل تاليس جهده ليُكوّن في ذهنه صورة عمّه، بناءً على ما رواه له جينيس وغيلبرت: أميرٌ بارعٌ في التعامل مع جميع الشؤون، ذو شخصيةٍ تُثير الاحترام.
لكن تاليس اكتشف سريعًا أن حياة الهدوء لا يمكن أن تكون إلا وهمًا لأمثاله.
وبعد دقائق قليلة، تابع غيلبرت بصوتٍ خافت “يقول الناس إنه رجلٌ طيب، لطيفٌ مع الآخرين. لكن بالنسبة لنا نحن المسؤولين، فإن قدراته وذكاءه لم يكونا أقلّ شأنًا من شخصيّته.”
“ما دمتِ قد اتخذتِ القرار، فلا تترددي. لا تكوني ضعيفة وتعودي إلى القفص الذي خنقكِ ذات يوم. لا تدعي القفص الذي في ذهنك يُقيّد الأجنحة التي ستحملكِ نحو الحريّة، ولا تدعي القوانين الوهمية تجعلكِ تُضحّين بذاتك الحقيقية.”
“من الصعب تخيّل كيف يمكن لإنسانٍ أن يجمع بين اللطف والهيبة، بين الرقة والحسم في آنٍ واحد… ومع ذلك، فالأمير ميدير كان كذلك.” وضع غيلبرت الكتاب الذي كان بيده على الطاولة، ثم شبك يديه خلف ظهره، وارتسمت في عينيه نظرة إعجابٍ عميقة. “قد يبدو ما أقوله مبالغًا فيه، ولكن حتى الآن، ما زلت أعتقد أن مواطني الكوكبة لم يكونوا أهلًا لمثل هذا الأمير الصالح.”
لو سارت الأمور بسلاسة، لاستمرّت تلك الأيام الهادئة. وربما لتمكّن من التقدّم خطوةً نحو فهم أسراره.
استفاق غيلبرت من أفكاره فجأة، وقال بنظرةٍ متقدة: “ما زال الوقت مبكرًا للخوض في هذه الأمور. ولكن إن أمكن، يا سيدي الصغير تاليس، فليتك تتخذ من الأمير ميدير قدوةً لك. الكوكبة بحاجةٍ إلى وريثٍ مثله.”
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
كانت نظرات غيلبرت الجادة والصارمة كفيلة بأن تُحدث رجفةً خفيفة في جسد تاليس.
“غيلبرت، كيف…” خفض تاليس رأسه، وتردّد لحظة، ثم رفعه وسأل، “كيف مات عمي بالضبط؟ لقد ذكرتَ فقط أنه كان يحمل سيفه وقاتل حتى الموت بجانب الحرس عند بوابة القصر.”
وفي تلك اللحظة، خطر بباله فجأة أمرٌ ما.
نظر غيلبرت إلى الأفق دون أن ينطق بكلمةٍ لوقتٍ طويل، بينما بذل تاليس جهده ليُكوّن في ذهنه صورة عمّه، بناءً على ما رواه له جينيس وغيلبرت: أميرٌ بارعٌ في التعامل مع جميع الشؤون، ذو شخصيةٍ تُثير الاحترام.
“غيلبرت، كيف…” خفض تاليس رأسه، وتردّد لحظة، ثم رفعه وسأل، “كيف مات عمي بالضبط؟ لقد ذكرتَ فقط أنه كان يحمل سيفه وقاتل حتى الموت بجانب الحرس عند بوابة القصر.”
“في ذلك الوقت، استخدم الأمير ميدير نبرة مازحة لتهدئة الأمير القزم الغاضب، وقال: “نحن نستخدم كأس نبيذٍ يحمل شعار الشجرة المقدسة في الوليمة، تكريمًا لذكرى سلفك الذي صدَّ جيش مملكة الشجرة المقدسة في الماضي”. لم أجد ما أفعله سوى أن أدفن نفسي في الخزي.
صمتٌ تامّ.
ظلّ يودل بلا ردّ.
“هاه…” أغمض غيلبرت عينيه وزفر بعمق قبل أن يتحدث. “في السنة الدموية، أمر الحرس والجنود بالانسحاب، وسار وحيدًا نحو الحشد. دون أن يضحي بجنديٍّ واحد، ودون أن يُصيب أحدًا أو يقتل نفسًا، تمكّن من تهدئة الجموع الغاضبة ومنعهم من اقتحام بوابة القصر.
“آه، غيلبرت، لحظة فقط… وفق الترتيب الأبجدي، يجب أن يكون هنا… همم؟ لِمَ هذا الكتاب سميك هكذا؟”
“آه… غير أن القتلة الذين تسللوا بين الحشد بعد أن خططوا لذلك طويلًا، كانوا قد أعدّوا ستة سيوفٍ خفيّة وشفراتٍ مسمومة. في ذلك الوقت، كنتُ غارقًا في مهامي الدبلوماسية التي كانت تسوء يومًا بعد يوم. وعندما علمت باغتيال العائلة المالكة… آه…”
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
حدّق تاليس في عيني غيلبرت طويلاً دون أن ينطق بكلمة.
“سلوكك المجتهد وحرصك على التعلم يسعدني بحق… هل أخبرتك السيدة جينيس بقصة ابن الملك الأكبر؟”
تذكّر الصبيّ حديث جينيس له قبل أسابيع عن الأمير ميدير، وكيف بدا الأمر على غير عادتها تمامًا، لا سيما كلماتها الأخيرة، التي لم تكن تشبهها على الإطلاق.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com استفاق غيلبرت من أفكاره فجأة، وقال بنظرةٍ متقدة: “ما زال الوقت مبكرًا للخوض في هذه الأمور. ولكن إن أمكن، يا سيدي الصغير تاليس، فليتك تتخذ من الأمير ميدير قدوةً لك. الكوكبة بحاجةٍ إلى وريثٍ مثله.”
“تاليس، أعلم ما رواه لك غيلبرت اليوم، ولا أعلم ما رأيك فيه. ومع ذلك… ما زلت أذكر أن الأمير ميدير سلّمني رسالة في الماضي. أريد أن أروي لك مضمونها كما هي.”
…
“سيدتي، لقد عفوتُ عنك لأنني أُعجب بكِ، لا لأنني رحيمٌ بكِ.”
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“أُعجب بشجاعتك التي سمحت لكِ بأن تتحرّري من قيودك وأغلالك.”
كان رجلًا عجوزًا يرتدي رداءً أسود طويلًا بسيطًا، يحمل في يده عصًا خشبية سوداء، وشعره الأبيض الخفيف يغطي رأسه. وجهه مليء بالتجاعيد، ملامحه عادية لا تُلفت النظر، بل إن المرء ما كان ليحفظ ملامحه حتى لو كان ذا ذاكرةٍ حادّة.
“ما دمتِ قد اتخذتِ القرار، فلا تترددي. لا تكوني ضعيفة وتعودي إلى القفص الذي خنقكِ ذات يوم. لا تدعي القفص الذي في ذهنك يُقيّد الأجنحة التي ستحملكِ نحو الحريّة، ولا تدعي القوانين الوهمية تجعلكِ تُضحّين بذاتك الحقيقية.”
“تاليس، أعلم ما رواه لك غيلبرت اليوم، ولا أعلم ما رأيك فيه. ومع ذلك… ما زلت أذكر أن الأمير ميدير سلّمني رسالة في الماضي. أريد أن أروي لك مضمونها كما هي.”
“أُباركك من صميم قلبي، وأتمنى أن تكون حياتك منذ الآن ملكًا لكِ. آمل أن تجتازي اختبار تأهيل الشرطة.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ولم يُجب يودل.
انغمس تاليس في التفكير في معنى تلك الكلمات. ما الحالة الذهنية التي يكون فيها أميرٌ وُلد داخل هذا «القفص» ليقول مثل هذه العبارات؟
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ولم يُجب يودل.
وحين أعاده غيلبرت إلى درسه بعد شروده، استأنفا درسهما بعد الظهيرة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com فأجاب تاليس وهو يترنّح من التعب: “لكنني ما زلت أُضرَب! آه، سيدتي! لم تعطِ إشارة البدء بعد— أوجاع!”
وبينما كان تاليس يُصغي إلى غيلبرت وهو يشرح له الأمثلة على الأصوات الأربعة في اللغة المشتركة مستخدمًا أمثالًا وأشعارًا قديمة، ألقى نظرةً خفيّة على كومة الكتب إلى جانبه.
“بالطبع، لم يعاقبني الأمير ميدير بعد ذلك… لقد كان متسامحًا ولطيفًا كما تصفه الشائعات. غير أنه سلّمني كأس النبيذ بنفسه، ذلك الكأس المزخرف بشعار الشجرة المقدسة، وقال…”
لم يُخبر غيلبرت الحقيقة آنفًا. لم يكن يبحث عن تاريخ عائلة جيدستار، ولا عن معرفة عمّه القدّيس.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com استفاق غيلبرت من أفكاره فجأة، وقال بنظرةٍ متقدة: “ما زال الوقت مبكرًا للخوض في هذه الأمور. ولكن إن أمكن، يا سيدي الصغير تاليس، فليتك تتخذ من الأمير ميدير قدوةً لك. الكوكبة بحاجةٍ إلى وريثٍ مثله.”
كان تاليس يبحث عن معلوماتٍ تخصّ الصوفيين.
اختار يودل الصمت أمام سؤال العجوز.
منذ اليوم الأول الذي وصل فيه إلى قاعة مينديس، خطّط تاليس للبحث عن «الصوفيين». وبعد حادثة قصر الكرمة وما أثارته من انفجارٍ فعّالٍ لكنه غير مستقر، ازداد إصراره على معرفة أسراره.
كانت نظرات غيلبرت الجادة والصارمة كفيلة بأن تُحدث رجفةً خفيفة في جسد تاليس.
وعندما تحدّث غيلبرت عن تاريخ معركة الإبادة، وأظهر موقفه تجاه أولئك «الكوارث» — أي الصوفيين أمثال آسدا — شعر تاليس برعبٍ أكبر.
على مدى الأيام العشرين التالية، بدأ الطقس في العاصمة يبرد شيئًا فشيئًا. لقد حلّ الشتاء.
تمتم تاليس لنفسه (رغم أن… يودل ربما قد سمع محادثتي مع آسدا.)
انغمس تاليس في التفكير في معنى تلك الكلمات. ما الحالة الذهنية التي يكون فيها أميرٌ وُلد داخل هذا «القفص» ليقول مثل هذه العبارات؟
كانت كتبه الثلاثة الحقيقية، المخبّأة بين كتب التاريخ التي وضعها للتمويه، هي: «سجلات معركة الإبادة: دمار العالم»، و«من الإمبراطورية الأخيرة إلى الكوكبة»، و«مذكّرات كاهيل يارو: معلومات مضافة قبل الشق العظيم والغرق». كانت جميعها تتحدث عن معركة الإبادة وحقيقة الصوفيين — «الكارثة».
“آه… غير أن القتلة الذين تسللوا بين الحشد بعد أن خططوا لذلك طويلًا، كانوا قد أعدّوا ستة سيوفٍ خفيّة وشفراتٍ مسمومة. في ذلك الوقت، كنتُ غارقًا في مهامي الدبلوماسية التي كانت تسوء يومًا بعد يوم. وعندما علمت باغتيال العائلة المالكة… آه…”
ومهما حدث، وقبل أن يتأكد من سلامته، كان من الأفضل ألا يُفشي سرّ «القدرة الصوفية» الغريبة التي يملكها. وما إن يتقن القراءة والكتابة، سيبدأ حينها بالبحث بين الكتب. تلك كانت الطريقة الأكثر أمانًا.
ومهما حدث، وقبل أن يتأكد من سلامته، كان من الأفضل ألا يُفشي سرّ «القدرة الصوفية» الغريبة التي يملكها. وما إن يتقن القراءة والكتابة، سيبدأ حينها بالبحث بين الكتب. تلك كانت الطريقة الأكثر أمانًا.
غير أنه الآن، كان مضطرًا إلى نسخ أصوات النبلاء المختلفة في أنماط كلامهم.
بينما تسلّل صوتٌ عجوزٌ مبحوح إلى الهواء، خرجت من العربة هيئةٌ مسنّة، تخطو خطواتٍ واهنة، وقد فُتح باب العربة بيد الملك نفسه.
ورغم مظهره الهادئ والمتكلف باللامبالاة، كان يُتمتم في قلبه راجيًا ألا يُفكّر غيلبرت بتفقّد تلك الكتب بنفسه، وأن يغادر فور انتهاء الدرس، وألا يُساعده على نقل الكتب إلى غرفته.
وبعد دقائق قليلة، تابع غيلبرت بصوتٍ خافت “يقول الناس إنه رجلٌ طيب، لطيفٌ مع الآخرين. لكن بالنسبة لنا نحن المسؤولين، فإن قدراته وذكاءه لم يكونا أقلّ شأنًا من شخصيّته.”
لو سارت الأمور بسلاسة، لاستمرّت تلك الأيام الهادئة. وربما لتمكّن من التقدّم خطوةً نحو فهم أسراره.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com باستثناء الجواد الذي يحبّ إسقاطه عن ظهره، وآداب النبلاء الغريبة جدًا بل والباعثة على الدهشة، لم يكن هناك ما يعوق تقدّمه في نظر تاليس. حتى الثلاثيّ من عشيرة كورليوني ذات دم السلالة، وتلك الدوقة الصغيرة، لم يأتوا لإزعاجه.
لكن تاليس اكتشف سريعًا أن حياة الهدوء لا يمكن أن تكون إلا وهمًا لأمثاله.
تجمّد غيلبرت لوهلة قبل أن يغرق في تفكيرٍ عميق، متناسيًا كومة الكتب خلف يد تاليس.
فعلى سبيل المثال، لم يكن يعلم أن هناك اجتماعًا يُعقد بشأنه — وبشأن السر الذي يُخفيه — في مكانٍ ليس بعيدًا عن قاعة مينديس.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “ألن تُلقي التحية على والدك؟” خرج صوتٌ عجوزٌ أجشّ من حلقه ببطء. كان صوتًا وُلد من رحم الظلام، خالٍ من العاطفة، رتيبًا كأنما لا ينبض بالحياة.
وأن سرّه كان على وشك الانكشاف.
“عمّ تبحث، يا سيدي تاليس الصغير؟” سأله بفضول.
وقف يودل بهدوء تحت ظلّ شجرة، كما لو كان ينتظر باحترامٍ الشخص الجالس في العربة السوداء أمامه. غير أن كلّ من قاتل يودل من قبل كان يعلم أن الرجل كان في تلك اللحظة متوتّرًا إلى أقصى حد، وعلى استعدادٍ للهجوم في أيّ لحظة.
تحرّكت التروس في قناع يودل بخفةٍ خفيّة.
“مرّ وقتٌ طويل، يا يودل الصغير.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “ألن تُلقي التحية على والدك؟” خرج صوتٌ عجوزٌ أجشّ من حلقه ببطء. كان صوتًا وُلد من رحم الظلام، خالٍ من العاطفة، رتيبًا كأنما لا ينبض بالحياة.
بينما تسلّل صوتٌ عجوزٌ مبحوح إلى الهواء، خرجت من العربة هيئةٌ مسنّة، تخطو خطواتٍ واهنة، وقد فُتح باب العربة بيد الملك نفسه.
قهقه العجوز بصوتٍ أجشّ يُثير الضيق: “لا تتوتّر، يا سير كاتو. لقد استمعتُ فقط لأوامر جلالته وحقّقت في كيف تمكّنت من ختم صوفيٍّ بينما كان أحد أفراد العائلة المالكة برفقتك.”
ورغم أن حدس أصحاب الفئة الفائقة قد سمح ليودل بأن يعرف سلفًا هوية الشخص الآخر داخل العربة، إلا أن رؤيته بعينيه جعلت حاجبيه ينعقدان رغمًا عنه خلف القناع.
“ذلك القناع لا يزال مزعجًا كما عهدته، رغم أنني نصحتُ جلالته مرارًا بأن يجعلك تتخلّى عنه…”
كان رجلًا عجوزًا يرتدي رداءً أسود طويلًا بسيطًا، يحمل في يده عصًا خشبية سوداء، وشعره الأبيض الخفيف يغطي رأسه. وجهه مليء بالتجاعيد، ملامحه عادية لا تُلفت النظر، بل إن المرء ما كان ليحفظ ملامحه حتى لو كان ذا ذاكرةٍ حادّة.
“عمّ تبحث، يا سيدي تاليس الصغير؟” سأله بفضول.
“ألن تُلقي التحية على والدك؟” خرج صوتٌ عجوزٌ أجشّ من حلقه ببطء. كان صوتًا وُلد من رحم الظلام، خالٍ من العاطفة، رتيبًا كأنما لا ينبض بالحياة.
“مرّ وقتٌ طويل، يا يودل الصغير.”
اختار يودل الصمت أمام سؤال العجوز.
“ذلك القناع لا يزال مزعجًا كما عهدته، رغم أنني نصحتُ جلالته مرارًا بأن يجعلك تتخلّى عنه…”
ابتسم الرجل، كاشفًا لثّته الخالية إلا من بضع أسنان. “صحيح، كدت أنسى. حتى وإن كان دمي يجري في عروقك، فإن اسم عائلتك كاتو، لا هانسن.”
حدّق تاليس في عيني غيلبرت طويلاً دون أن ينطق بكلمة.
ظلّ يودل بلا ردّ.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com في تلك اللحظة، ولدهشة تاليس، سمع غيلبرت يردّد كلمات الأمير الراحل بنبرةٍ مفعمةٍ بالعاطفة.
“لقد عدتُ للتو.” بدا العجوز معتادًا على برود يودل، فتحدّث بلا اكتراث. “كما أن نتائج التحقيق الذي أجراه أبنائي حول سوق الشارع الأحمر، تحوي أمرًا مثيرًا للاهتمام.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ضحك غيلبرت بخفوتٍ وسار نحوه، وساعده في سحب الكتاب الضخم المحشور بين مجلدين آخرين، إذ إنّ الصبي أنهى تدريب السيف صباحًا وكان مرهقًا يفتقر إلى القوة.
ولم يُجب يودل.
“سلوكك المجتهد وحرصك على التعلم يسعدني بحق… هل أخبرتك السيدة جينيس بقصة ابن الملك الأكبر؟”
ضحك العجوز بخفة وتحدث.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com باستثناء الجواد الذي يحبّ إسقاطه عن ظهره، وآداب النبلاء الغريبة جدًا بل والباعثة على الدهشة، لم يكن هناك ما يعوق تقدّمه في نظر تاليس. حتى الثلاثيّ من عشيرة كورليوني ذات دم السلالة، وتلك الدوقة الصغيرة، لم يأتوا لإزعاجه.
“صوفي الهواء، آسدا ساكيرن، الذي ظلّت إدارة الاستخبارات السرية تبحث عنه اثنتي عشرة سنة دون جدوى، تأكد أنه عاد إلى العاصمة، وظهر في سوق الشارع الأحمر.”
اقترب النبيل في منتصف العمر وتصفّح العناوين فوق بعضها البعض. تاريخ عائلة جيدستار، سجل العائلة الملكية للكوكبة، مجموعة قوانين الكوكبة ومراسيم الملك في أكتوبر 612، مجموعة شؤون محكمة الكوكبة، وأخيرًا الكتاب الذي حصل عليه لتوّه، سيّر ملوك الكوكبة.
تحرّكت التروس في قناع يودل بخفةٍ خفيّة.
فعلى سبيل المثال، لم يكن يعلم أن هناك اجتماعًا يُعقد بشأنه — وبشأن السر الذي يُخفيه — في مكانٍ ليس بعيدًا عن قاعة مينديس.
“قد تكون عصابة قوارير الدم هي العصابة التي أنشأها برفقة ذلك القاتل المجنون، غير أن الصوفي الهوائي الشهير لم يذهب بنفسه ليُبيد الأخوية ويُحطّم قوتهم.”
“في ذلك الوقت، استخدم الأمير ميدير نبرة مازحة لتهدئة الأمير القزم الغاضب، وقال: “نحن نستخدم كأس نبيذٍ يحمل شعار الشجرة المقدسة في الوليمة، تكريمًا لذكرى سلفك الذي صدَّ جيش مملكة الشجرة المقدسة في الماضي”. لم أجد ما أفعله سوى أن أدفن نفسي في الخزي.
لم يتكلّم يودل، لكن التروس خلف قناعه دارت بسرعةٍ أكبر.
“والآن… سير يودل كاتو، بصفتك أحد حاملي العتاد الأسطوري المضاد للصوفيين، السيف والدرع الأسمى، هل لك أن تُفسّر لي بوضوحٍ ما الذي جرى حقًا لصوفي الهواء في تلك الليلة؟”
قهقه العجوز بصوتٍ أجشّ يُثير الضيق: “لا تتوتّر، يا سير كاتو. لقد استمعتُ فقط لأوامر جلالته وحقّقت في كيف تمكّنت من ختم صوفيٍّ بينما كان أحد أفراد العائلة المالكة برفقتك.”
وفي تلك اللحظة، خطر بباله فجأة أمرٌ ما.
رفع يودل رأسه فجأة!
“نعم، لكنها لم تقل الكثير.” أجاب تاليس بإيماءة، وهو يدفع كومة الكتب إلى جانب الطاولة. “الانطباع العام الذي حصلت عليه أنّ ميدير جيدستار كان رجلًا طيبًا بابتسامةٍ دافئة، ويبدو أنّ الناس كانوا يحبّونه كثيرًا.”
تحوّلت عدستا الكريستال على قناعه من لونٍ داكن إلى أصفر لامعٍ في لحظة، بينما كان يُحدّق في العجوز.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ضحك غيلبرت بخفوتٍ وسار نحوه، وساعده في سحب الكتاب الضخم المحشور بين مجلدين آخرين، إذ إنّ الصبي أنهى تدريب السيف صباحًا وكان مرهقًا يفتقر إلى القوة.
“ذلك القناع لا يزال مزعجًا كما عهدته، رغم أنني نصحتُ جلالته مرارًا بأن يجعلك تتخلّى عنه…”
“صوفي الهواء، آسدا ساكيرن، الذي ظلّت إدارة الاستخبارات السرية تبحث عنه اثنتي عشرة سنة دون جدوى، تأكد أنه عاد إلى العاصمة، وظهر في سوق الشارع الأحمر.”
اتكأ العجوز على عصاه، وكأنه لم يُلاحظ العيون التي تُحدّق فيه من وراء العدستين، وتقدّم مترنحًا حتى وقف أمام يودل، ثم أطلق ضحكةً خشنة مزعجة.
كان تاليس يبحث عن معلوماتٍ تخصّ الصوفيين.
“والآن… سير يودل كاتو، بصفتك أحد حاملي العتاد الأسطوري المضاد للصوفيين، السيف والدرع الأسمى، هل لك أن تُفسّر لي بوضوحٍ ما الذي جرى حقًا لصوفي الهواء في تلك الليلة؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وعندما تحدّث غيلبرت عن تاريخ معركة الإبادة، وأظهر موقفه تجاه أولئك «الكوارث» — أي الصوفيين أمثال آسدا — شعر تاليس برعبٍ أكبر.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“شكرًا لك، غيلبرت. آه، بهذا، اكتملت مجموعة الكتب عندي.” قال تاليس متعبًا وهو يرمي الكتاب على طاولة الدراسة المصنوعة من خشب الأرز، واضعًا إيّاه بجانب باقي الكتب.
ابتسم الرجل، كاشفًا لثّته الخالية إلا من بضع أسنان. “صحيح، كدت أنسى. حتى وإن كان دمي يجري في عروقك، فإن اسم عائلتك كاتو، لا هانسن.”
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات