حانةّ كاسلان
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com نطق تولجا ببرود، “بطبيعة الحال. حانة البطل هي ملتقى… ومفترق طرق لجنود الشمال المتقاعدين.”
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
ثم اعتدلت الآنسة جورا، وقد شعرت بالفخر بجسدها. ولوّت شعرها الأحمر الطويل، وقالت باعتزاز: “إن كنتِ تبحثين عنه، يمكنكِ ترك رسالة… أنا أراه كثيرًا، وأستطيع إيصال رسالتك له.”
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
أطلقت جالا تنهيدة طويلة وقالت بنبرة منخفضة: “أريد أن أتحقّق من مواقع تهريب الأسلحة من مملكة الكوكبة إلى الدول الأخرى خلال السنوات الماضية… وخصوصًا تلك المتعلّقة بالأخوية… ورجل يدعى رودا…”
Arisu-san
(…مع أنني مجرد سكرتيرة في مركز الشرطة، إلا أنني أعرف الكثير من الناس… وأخي يعمل لدى العائلة الملكية، ويلتقي بكثير من الشخصيات المهمّة…)
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
الفصل 111: حانة كاسلان
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ضَحِكت جالا شارلتون فورًا.
…
(سوق الشارع الأحمر… استلقت… في حضنه… امرأة… تشتاق إليه…)
“إنّ الأرض التي تراها ترتفع وتنخفض أمامك هي تلال التنهد. التلال الواقعة عند الحدود شرق جبال التنهد. انظر، القمم المكسوّة بالثلوج في البعيد، الصاعدة مباشرةً نحو السحب، هي جبال التنهد.” وهو يمتطي جواده، أشار بيوتراي نحو الجبال البعيدة، الشاهقة حتى اختفائها في الغيوم. كان يقدّم لتاليس معلومات عن جغرافيا إقليم الشمال.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع كينتفيدا يديه نحو تولجا خلفه، وعلامات الاستسلام بادية عليه.
رفع تاليس رأسه ووسّع مجاله البصري، ثم نفث نفخة من الهواء الدافئ وسط ذلك البرد القارس.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“كانت جبال التنهد في عهد الإمبراطورية القديمة أعلى الجبال جميعًا. كانت السلسلة متصلة بنهر كويكير الجليدي شمالًا، وتمتد جنوبًا عبر مقاطعة الشمال ومقاطعة الجنوب الشرقي، وقد فصلت المنطقة الشمالية من الإمبراطورية. وهي الآن تلّ بحر الشرق في الكوكبة، كما أنها إقطاعية الدوق كولين. إنّ أخطار جبال التنهد وصعوبة تسلّقها جعلت المسافرين يتوقّفون كلما رأوها، فلا يملكون إلا أن ينحنوا برؤوسهم ويتنهّدوا. وهكذا نالت هذا الاسم.” وضع بيوتراي غليونه جانبًا وخفض رأسه بدوره متنهّدًا، كأنّه يجيب كلماته بنفسه.
(سوق الشارع الأحمر… استلقت… في حضنه… امرأة… تشتاق إليه…)
“حين كانت الإمبراطورية القديمة قائمة، كان هذا موضعًا سيّئ السمعة يُنفى إليه المجرمون. مكانًا مضطربًا. وعندما سقطت الإمبراطورية، ازدادت الفوضى. ظلّ الأمر كذلك حتى انتقل فرعٌ من الجان إلى هذا الموضع واستقرّوا هنا ما يقارب ثلاثمئة عام. تنقّلوا بحريّة بين الجبال، وحين بلغوا ذروة قوّتهم، شيّدوا مملكتهم الخاصة… وبعد معركة الإبادة، أصبحت الجهة الشماليّة الغربيّة من جبال التنهد خاضعة لشبه الجزيرة الغربية، بينما آلت الجهة الجنوبية الشرقية إلى هانبول في شبه الجزيرة الشرقية.”
“ثمن كل كأس من نبيذ الجاودار ستّ قطع نحاسية اكستيدتية، وسعر الكأس للنبلاء ستّون.” ألقى صاحب الحانة، العجوز كاسلان، نظرة فاترة على كيس النقود، ثم دفعه بعيدًا، مطلقًا همهمة باردة. “وأيضًا، لا أقبل القطع الذهبية.
(جان في جبال التنهد؟ مهلاً ،سجلات “معركة الإبادة: خراب العالم” بدا وكأنه ذكر هذا من قبل؟)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “المرأة التي استلقت في حضنه يومذاك في سوق الشارع الأحمر… تشتاق إليه.”
وما إن ذُكرت كلمة «جان»، حتى رمق تاليس آيدا خلفه بنظرة عابرة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “خلال الحربين الأولى والثانية لشبه الجزيرة، عبرت قوات الحلفاء من شبه الجزيرة الشرقية بحر الإبادة وهبطت عند تلّ بحر الشرق أو تلّ الساحل الجنوبي في الكوكبة. كان ذلك لأن منطقة منحدرات البحر في الكوكبة وميناء الضفة الشرقية في إكستيدت يمتلكان منحدرًا بحريًا طبيعيًا. يسهل الدفاع عنه ويصعب الهجوم عليه بسبب جدرانه الشاهقة، وذلك بفضل جبال التنهد… وفي الحرب الثالثة لشبه الجزيرة، تظاهرت جيوش شبه الجزيرة الشرقية بمهاجمة ميناء بحر الشرق في الكوكبة، لكنها شنّت هجومًا مباغتًا على سواحل إكستيدت. بعدد قليل من الجنود، صعدوا المنحدر البحري وأحرزوا نتائج مذهلة. وفي النهاية اخترقوا مدينة إيلافور ودخلوا قلب إكستيدت…”
“ما الأمر؟” تنبّهت آيدا لنظراته، وبسطت يديها بضيق. “لا أعرف أيّ جيل من أقاربي عاش هنا أيضًا. تاريخي سيّئ!”
أومأ تاليس في اتجاه بيوتراي. رفع الأخير حاجبيه ثم تقدّم وأخرج بعض القطع الفضية والنحاسية.
هزّ تاليس رأسه وأعاد نظره إلى الأمام منصتًا لشرح بيوتراي.
فكّرت الآنسة جورا بغضب.
لم يكن يستطيع الاعتماد على تلك الجنية التي لا تتذكّر حتى اسمها.
كان تاليس، الذي كان يتفحّص المكان حوله بفضول، يتبع كينتفيدا وتولجا بينما يدخلون مبنًى حجريًا أكبر حجمًا. كانت على الباب لافتة كبيرة عليها رسمٌ لكأس خمر. دفع فارس النار البابين ودخل إلى حانة البطل الصاخبة.
حتى لو كانت من الفئة الفائقة.
(كيف يكون هذا؟ هذه المرأة؟ مع القائد كوهين الوسيم… هما…)
“…الجهة الشماليّة الغربيّة الوعرة من جبال التنهد تشقّ الجزء الشرقي من إكستيدت والكوكبة. برج الإصلاح للآرشيدوق ترينتيدا والبرج القديم المنعزل لعائلة فريس في الكوكبة يقعان كلٌّ على جبل، وبينهما وادٍ يفصل بين القمتين. كلاهما شديد الحذر من الآخر. ومع ذلك، فهما موضعان يسهل الدفاع عنهما ويصعب اقتحامهما.
(حرب شبه الجزيرة؟)
“أبعد شمال السلسلة تقع مدينة إيلافور في إكستيدت، وهي إقطاعية الآرشيدوق هناك، وأبعد جنوبها تقع منطقة منحدرات البحر في الكوكبة، وهي أيضًا إقطاعية الدوق الحارس المتمركز هناك. ولكن بسبب حوافّ جبال التنهد الحادّة ومناخ الشمال، انتهى الأمر بمدينة إيلافور ومنطقة منحدرات البحر قريبتين من بحر الإبادة. والمرافئ فيهما قليلة للغاية، وما لديهم يقع في مواضع غريبة عند حافة المنحدر…”
وما إن ذُكرت كلمة «جان»، حتى رمق تاليس آيدا خلفه بنظرة عابرة.
دخّن بيوتراي غليونه وهو يحدّق بدهشة إلى سلسلة الجبال في البعيد.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com خرج رجل طويل، شعره أسود، في الثلاثينيات من عمره، من خلف المنضدة. كان على الجانب الأيسر من وجهه أثر حريق. وأطلق همهمة باردة.
“خلال الحربين الأولى والثانية لشبه الجزيرة، عبرت قوات الحلفاء من شبه الجزيرة الشرقية بحر الإبادة وهبطت عند تلّ بحر الشرق أو تلّ الساحل الجنوبي في الكوكبة. كان ذلك لأن منطقة منحدرات البحر في الكوكبة وميناء الضفة الشرقية في إكستيدت يمتلكان منحدرًا بحريًا طبيعيًا. يسهل الدفاع عنه ويصعب الهجوم عليه بسبب جدرانه الشاهقة، وذلك بفضل جبال التنهد… وفي الحرب الثالثة لشبه الجزيرة، تظاهرت جيوش شبه الجزيرة الشرقية بمهاجمة ميناء بحر الشرق في الكوكبة، لكنها شنّت هجومًا مباغتًا على سواحل إكستيدت. بعدد قليل من الجنود، صعدوا المنحدر البحري وأحرزوا نتائج مذهلة. وفي النهاية اخترقوا مدينة إيلافور ودخلوا قلب إكستيدت…”
ابتسم تاليس وهزّ رأسه. “لا، نحن نأتي من الكوكبة.”
(حرب شبه الجزيرة؟)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “خلال الحربين الأولى والثانية لشبه الجزيرة، عبرت قوات الحلفاء من شبه الجزيرة الشرقية بحر الإبادة وهبطت عند تلّ بحر الشرق أو تلّ الساحل الجنوبي في الكوكبة. كان ذلك لأن منطقة منحدرات البحر في الكوكبة وميناء الضفة الشرقية في إكستيدت يمتلكان منحدرًا بحريًا طبيعيًا. يسهل الدفاع عنه ويصعب الهجوم عليه بسبب جدرانه الشاهقة، وذلك بفضل جبال التنهد… وفي الحرب الثالثة لشبه الجزيرة، تظاهرت جيوش شبه الجزيرة الشرقية بمهاجمة ميناء بحر الشرق في الكوكبة، لكنها شنّت هجومًا مباغتًا على سواحل إكستيدت. بعدد قليل من الجنود، صعدوا المنحدر البحري وأحرزوا نتائج مذهلة. وفي النهاية اخترقوا مدينة إيلافور ودخلوا قلب إكستيدت…”
سؤال جديد قفز إلى قلب تاليس.
“هذا كل شيء؟” أومأت الآنسة جورا. “سوف أعود لأرى إن كانت هناك أي بلاغات أو تقارير بشأن تصدّعات في شبكات مهربي البشر…”
“اندلعت الحرب بسبب الصراع بين شبهَي الجزيرة، على سبيل المثال تناقص اعداد الحيتان في بحر الإبادة. فبعد معركة الإبادة، اكتشفنا أن الزيت الأبدي داخلها هو أفضل أنواع الوقود، بل هو أفضل حتى من الفحم.” قدّم بيوتراي جوابًا عن سؤاله.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “خلال الحربين الأولى والثانية لشبه الجزيرة، عبرت قوات الحلفاء من شبه الجزيرة الشرقية بحر الإبادة وهبطت عند تلّ بحر الشرق أو تلّ الساحل الجنوبي في الكوكبة. كان ذلك لأن منطقة منحدرات البحر في الكوكبة وميناء الضفة الشرقية في إكستيدت يمتلكان منحدرًا بحريًا طبيعيًا. يسهل الدفاع عنه ويصعب الهجوم عليه بسبب جدرانه الشاهقة، وذلك بفضل جبال التنهد… وفي الحرب الثالثة لشبه الجزيرة، تظاهرت جيوش شبه الجزيرة الشرقية بمهاجمة ميناء بحر الشرق في الكوكبة، لكنها شنّت هجومًا مباغتًا على سواحل إكستيدت. بعدد قليل من الجنود، صعدوا المنحدر البحري وأحرزوا نتائج مذهلة. وفي النهاية اخترقوا مدينة إيلافور ودخلوا قلب إكستيدت…”
“حقوق صيدها، ونصيب كل طرف، ومناطق الصيد، والفصول التي يُمنع فيها صيد الحيتان؛ كانت هذه دومًا جوهر الجدال بين تلك البلدان الواقعة على الساحلين… وهذا كان الموضوع الرئيسي في الحروب الأربع لشبه الجزيرة. وبالطبع، بعد الحرب الثالثة، تغيّر الوضع السياسي على الساحلين بدرجة كبيرة. علاقتنا بإكستيدت تدهورت تمامًا، وسلالة الفجر والظلام دخلت في صراع مع هانبول على الهيمنة المطلقة في شبه الجزيرة الشرقية. وفي النهاية، تحت سياسة الملك الفاضل، ميدير الثالث، عقدنا تحالفًا مع سلالة الفجر والظلام، بينما اقتربت إكستيدت من هانبول…”
في ذاكرته، كانت التجسُدات الأكثر انتشارًا والتي لها قاعات في مدينة النجم الأبدي هي هذه الثلاثة.
“وهذا هو ما سبّب الحرب الرابعة لشبه الجزيرة، التي وقعت في السنة 468 من تقويم الإبادة، وقد حوّلت الأمور إلى حرب عالمية حقيقية. لم تعد نيران الحرب محصورة بفصيل يعبر البحر لغزو فصيل آخر، بل امتدت إلى كل زاوية من العالم.”
“همف، برايان!” تجاهل صاحب حانة البطل الفيكونت، وصرخ بأعلى صوته وهو يقرع النافذة الخشبية خلفه، “عشرون كأسًا من نبيذ الجاودار… العادي يكفي!”
تذكّر تاليس الملك في منتصف العمر، حامل الصولجان، ذي الابتسامة الهادئة. كان أحد ملوك الكوكبة الثلاثة في قاعة مينديس. وكانت صورته منقوشة على العملة الفضية للبلاد ومحفورة على صدر تاليس. ثم تذكّر الأختين كورليوني وما يُسمّى بـ”تحالف الليل المرصّع بالنجوم”.
(أجل، هذا صوتُ تنّين… ) لكنها أبت أن تعترف بأنه بدا بطوليًّا.
هزّ تاليس رأسه وطرد تلك الأفكار من ذهنه.
تحرّكت عينا كاسلان، فوقع بصره على تاليس، الذي لم يكن يبلغ حتى ارتفاع منضدة البار.
“ألا توافق على سياسة مينديس في الدبلوماسية؟” سأل الأمير بفضول.
“ثمن كل كأس من نبيذ الجاودار ستّ قطع نحاسية اكستيدتية، وسعر الكأس للنبلاء ستّون.” ألقى صاحب الحانة، العجوز كاسلان، نظرة فاترة على كيس النقود، ثم دفعه بعيدًا، مطلقًا همهمة باردة. “وأيضًا، لا أقبل القطع الذهبية.
“ليس الأمر كذلك.” هزّ بيوتراي رأسه. “إن التحالف مع سلالة الفجر والظلام كان أمرًا طبيعيًا جرى بتطوّر الأحداث نفسه. لدى أهل الشرق البعيد مثلٌ قديم يقول: ‘كوّن علاقة طيبة مع حلفائك البعيدين، وهاجم أعداءك القريبين.'”
Arisu-san
“كانت الحرب الرابعة لشبه الجزيرة واسعة النطاق للغاية، وكانت عواقبها مدمّرة،” تكلّم بيوتراي ببطء وهو غارق في تأمّلاته، “لكن بالنسبة إليّ، فإن الوضع السياسي الجديد قوّى الروابط والعلاقات بين شبهَي الجزيرة. والأسباب التي كانت تشعل حربًا عالمية أُسقطت بفعل الروابط المتشابكة التي ازدادت تعقيدًا بين البلدان، كالصراع بيننا وبين شبه الجزيرة الغربية. ومنذ الحرب الرابعة، لم نخض حربًا مع شِبهَي الجزيرة طوال قرنين. لقد نعمنا بأكثر من مئتي عام من السلام… قبل هذا، كانت شبها الجزيرة تندلع بينهما الحروب بسبب تراكم خلافاتنا حتى تبلغ حدّ الغليان كل قرن تقريبًا.”
قطّب تاليس حاجبيه. كان لا يزال يرى أنّ مستوى الإنتاج في البلاد ونظامها السياسي يجعلان ما يُسمّى بحرب شبه الجزيرة أمرًا غريبًا بعض الشيء.
قطّب تاليس حاجبيه. كان لا يزال يرى أنّ مستوى الإنتاج في البلاد ونظامها السياسي يجعلان ما يُسمّى بحرب شبه الجزيرة أمرًا غريبًا بعض الشيء.
(لقد تجولتُ خارجًا طويلًا، فاكتسبتُ أسنانًا صلبة ومعدةً حديدية من مغامراتي… لكن صاحب السمو…)
أن تعبر البحر وتخوض حملة على شبه الجزيرة الأخرى… كم يتطلب ذلك من الأيدي العاملة والإمدادات؟ وهل يمكن لكمية ضئيلة من الزيت الأبدي أن تعوّض النتائج والتبعات والمعاناة التي تجلبها تلك الحروب؟
حتى لو كانت من الفئة الفائقة.
تابعوا التقدّم، فيما واصل الجنود بجانبهم إلقاء النظرات نحوهم. وبعد قليل ظهرَت قرية أمام أعينهم.
“آه، أعرف هذا النقش… حارس القسم ميدير، أليس كذلك؟” تناول كاسلان القطع الفضية ورماها بلا مبالاة. ثم اختار القطعة النحاسية التي نُقش عليها رأس ميدير. أمعن النظر فيها قبل أن يرفع رأسه ويضحك، كاشفًا عن أسنان صفراء. “أنتم إذن من الإمبراطورية؟”
رفع تاليس رأسه. لاحظ وجود حبال معلّقة على الأشجار خلف القرية، ومربوطة عليها كميات كبيرة من الطعام كالقديد والخبز وغير ذلك من المواد. بل كانت هناك طرائد أيضًا: غزلان وثعالب وأرانب.
لم يستطع تاليس إلا أن يطلق ضحكة خافتة. في تلك اللحظة، نسي قليلًا أن هؤلاء جنودُ إكستيدت كانوا قد اشتبكوا مع حرّاسه على ساحة القتال، يحاول كل طرف قتل الآخر.
(أهذا من عادات إقليم الشمال؟)
“يا فتى، هذه حانتي.” كان شيخٌ ضخم القامة، شعره فضيّ، ووجهه مليء بالتجاعيد، يضع مرفقيه على منضدة البار الخشبية.
“لقد تأكّد جنودي من سلامة هذه القرية.” في تلك اللحظة، تقدّم من خلف المجموعة تابعٌ للآرشيدوق لامبارد، وهو الفيكونت كينتفيدا. تجاوز الحشد ودخل القرية، ثم ترجّل وسلّم زمام جواده لأحد الجنود. “سنُسرّح جزءًا من الجنود الذين جُنّدوا من القرى المحيطة. تستطيعون البحث عن نُزُل هنا لتستريحوا قليلًا وتتناولوا الغداء.”
“لا تكن متوتّرًا أكثر من اللازم. هذه ليست الكوكبة، بل إكستيدت!” ضحك النائب كينتفيدا بصوت عالٍ. “معظم أهل القرية محاربون قدامى سُرّحوا من الخدمة العسكرية. يمكن الوثوق بهم… وفي الحقيقة، فبدافع شرفهم وكرامتهم، سيكون الأمير، وهو ضيف هنا، أكثر أمانًا في وسطهم.”
وبمساعدة رالف، ترجّل تاليس عن جواده، وأطلق تنهيدة طويلة لقدرته أخيرًا على النزول من على صهوته. ثم رفع رأسه بحماسة يتفحّص القرية القائمة عند ممر رايمن.
وشعرت الآنسة جورا بقليل من الحرج.
كان المكان في الأصل قرية صغيرة وادعة لا تملك حتى سورًا. لكنها كانت محاطة في تلك اللحظة برجال أشدّاء طوال القامة يرتدون الدروع الكاملة. ومع أنّ معظم حرس الجيش كانوا يستريحون خارج القرية، فقد تمكّن تاليس من رؤية جنود الشمال يتحرّكون بين المنازل ذات الطابق الواحد، المبنية من الطين والحجارة.
“وأيضًا…” ترددت جالا، لكنها قالت أخيرًا: “أريد العثور على ثلاثة أطفال… لهم سمات مميّزة جدًّا، وقد تكون الأخوية قد اختطفتهم. لكنهم ليسوا في مدينة النجم الأبدي…”
ومع ذلك، فإن هؤلاء الجنود لم يبدُ أنهم يعكّرون سكينة القرية. بل اندمجوا مع رجالها ونسائها، المرتدين ثياب الخيش. وكانت الساحة مكتظة بالجنود والقرويين الجالسين، يشربون من أقداحهم، وضحكاتهم تعلو حتى تكاد تهزّ السماء.
“أحدهم صبيّ يبلغ العاشرة يُدعى سينتي. وهو أكبر قليلًا من الطفل العادي.
“هذه المرّة سأهزمك في الشرب، كريدون!” كان رجلان جالسين على طاولة ضخمة تبدو مخصّصة لعرض البضائع عادة. وكانت الطاولة مليئة بالأقداح، وأحد القرويين يضرب عليها بقبضته وهو ينظر إلى الجندي المقابل بلا تراجع. “أستطيع شرب عشرة أقداح خلال دقيقة!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تأملت الآنسة جورا السمراء بنظرة استنكار.
“سنعرف حالًا إن كنتَ تتبجّح.” رمى الجندي فأسه، وخلع درع الصدر، وضرب الطاولة بقبضته بالطريقة نفسها، غير راغب في إظهار أي ضعف. “من يفوز هو وحده من يظفر بإكليل الزهر الخاص بآروسا!”
سؤال جديد قفز إلى قلب تاليس.
كان ثَمّة جمعٌ من المتفرّجين يحيطون بهم، يثيرون جلبة بحماسة. وكانت بينهم شابّة تحمل سلّة زهور، وكانت تضحك بصوت عالٍ.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (إنها أطول مني. ساقاها أطول من ساقَيّ. و… مؤخرتها أكبر من مؤخرتي.)
“يا له من هراء!” وضعت سلّة الزهور، ورفعت تنّورتها بجسارة لتجلس وتنضمّ إلى مسابقة الشرب على الطاولة. “الشخص الذي يستطيع أن يتفوّق عليّ في الشرب هو من سينال إكليل الزهر خاصتي!”
“سنعرف حالًا إن كنتَ تتبجّح.” رمى الجندي فأسه، وخلع درع الصدر، وضرب الطاولة بقبضته بالطريقة نفسها، غير راغب في إظهار أي ضعف. “من يفوز هو وحده من يظفر بإكليل الزهر الخاص بآروسا!”
لم يستطع تاليس إلا أن يطلق ضحكة خافتة. في تلك اللحظة، نسي قليلًا أن هؤلاء جنودُ إكستيدت كانوا قد اشتبكوا مع حرّاسه على ساحة القتال، يحاول كل طرف قتل الآخر.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “الناس يسمّونه…
كان المشهد مختلفًا عن المدنيين المهذّبين الذين كان تاليس يلتقي بهم في مدينة النجم الابدي التابعة للكوكبة؛ مجتمع مختلف عن المدينة، التي كانت الحدود الطبقية فيها واضحة. كان إيقاع هذه القرية في إكستيدت صاخبًا جامحًا، والجوّ مفعمًا بالمرح والحيوية. وكان القرويون في معظمهم من الشماليين طوال القامة، ذوي بنيات قويّة، وهيئات جريئة، وضحكات داوية.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “أتتأكد أنّ الطريقة الأكثر أمانًا هي أن يدخل الجنود القرية ويشربوا مع القرويين؟” كان أحد جنود الشمال يضع ذراعه على أكتاف القرويين ويضحك بصخب فيما مرّ الاثنان بجانبهما. رأى مرافق الأمير الشاب، وايا كاسو، ذلك، فضغط بحذر على مقبض سيفه عند خصره، وبنبرة تنمّ عن عدم اقتناعه قال، “لو كنتُ قاتلًا، لاستطعت الاندساس وسط القرويين.”
“هيه، تولجا، كم سنمكث هنا؟” صرخ جندي ذو لحية كاملة في اتجاههم بصوت مرتفع. بدا كأنه ضابط متوسط الرتبة، وكان يحمل مطرقة حرب وكأسًا خشبيًا في يده الأخرى. “هيا، قل لي إننا سنبيت الليلة هنا!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “هذه المرّة سأهزمك في الشرب، كريدون!” كان رجلان جالسين على طاولة ضخمة تبدو مخصّصة لعرض البضائع عادة. وكانت الطاولة مليئة بالأقداح، وأحد القرويين يضرب عليها بقبضته وهو ينظر إلى الجندي المقابل بلا تراجع. “أستطيع شرب عشرة أقداح خلال دقيقة!”
“سنغادر عند الظهيرة،” ردّ تولجا بصوت عالٍ يملؤه الضيق، “وقبل ذلك، اشدُد سروالك يا رأس الحديد، كروسر!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الفصل 111: حانة كاسلان
“يا للخسارة.” أخذ الضابط الملتحي جرعة كبيرة من كأسه بخيبة أمل. وانحدر الشراب على لحيته وهو يتمتم، “أتذكّر أن حانة البطل فيها طاهية جميلة…”
مملكة الكوكبة، مدينة النجم الأبدي، المقاطعة الغربية، مدخل مركز شرطة المدينة الغربية.
لم يُعر تاليس اهتمامًا للجنود والقرويين الذين كانوا يشيرون إليه ويتحدّثون همسًا فيما بينهم. ولم يُبالِ بنظراتهم الاحتقارية والعدائية. مضى خلف كينتفيدا وتولجا، متقدّمًا إلى الأمام، وخلفه أعضاء البعثة الدبلوماسية.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ضحكت جالا.
“أتتأكد أنّ الطريقة الأكثر أمانًا هي أن يدخل الجنود القرية ويشربوا مع القرويين؟” كان أحد جنود الشمال يضع ذراعه على أكتاف القرويين ويضحك بصخب فيما مرّ الاثنان بجانبهما. رأى مرافق الأمير الشاب، وايا كاسو، ذلك، فضغط بحذر على مقبض سيفه عند خصره، وبنبرة تنمّ عن عدم اقتناعه قال، “لو كنتُ قاتلًا، لاستطعت الاندساس وسط القرويين.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “ربما يمكنكِ مساعدتي في الواقع,” قالت جالا ببطء، “يا جورا، أنتِ سكرتيرة مركز الشرطة. يمكنكِ رؤية جميع الملفات، والمكافآت، والمعلومات الموجودة هناك. هل لكِ أن تراقبي لي بعض الأخبار؟”
“لا تكن متوتّرًا أكثر من اللازم. هذه ليست الكوكبة، بل إكستيدت!” ضحك النائب كينتفيدا بصوت عالٍ. “معظم أهل القرية محاربون قدامى سُرّحوا من الخدمة العسكرية. يمكن الوثوق بهم… وفي الحقيقة، فبدافع شرفهم وكرامتهم، سيكون الأمير، وهو ضيف هنا، أكثر أمانًا في وسطهم.”
وبمساعدة رالف، ترجّل تاليس عن جواده، وأطلق تنهيدة طويلة لقدرته أخيرًا على النزول من على صهوته. ثم رفع رأسه بحماسة يتفحّص القرية القائمة عند ممر رايمن.
هزّ وايا كتفيه، وأرخى شفتيه معبّرًا عن شكّه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “حين كانت الإمبراطورية القديمة قائمة، كان هذا موضعًا سيّئ السمعة يُنفى إليه المجرمون. مكانًا مضطربًا. وعندما سقطت الإمبراطورية، ازدادت الفوضى. ظلّ الأمر كذلك حتى انتقل فرعٌ من الجان إلى هذا الموضع واستقرّوا هنا ما يقارب ثلاثمئة عام. تنقّلوا بحريّة بين الجبال، وحين بلغوا ذروة قوّتهم، شيّدوا مملكتهم الخاصة… وبعد معركة الإبادة، أصبحت الجهة الشماليّة الغربيّة من جبال التنهد خاضعة لشبه الجزيرة الغربية، بينما آلت الجهة الجنوبية الشرقية إلى هانبول في شبه الجزيرة الشرقية.”
“لا تقلق.” أومأ تاليس لمُرافقه. “لقد تفرّق الجنود وامتزجوا بالقرية. حتى القتلة سيفكّرون مليًّا في الاحتمالات والعواقب قبل الإقدام على اغتيال.”
Arisu-san
“هذه قرية الممرّ الجبلي، صحيح؟” التفت بيوتراي حوله بنظرة مفعمة بالحنين. “أذكر أن هنا حانة صاحبها ذائع الصيت…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع كينتفيدا يديه نحو تولجا خلفه، وعلامات الاستسلام بادية عليه.
“حانة البطل. افتُتحت قبل عشرين عامًا على يد محاربٍ مُتقاعد،” قال تولجا بخفوت إلى جواره، “نبيذ الجاودار في الحانة مشهور على نطاق واسع.”
“لم تُخلِ الحانة،” قال وايا بعبوس، “إذن، صاحب السموّ—”
كان تاليس، الذي كان يتفحّص المكان حوله بفضول، يتبع كينتفيدا وتولجا بينما يدخلون مبنًى حجريًا أكبر حجمًا. كانت على الباب لافتة كبيرة عليها رسمٌ لكأس خمر. دفع فارس النار البابين ودخل إلى حانة البطل الصاخبة.
“يا له من هراء!” وضعت سلّة الزهور، ورفعت تنّورتها بجسارة لتجلس وتنضمّ إلى مسابقة الشرب على الطاولة. “الشخص الذي يستطيع أن يتفوّق عليّ في الشرب هو من سينال إكليل الزهر خاصتي!”
تبع تاليس خطاه ودخل المبنى الحجري الدافئ. وما إن تبدّد البرد من جسده حتى لاحظ أن الروّاد الذين يملؤون الحانة قد لاذوا بالصمت فجأة. كانت نظرات كثيرة تنصبّ عليه. تبيّن له أن بعضهم من جنود الشمال، ومن الواضح أنهم وصلوا حديثًا.
“هديةٌ للجبال؟” مضغ تاليس الخبز القاسي وسأل بفضول بنبرة مكتومة: “يوم ما قبل الشتاء القارس؟”
لكن بعد ثوانٍ قليلة عاد صخب الحانة كما كان، كأن الداخلين مجرد أشخاصٍ عاديين.
تابعوا التقدّم، فيما واصل الجنود بجانبهم إلقاء النظرات نحوهم. وبعد قليل ظهرَت قرية أمام أعينهم.
“لم تُخلِ الحانة،” قال وايا بعبوس، “إذن، صاحب السموّ—”
تغيّر وجه كاسلان. نظر إلى تاليس، وازدادت نظراته امتلاءً بالاهتمام.
ارتفع صوتٌ جهوريٌ عجوزٌ، خشنٌ، كأنه انفجار.
حتى لو كانت من الفئة الفائقة.
“يا فتى، هذه حانتي.” كان شيخٌ ضخم القامة، شعره فضيّ، ووجهه مليء بالتجاعيد، يضع مرفقيه على منضدة البار الخشبية.
“ما الأمر؟” تنبّهت آيدا لنظراته، وبسطت يديها بضيق. “لا أعرف أيّ جيل من أقاربي عاش هنا أيضًا. تاريخي سيّئ!”
وبتعبيرٍ متعالٍ قال، “لا يهمّ إن كان ملكًا، أو كاهنًا، أو غريبًا، أو حتى تجسُدًا. لا أحد يطرد زبائني من هنا!”
“ليس الأمر كذلك.” هزّ بيوتراي رأسه. “إن التحالف مع سلالة الفجر والظلام كان أمرًا طبيعيًا جرى بتطوّر الأحداث نفسه. لدى أهل الشرق البعيد مثلٌ قديم يقول: ‘كوّن علاقة طيبة مع حلفائك البعيدين، وهاجم أعداءك القريبين.'”
عقد وايا حاجبيه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (إنها أطول مني. ساقاها أطول من ساقَيّ. و… مؤخرتها أكبر من مؤخرتي.)
ضيّق الشيخ عينيه، ثم انحنى قليلًا لينظر إلى تاليس. ارتسمت على وجهه ملامح غريبة. “يبدو أنكم كُثُر… أنا لا أُقدّم الخدمة إلا لزبائن يستطيعون الدفع.”
“حقوق صيدها، ونصيب كل طرف، ومناطق الصيد، والفصول التي يُمنع فيها صيد الحيتان؛ كانت هذه دومًا جوهر الجدال بين تلك البلدان الواقعة على الساحلين… وهذا كان الموضوع الرئيسي في الحروب الأربع لشبه الجزيرة. وبالطبع، بعد الحرب الثالثة، تغيّر الوضع السياسي على الساحلين بدرجة كبيرة. علاقتنا بإكستيدت تدهورت تمامًا، وسلالة الفجر والظلام دخلت في صراع مع هانبول على الهيمنة المطلقة في شبه الجزيرة الشرقية. وفي النهاية، تحت سياسة الملك الفاضل، ميدير الثالث، عقدنا تحالفًا مع سلالة الفجر والظلام، بينما اقتربت إكستيدت من هانبول…”
ابتسم تاليس نحوه.
“وأيضًا…” ترددت جالا، لكنها قالت أخيرًا: “أريد العثور على ثلاثة أطفال… لهم سمات مميّزة جدًّا، وقد تكون الأخوية قد اختطفتهم. لكنهم ليسوا في مدينة النجم الأبدي…”
لم يستطع الأمير إلا أن يلحظ أن الرجل العجوز أمامه، رغم تقدّم عمره—لا بد أنه تجاوز الستين—ما تزال عضلات ذراعيه مشدودة، وخصره عريضًا، ووقفته مستقيمة. وكانت نظرته حادّة مباشرة.
“اندلعت الحرب بسبب الصراع بين شبهَي الجزيرة، على سبيل المثال تناقص اعداد الحيتان في بحر الإبادة. فبعد معركة الإبادة، اكتشفنا أن الزيت الأبدي داخلها هو أفضل أنواع الوقود، بل هو أفضل حتى من الفحم.” قدّم بيوتراي جوابًا عن سؤاله.
“كاسلان! لا تقلق حيال العدد، ولا مسألة النقود!” ضحك كينتفيدا بصوت عالٍ. جلس بلا تحفّظ أمام منضدة البار ثم أخرج كيسًا من النقود. “لدينا الكثير من القطع الذهبية المستديرة التي تحمل نقش رأس رايكارو… ودعني أقول لك شيئًا آخر: آرشيدوق الرمال السوداء طلب منّي أن أرسل إليك سلامه، وأن أحيّي السيدة تاليا!”
ومع ذلك، فإن هؤلاء الجنود لم يبدُ أنهم يعكّرون سكينة القرية. بل اندمجوا مع رجالها ونسائها، المرتدين ثياب الخيش. وكانت الساحة مكتظة بالجنود والقرويين الجالسين، يشربون من أقداحهم، وضحكاتهم تعلو حتى تكاد تهزّ السماء.
رمقه الشيخ بنظرة غامضة.
هزّ ذراعه مجددًا، فسقطت تلك الأقداح العشرة تقريبًا على منضدة الحانة. وانتزع براين العود برشاقة ورفع برميل خمرٍ خشبيٍّ ضخم. وبينما كان يسكب الخمر في الأقداح، رمق المجموعة بنظرة عدائية. بل إن عينيه حدّقتا في تاليس أثناء ذلك.
خطر ببال تاليس: “إنه مجرد محارب متقاعد وصاحب حانة عادي، ومع ذلك يهتمّ به آرشيدوق الرمال السوداء شخصيًا؟”
“أنتِ تحبّينه، تُعجَبين به، تعشقينه لدرجة الموت، تريدين إنجاب أطفاله، إلى آخره.” وحين رمقتها السكرتيرة بنظرة غريبة من جديد، هزّت جالا رأسها. “لا شأن لي بهذا… ولا أريد أن أصبح منافِسَتَكِ أو خصمكِ في الحب. أنا هنا فقط لطلب مساعدته.”
لكن كينتفيدا لم ينل الردّ الذي توقّعه.
وشعرت الآنسة جورا بقليل من الحرج.
“ثمن كل كأس من نبيذ الجاودار ستّ قطع نحاسية اكستيدتية، وسعر الكأس للنبلاء ستّون.” ألقى صاحب الحانة، العجوز كاسلان، نظرة فاترة على كيس النقود، ثم دفعه بعيدًا، مطلقًا همهمة باردة. “وأيضًا، لا أقبل القطع الذهبية.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“خصوصًا الذهب القادم من لامبارد، الذي قتل أفراد عائلته.”
(لحسن الحظ، صدري أكبر من صدرها.)
تجمّد تعبير كينتفيدا فورًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم يكن يستطيع الاعتماد على تلك الجنية التي لا تتذكّر حتى اسمها.
وصُدم تاليس بدوره. “قتل أفراد عائلته؟”
وفي هذه اللحظة، كان وجودُ حرّاسٍ يعرفون لغة الإشارة بالغ الأهمية.
رفع كينتفيدا يديه نحو تولجا خلفه، وعلامات الاستسلام بادية عليه.
“كانت جبال التنهد في عهد الإمبراطورية القديمة أعلى الجبال جميعًا. كانت السلسلة متصلة بنهر كويكير الجليدي شمالًا، وتمتد جنوبًا عبر مقاطعة الشمال ومقاطعة الجنوب الشرقي، وقد فصلت المنطقة الشمالية من الإمبراطورية. وهي الآن تلّ بحر الشرق في الكوكبة، كما أنها إقطاعية الدوق كولين. إنّ أخطار جبال التنهد وصعوبة تسلّقها جعلت المسافرين يتوقّفون كلما رأوها، فلا يملكون إلا أن ينحنوا برؤوسهم ويتنهّدوا. وهكذا نالت هذا الاسم.” وضع بيوتراي غليونه جانبًا وخفض رأسه بدوره متنهّدًا، كأنّه يجيب كلماته بنفسه.
“كانت معركة وراثة. طقس قديم.” تقدّم تولجا وأخرج كيسًا مليئًا بقطع نحاسية وفضية من إكستيدت. وتابع ببرود دون أن يطرف له جفن، “لقد هزم الأرشيدوقُ أخاه الأكبر، هذا كل شيء… كانت وفاته مجرد حادث.”
وبمساعدة رالف، ترجّل تاليس عن جواده، وأطلق تنهيدة طويلة لقدرته أخيرًا على النزول من على صهوته. ثم رفع رأسه بحماسة يتفحّص القرية القائمة عند ممر رايمن.
“ليقل ما يشاء. لقد قتل عائلته، وهذا كل شيء!” تلقّى العجوز كاسلان كيس النقود بازدراء. “أما ما يسمّى بمعركة الطقوس القديمة… فذاك أمر ولّى، وكان ما يستعمله مواطنو الإمبراطورية ليجعلونا نقتل بعضنا بعضًا.”
تغيّر وجه كاسلان. نظر إلى تاليس، وازدادت نظراته امتلاءً بالاهتمام.
“آرشيدوق الرمال السوداء قتل أخاه الأكبر، فاز بحق الوراثة، واتّبع طقسًا يبدو أنه من عهد الإمبراطورية القديمة؟”
“صراحةً، إن لم يكن الأمر مزعجًا للغاية,” قالت السكرتيرة وفي صوتها شيء من الحرج، “ربما أستطيع مساعدتكِ. فأنتِ أيضًا صديقةٌ لكوهين…”
خزّن تاليس ذلك في صدره بصمت.
“هاهاها…”
ثم ألقى نظرة على ذلك الشيخ الفظّ. (وفوق هذا… يبدو أن لصاحب الحانة خلفية غير عادية. ولا يبدو في صفّ لامبارد.)
Arisu-san
(ربما أستطيع استقاء بعض المعلومات منه؟)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ضَحِكت جالا شارلتون فورًا.
“إذن واحد، اثنان، ثلاثة… ستّة، سبعة، ثمانية…” هزّ كاسلان كيس النقود في يده وهو يعدّ الأشخاص الواقفين أمامه.
لمس تاليس القدح الخشبي الذي يساوي نصف حجم رأسه، ثم أدرك بعقلانية ألا يمسّه. “أوه، بالمناسبة، عندما دخلتُ القرية رأيتُ شتّى أنواع الطعام معلّقة على الأشجار قرب المدخل. ما الغرض من ذلك؟”
“انتظر!” لمعت فكرة في ذهن تاليس، فنطق في اللحظة المناسبة، “دعهم يدفعون بنقود آرشيدوق الرمال السوداء، ولكننا سندفع بنقودنا… نحن، آه… نحو اثني عشر شخصًا…”
“يا للخسارة.” أخذ الضابط الملتحي جرعة كبيرة من كأسه بخيبة أمل. وانحدر الشراب على لحيته وهو يتمتم، “أتذكّر أن حانة البطل فيها طاهية جميلة…”
تحرّكت عينا كاسلان، فوقع بصره على تاليس، الذي لم يكن يبلغ حتى ارتفاع منضدة البار.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “أتتأكد أنّ الطريقة الأكثر أمانًا هي أن يدخل الجنود القرية ويشربوا مع القرويين؟” كان أحد جنود الشمال يضع ذراعه على أكتاف القرويين ويضحك بصخب فيما مرّ الاثنان بجانبهما. رأى مرافق الأمير الشاب، وايا كاسو، ذلك، فضغط بحذر على مقبض سيفه عند خصره، وبنبرة تنمّ عن عدم اقتناعه قال، “لو كنتُ قاتلًا، لاستطعت الاندساس وسط القرويين.”
قطّب كينتفيدا حاجبيه ونظر إلى تاليس، وكأن أمرًا ما قد خطر له.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ثم ألقى نظرة على ذلك الشيخ الفظّ. (وفوق هذا… يبدو أن لصاحب الحانة خلفية غير عادية. ولا يبدو في صفّ لامبارد.)
أومأ تاليس في اتجاه بيوتراي. رفع الأخير حاجبيه ثم تقدّم وأخرج بعض القطع الفضية والنحاسية.
هزّ تاليس كتفيه.
“آه، أعرف هذا النقش… حارس القسم ميدير، أليس كذلك؟” تناول كاسلان القطع الفضية ورماها بلا مبالاة. ثم اختار القطعة النحاسية التي نُقش عليها رأس ميدير. أمعن النظر فيها قبل أن يرفع رأسه ويضحك، كاشفًا عن أسنان صفراء. “أنتم إذن من الإمبراطورية؟”
“هيه، تولجا، كم سنمكث هنا؟” صرخ جندي ذو لحية كاملة في اتجاههم بصوت مرتفع. بدا كأنه ضابط متوسط الرتبة، وكان يحمل مطرقة حرب وكأسًا خشبيًا في يده الأخرى. “هيا، قل لي إننا سنبيت الليلة هنا!”
ابتسم تاليس وهزّ رأسه. “لا، نحن نأتي من الكوكبة.”
“من الأفضل أن تأكل شيئًا منه.” نطق كينتفيدا ببرود. “علينا أن نتابع طريقنا في الظهيرة… ولن ننصب المخيّم إلا ليلًا.”
تغيّر وجه وايا بجانبه، بينما بدا بيوتراي وكأنه يفكّر في شيء.
(وفوق ذلك، ليست أنثوية مثلي. إنها تبدو كالصبي.)
“فهمت، أيها الصغير. أنت أمير الكوكبة… ذاك الذي جاء ليعتذر.” حدّق كاسلان فيه مباشرة. “أمامك رحلة طويلة وشاقة.”
“تلك هدايا للتجسُدات.” ابتسم صاحب الحانة، الشيخ كاسلان، وتابع: “نعلّق أول صيدٍ نحصل عليه خلال النهار أو أول طعامٍ نلمسه على الشجرة. وهو ملكٌ خالص للتجسُدات… ولا يجوز أن يأكل منه إلا المسافرون الذين اضطُرّوا إلى الخروج أثناء يوم ما قبل الشتاء القارس، لأن ذلك بفضلٍ من التجسُدات.”
هزّ تاليس كتفيه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “وهذا هو ما سبّب الحرب الرابعة لشبه الجزيرة، التي وقعت في السنة 468 من تقويم الإبادة، وقد حوّلت الأمور إلى حرب عالمية حقيقية. لم تعد نيران الحرب محصورة بفصيل يعبر البحر لغزو فصيل آخر، بل امتدت إلى كل زاوية من العالم.”
“حسنٌ إذن.” رفع كاسلان أنفه. “القطع الفضية للكوكبة أثمن من قطعنا. لا سبب يدعوني لرفض نقودكم.”
“همف، برايان!” تجاهل صاحب حانة البطل الفيكونت، وصرخ بأعلى صوته وهو يقرع النافذة الخشبية خلفه، “عشرون كأسًا من نبيذ الجاودار… العادي يكفي!”
“مهلًا!” احتجّ كينتفيدا. “أمِن الممكن أن تكون قطع آرشيدوق لامبارد الذهبية بلا قيمة؟”
حتى لو كانت من الفئة الفائقة.
“همف، برايان!” تجاهل صاحب حانة البطل الفيكونت، وصرخ بأعلى صوته وهو يقرع النافذة الخشبية خلفه، “عشرون كأسًا من نبيذ الجاودار… العادي يكفي!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (أهذا من عادات إقليم الشمال؟)
خرج رجل طويل، شعره أسود، في الثلاثينيات من عمره، من خلف المنضدة. كان على الجانب الأيسر من وجهه أثر حريق. وأطلق همهمة باردة.
تغيّر وجه الآنسة جورا، كأن صاعقة ضربتها.
كان مساعد الحانة سيّئ المزاج، فرفع عودًا خشبيًّا رفيعًا والتفت نحو الخزانة الخشبية خلفه. ثم، بهزّةٍ من ذراعه، خطف آذان عشرةٍ تقريبًا من الأقداح الخشبية ببراعة عظيمة وجذبها، مصطفّةً على العود كأنها سيخ كباب.
رفع تاليس رأسه. لاحظ وجود حبال معلّقة على الأشجار خلف القرية، ومربوطة عليها كميات كبيرة من الطعام كالقديد والخبز وغير ذلك من المواد. بل كانت هناك طرائد أيضًا: غزلان وثعالب وأرانب.
هزّ ذراعه مجددًا، فسقطت تلك الأقداح العشرة تقريبًا على منضدة الحانة. وانتزع براين العود برشاقة ورفع برميل خمرٍ خشبيٍّ ضخم. وبينما كان يسكب الخمر في الأقداح، رمق المجموعة بنظرة عدائية. بل إن عينيه حدّقتا في تاليس أثناء ذلك.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الفصل 111: حانة كاسلان
“هذا ليس أمرًا يمكن فعله بقوّة ذراعٍ عاديّة.” نظر وايا إلى حركات المساعد وتبدّل وجهه. نطق بنبرة منخفضة: “أستطيع أن أراهن على أنه خبيرٌ بالسيف.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “أبقِ رمحيكَ قريبَيْن من جانبيكَ.” تحدّث المخضرم جينارد بعبوس: “قد يهجمون علينا في أي لحظة.”
“لا تُبالِ به.” ضحك كاسلان بصوتٍ قوي. “مساعديني هنا جميعهم رجالٌ غلاظ كانوا يومًا جنودًا…”
“يقول أخي إنه رأى أطفالًا كهؤلاء من قبل؛ فتى وفتاة.”
نطق تولجا ببرود، “بطبيعة الحال. حانة البطل هي ملتقى… ومفترق طرق لجنود الشمال المتقاعدين.”
“آسفة، القائد كوهين كارابيان تقدّم بطلب إجازة لمدّة شهر.” نظرت سكرتيرة مركز شرطة المقاطعة الغربية، الآنسة جورا، ببرود إلى الشابّة السمراء ذات الشعر القصير الواقف أمامها. “أعني، لشهرٍ على الأقل.”
اكتشف تاليس، وقد خاب أمله، أنه عاجزٌ حتى عن تسلّق المقعد عند منضدة الحانة. لم يكن طويل القامة بما يكفي. ولو تكلّم في تلك اللحظة والجموع تنظر إليه لكان الموقف محرجًا للغاية.
ما إن خطر هذا ببال الآنسة جورا حتى تحسّن مزاجها فورًا.
وفي هذه اللحظة، كان وجودُ حرّاسٍ يعرفون لغة الإشارة بالغ الأهمية.
لكن بعد ثوانٍ قليلة عاد صخب الحانة كما كان، كأن الداخلين مجرد أشخاصٍ عاديين.
رفع رالف تاليس ووضعه على المقعد العالي عند منضدة الحانة (أما وايا، الذي اكتشف أنه فشل مرة أخرى في أداء واجبه، فقد عبس مجددًا). جلس كينتفيدا وبيوتراي إلى جانبه. أمّا مواطنو الكوكبة وإكستيدت، فانقسموا إلى مجموعتين واضحتي الحدود، وجلس جنودهم عند طاولتين دائريتين، يرمق بعضهم بعضًا بنظرات حادّة.
حدّقت الآنسة جورا بالمرأة في ذهول. تقلّصت حاجباها وتبدّلت ملامحها.
“يا للسماوات.” نظر ويلو إلى زبائن الشمال الصاخبين من حوله، وقد امتلأ حماسًا، وقال: “لم أشرب قط في مكانٍ بعيدٍ إلى هذا الحد.”
كان المكان في الأصل قرية صغيرة وادعة لا تملك حتى سورًا. لكنها كانت محاطة في تلك اللحظة برجال أشدّاء طوال القامة يرتدون الدروع الكاملة. ومع أنّ معظم حرس الجيش كانوا يستريحون خارج القرية، فقد تمكّن تاليس من رؤية جنود الشمال يتحرّكون بين المنازل ذات الطابق الواحد، المبنية من الطين والحجارة.
“أبقِ رمحيكَ قريبَيْن من جانبيكَ.” تحدّث المخضرم جينارد بعبوس: “قد يهجمون علينا في أي لحظة.”
“خصوصًا الذهب القادم من لامبارد، الذي قتل أفراد عائلته.”
ارتسمت التفافة طفيفة على شفتي تاليس وهو يستخرج من ذاكرته مهارته القديمة في الأحاديث العابرة. كانت خامدةً منذ زمن. “يا سيّد كاسلان، متى افتتحتَ حانة البطل؟ ولماذا أسميتها بهذا الاسم؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “حين كانت الإمبراطورية القديمة قائمة، كان هذا موضعًا سيّئ السمعة يُنفى إليه المجرمون. مكانًا مضطربًا. وعندما سقطت الإمبراطورية، ازدادت الفوضى. ظلّ الأمر كذلك حتى انتقل فرعٌ من الجان إلى هذا الموضع واستقرّوا هنا ما يقارب ثلاثمئة عام. تنقّلوا بحريّة بين الجبال، وحين بلغوا ذروة قوّتهم، شيّدوا مملكتهم الخاصة… وبعد معركة الإبادة، أصبحت الجهة الشماليّة الغربيّة من جبال التنهد خاضعة لشبه الجزيرة الغربية، بينما آلت الجهة الجنوبية الشرقية إلى هانبول في شبه الجزيرة الشرقية.”
“لقد مرّ عشرون عامًا منذ أن افتتحتها.” شاهد كاسلان براين وهو يملأ الأقداح بتكاسل وجلب ثلاثةً منها إلى المنضدة. وطلب من براين أن يأتي بالباقي على صينية. “أُصبت في المعركة فاعتزلت. ثم عدتُ إلى قريتي لأفتح حانة… أمّا سبب تسميتها حانة البطل، فهه، فزوجتي هي من أطلقت عليها هذا الاسم الممل.”
أطلقت جالا تنهيدة طويلة وقالت بنبرة منخفضة: “أريد أن أتحقّق من مواقع تهريب الأسلحة من مملكة الكوكبة إلى الدول الأخرى خلال السنوات الماضية… وخصوصًا تلك المتعلّقة بالأخوية… ورجل يدعى رودا…”
لمس تاليس القدح الخشبي الذي يساوي نصف حجم رأسه، ثم أدرك بعقلانية ألا يمسّه. “أوه، بالمناسبة، عندما دخلتُ القرية رأيتُ شتّى أنواع الطعام معلّقة على الأشجار قرب المدخل. ما الغرض من ذلك؟”
وقد بدا الأمر وكأنه لا يأكل شيئًا عسير البلع، بل…
“إن يوم ما قبل الشتاء القارس على وشك الوصول.” تثاءب كاسلان وجلب لهم بضعة صحون من الخبز الأسود. ولم يثر الخبز أي شهية لدى الآخرين حين رأوه. “ذاك هديةٌ للجبال.”
رفع تاليس رأسه ووسّع مجاله البصري، ثم نفث نفخة من الهواء الدافئ وسط ذلك البرد القارس.
اعتاد تولجا وكينتفيدا الخبز الأسود، فالتقطاه وأكلا منه مع شراب الجاودار. وكان كينتفيدا يحدّق بوايا الذي لم يعرف كيف يأكل الخبز، كأنه يشاهد عرضًا ممتعًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان المشهد مختلفًا عن المدنيين المهذّبين الذين كان تاليس يلتقي بهم في مدينة النجم الابدي التابعة للكوكبة؛ مجتمع مختلف عن المدينة، التي كانت الحدود الطبقية فيها واضحة. كان إيقاع هذه القرية في إكستيدت صاخبًا جامحًا، والجوّ مفعمًا بالمرح والحيوية. وكان القرويون في معظمهم من الشماليين طوال القامة، ذوي بنيات قويّة، وهيئات جريئة، وضحكات داوية.
“من الأفضل أن تأكل شيئًا منه.” نطق كينتفيدا ببرود. “علينا أن نتابع طريقنا في الظهيرة… ولن ننصب المخيّم إلا ليلًا.”
هزّ تاليس رأسه وطرد تلك الأفكار من ذهنه.
(أهل الكوكبة الذين عاشوا حياة مرفّهة…) ضحك كينتفيدا ساخرًا في قلبه. (هذه هي الوجبة المميّزة لحانة البطل، وطعامٌ أساسي لقُرى الشمال مصنوع من الحبوب الخشنة الشائعة.)
وقد بدا الأمر وكأنه لا يأكل شيئًا عسير البلع، بل…
حدّق وايا بالخبز الأسود أمامه وهو يقطّب حاجبيه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الفصل 111: حانة كاسلان
زفر بيوتراي والتقط قطعة الخبز. (يبدو أن هذا طعام غدائنا اليوم.)
(لقد تجولتُ خارجًا طويلًا، فاكتسبتُ أسنانًا صلبة ومعدةً حديدية من مغامراتي… لكن صاحب السمو…)
(وربما يفعل كينتفيدا هذا عن عمد. إمّا يختبر موقف الأمير، أو ينتقم منه لأنه أعرض عنه. أحد الأمرين.)
“سيّد الجبال.”
لكن سرعان ما اكتشف الجميع بدهشة أن الأمير الثاني النبيل لمملكة الكوكبة، الأمير تاليس جيدستار، أخذ قطعةً سميكة وصلبة من الخبز الأسود…
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “إنه ذكيّ أكثر من اللازم، وناضج أكثر من اللازم.” خفضت جالا عينيها وأكملت شرحها.
وأطبق عليها بأسنانه دون أي تردد.
خفت بريق عيني جالا. “إنّه… صبيّ لا يبدو كغيره من الصبية.”
وقد بدا الأمر وكأنه لا يأكل شيئًا عسير البلع، بل…
حدّق وايا بالخبز الأسود أمامه وهو يقطّب حاجبيه.
“هديةٌ للجبال؟” مضغ تاليس الخبز القاسي وسأل بفضول بنبرة مكتومة: “يوم ما قبل الشتاء القارس؟”
هزّ وايا كتفيه، وأرخى شفتيه معبّرًا عن شكّه.
(مم… المذاق ليس سيئًا. أستطيع أن أمضغه حتى النهاية… ليس كالخبز الأسود في الأخوية. عندما يزداد سوءًا كنّا نضطر لشوائه بالنار.)
“لا تقلق.” أومأ تاليس لمُرافقه. “لقد تفرّق الجنود وامتزجوا بالقرية. حتى القتلة سيفكّرون مليًّا في الاحتمالات والعواقب قبل الإقدام على اغتيال.”
تغيّر وجه كاسلان. نظر إلى تاليس، وازدادت نظراته امتلاءً بالاهتمام.
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
“يوم ما قبل الشتاء القارس ظاهرةٌ طبيعية فريدة في الشمال. في ذلك الوقت، يستقبل الشمال أبرد أيام السنة. ينقص وقت النهار بشدّة. ومن يخرج لا بد أن يرتدي معاطف فروّ سميكة للغاية، وأن يحمل ما يكفي لإبقاء النار مشتعلة، ولا يجوز له الابتعاد كثيرًا. والمدة المتاحة للعمل خارجًا تنحصر في ثلاث ساعات.” راقب بيوتراي بتعبير غريب وجه تاليس وهو يأكل بنهم.
“سنعرف حالًا إن كنتَ تتبجّح.” رمى الجندي فأسه، وخلع درع الصدر، وضرب الطاولة بقبضته بالطريقة نفسها، غير راغب في إظهار أي ضعف. “من يفوز هو وحده من يظفر بإكليل الزهر الخاص بآروسا!”
(لقد تجولتُ خارجًا طويلًا، فاكتسبتُ أسنانًا صلبة ومعدةً حديدية من مغامراتي… لكن صاحب السمو…)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com قبضت الآنسة جورا يدها في قلبها. (أتظنّين أن الأمر ينتهي ببساطة لأنك قلتِ إنكِ لا تحبّينه؟ يا للسخرية… لا تستهيني بهوس امرأة، سواء كان هوسها أو هوس منافِستِها!)
أكل وايا الخبز بوجهٍ عابس، ولم يشعر إلا بالرغبة في التقيؤ. غير أنه حين رأى رالف يستمتع بالخبز، عاد إليه بعض الشهية، إذ اشتعلت روحه التنافسية فورًا.
“اندلعت الحرب بسبب الصراع بين شبهَي الجزيرة، على سبيل المثال تناقص اعداد الحيتان في بحر الإبادة. فبعد معركة الإبادة، اكتشفنا أن الزيت الأبدي داخلها هو أفضل أنواع الوقود، بل هو أفضل حتى من الفحم.” قدّم بيوتراي جوابًا عن سؤاله.
“يوم ما قبل الشتاء القارس قد يستمر بضعة أسابيع إن كان قصيرًا؛ وشهرًا إن طال.” واصل بيوتراي حديثه. “أمّا الهدايا للجبال…”
كان تاليس، الذي كان يتفحّص المكان حوله بفضول، يتبع كينتفيدا وتولجا بينما يدخلون مبنًى حجريًا أكبر حجمًا. كانت على الباب لافتة كبيرة عليها رسمٌ لكأس خمر. دفع فارس النار البابين ودخل إلى حانة البطل الصاخبة.
“تلك هدايا للتجسُدات.” ابتسم صاحب الحانة، الشيخ كاسلان، وتابع: “نعلّق أول صيدٍ نحصل عليه خلال النهار أو أول طعامٍ نلمسه على الشجرة. وهو ملكٌ خالص للتجسُدات… ولا يجوز أن يأكل منه إلا المسافرون الذين اضطُرّوا إلى الخروج أثناء يوم ما قبل الشتاء القارس، لأن ذلك بفضلٍ من التجسُدات.”
وبتعبيرٍ متعالٍ قال، “لا يهمّ إن كان ملكًا، أو كاهنًا، أو غريبًا، أو حتى تجسُدًا. لا أحد يطرد زبائني من هنا!”
“تجسُدات…” ابتلع تاليس الخبز. “أي تجسيد؟ الغروب؟ القمر الساطع؟ الليل الداكن؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “هذه المرّة سأهزمك في الشرب، كريدون!” كان رجلان جالسين على طاولة ضخمة تبدو مخصّصة لعرض البضائع عادة. وكانت الطاولة مليئة بالأقداح، وأحد القرويين يضرب عليها بقبضته وهو ينظر إلى الجندي المقابل بلا تراجع. “أستطيع شرب عشرة أقداح خلال دقيقة!”
في ذاكرته، كانت التجسُدات الأكثر انتشارًا والتي لها قاعات في مدينة النجم الأبدي هي هذه الثلاثة.
“أبعد شمال السلسلة تقع مدينة إيلافور في إكستيدت، وهي إقطاعية الآرشيدوق هناك، وأبعد جنوبها تقع منطقة منحدرات البحر في الكوكبة، وهي أيضًا إقطاعية الدوق الحارس المتمركز هناك. ولكن بسبب حوافّ جبال التنهد الحادّة ومناخ الشمال، انتهى الأمر بمدينة إيلافور ومنطقة منحدرات البحر قريبتين من بحر الإبادة. والمرافئ فيهما قليلة للغاية، وما لديهم يقع في مواضع غريبة عند حافة المنحدر…”
لكن كاسلان ابتسم. “ليسوا هم. ما نُحييه هو التجسيد الذي بُجل منذ الأزمنة القديمة في الشمال، بل وفي العالم. يعتني بالأرض والجبال، وهو تجسيدٌ كريم يحمي المسافرين في العراء.
وأطبق عليها بأسنانه دون أي تردد.
“الناس يسمّونه…
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (إنها أطول مني. ساقاها أطول من ساقَيّ. و… مؤخرتها أكبر من مؤخرتي.)
“سيّد الجبال.”
“هكذا إذن؟ طفل ناضج، همم؟” هزّت السكرتيرة كتفيها واستمرت في تدوين الملاحظات.
…
“أنتِ تحبّينه، تُعجَبين به، تعشقينه لدرجة الموت، تريدين إنجاب أطفاله، إلى آخره.” وحين رمقتها السكرتيرة بنظرة غريبة من جديد، هزّت جالا رأسها. “لا شأن لي بهذا… ولا أريد أن أصبح منافِسَتَكِ أو خصمكِ في الحب. أنا هنا فقط لطلب مساعدته.”
مملكة الكوكبة، مدينة النجم الأبدي، المقاطعة الغربية، مدخل مركز شرطة المدينة الغربية.
(جان في جبال التنهد؟ مهلاً ،سجلات “معركة الإبادة: خراب العالم” بدا وكأنه ذكر هذا من قبل؟)
“آسفة، القائد كوهين كارابيان تقدّم بطلب إجازة لمدّة شهر.” نظرت سكرتيرة مركز شرطة المقاطعة الغربية، الآنسة جورا، ببرود إلى الشابّة السمراء ذات الشعر القصير الواقف أمامها. “أعني، لشهرٍ على الأقل.”
“حقوق صيدها، ونصيب كل طرف، ومناطق الصيد، والفصول التي يُمنع فيها صيد الحيتان؛ كانت هذه دومًا جوهر الجدال بين تلك البلدان الواقعة على الساحلين… وهذا كان الموضوع الرئيسي في الحروب الأربع لشبه الجزيرة. وبالطبع، بعد الحرب الثالثة، تغيّر الوضع السياسي على الساحلين بدرجة كبيرة. علاقتنا بإكستيدت تدهورت تمامًا، وسلالة الفجر والظلام دخلت في صراع مع هانبول على الهيمنة المطلقة في شبه الجزيرة الشرقية. وفي النهاية، تحت سياسة الملك الفاضل، ميدير الثالث، عقدنا تحالفًا مع سلالة الفجر والظلام، بينما اقتربت إكستيدت من هانبول…”
(إنها أطول مني. ساقاها أطول من ساقَيّ. و… مؤخرتها أكبر من مؤخرتي.)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “كانت الحرب الرابعة لشبه الجزيرة واسعة النطاق للغاية، وكانت عواقبها مدمّرة،” تكلّم بيوتراي ببطء وهو غارق في تأمّلاته، “لكن بالنسبة إليّ، فإن الوضع السياسي الجديد قوّى الروابط والعلاقات بين شبهَي الجزيرة. والأسباب التي كانت تشعل حربًا عالمية أُسقطت بفعل الروابط المتشابكة التي ازدادت تعقيدًا بين البلدان، كالصراع بيننا وبين شبه الجزيرة الغربية. ومنذ الحرب الرابعة، لم نخض حربًا مع شِبهَي الجزيرة طوال قرنين. لقد نعمنا بأكثر من مئتي عام من السلام… قبل هذا، كانت شبها الجزيرة تندلع بينهما الحروب بسبب تراكم خلافاتنا حتى تبلغ حدّ الغليان كل قرن تقريبًا.”
فكّرت الآنسة جورا بغضب.
خزّن تاليس ذلك في صدره بصمت.
(لحسن الحظ، صدري أكبر من صدرها.)
(أجل، هذا صوتُ تنّين… ) لكنها أبت أن تعترف بأنه بدا بطوليًّا.
ثم اعتدلت الآنسة جورا، وقد شعرت بالفخر بجسدها. ولوّت شعرها الأحمر الطويل، وقالت باعتزاز: “إن كنتِ تبحثين عنه، يمكنكِ ترك رسالة… أنا أراه كثيرًا، وأستطيع إيصال رسالتك له.”
“هكذا إذن؟ طفل ناضج، همم؟” هزّت السكرتيرة كتفيها واستمرت في تدوين الملاحظات.
(وفوق ذلك، ليست أنثوية مثلي. إنها تبدو كالصبي.)
كان المكان في الأصل قرية صغيرة وادعة لا تملك حتى سورًا. لكنها كانت محاطة في تلك اللحظة برجال أشدّاء طوال القامة يرتدون الدروع الكاملة. ومع أنّ معظم حرس الجيش كانوا يستريحون خارج القرية، فقد تمكّن تاليس من رؤية جنود الشمال يتحرّكون بين المنازل ذات الطابق الواحد، المبنية من الطين والحجارة.
تأملت الآنسة جورا السمراء بنظرة استنكار.
“يقول أخي إنه رأى أطفالًا كهؤلاء من قبل؛ فتى وفتاة.”
قطّبت المرأة حاجبيها ببطء وقالت: “هكذا إذن؟ إنه غير موجود…؟”
زفر بيوتراي والتقط قطعة الخبز. (يبدو أن هذا طعام غدائنا اليوم.)
(نعم، وهي تتحدث بفظاظةٍ شديدة… لا تبدو امرأة البتّة.)
“حسنٌ إذن.” رفع كاسلان أنفه. “القطع الفضية للكوكبة أثمن من قطعنا. لا سبب يدعوني لرفض نقودكم.”
ما إن خطر هذا ببال الآنسة جورا حتى تحسّن مزاجها فورًا.
“لم تُخلِ الحانة،” قال وايا بعبوس، “إذن، صاحب السموّ—”
(أجل، هذا صوتُ تنّين… ) لكنها أبت أن تعترف بأنه بدا بطوليًّا.
“ألا توافق على سياسة مينديس في الدبلوماسية؟” سأل الأمير بفضول.
ظلّت السمراء صامتة لحظة وهي تنظر إلى الآنسة جورا.
لمس تاليس القدح الخشبي الذي يساوي نصف حجم رأسه، ثم أدرك بعقلانية ألا يمسّه. “أوه، بالمناسبة، عندما دخلتُ القرية رأيتُ شتّى أنواع الطعام معلّقة على الأشجار قرب المدخل. ما الغرض من ذلك؟”
وشعرت الآنسة جورا بقليل من الحرج.
لكن بعد ثوانٍ قليلة عاد صخب الحانة كما كان، كأن الداخلين مجرد أشخاصٍ عاديين.
وبعد برهة، خفضت السمراء رأسها وحدّقت في شعار “سيفا البرجين التوأمين” على يدها اليمنى. ثم ارتسمت ابتسامة على شفتيها.
“تجسُدات…” ابتلع تاليس الخبز. “أي تجسيد؟ الغروب؟ القمر الساطع؟ الليل الداكن؟”
“حسنًا. رجاءً، بلّغي له هذه الرسالة.” نظرت السمراء إلى تعابير الآنسة جورا وقالت بنبرة يمازجها التهكّم: “فقط قولي…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “أتتأكد أنّ الطريقة الأكثر أمانًا هي أن يدخل الجنود القرية ويشربوا مع القرويين؟” كان أحد جنود الشمال يضع ذراعه على أكتاف القرويين ويضحك بصخب فيما مرّ الاثنان بجانبهما. رأى مرافق الأمير الشاب، وايا كاسو، ذلك، فضغط بحذر على مقبض سيفه عند خصره، وبنبرة تنمّ عن عدم اقتناعه قال، “لو كنتُ قاتلًا، لاستطعت الاندساس وسط القرويين.”
وتحت نظرة السكرتيرة المتململة، لعقت السمراء شفتيها.
أخرجت الآنسة جورا قلمًا وورقة.
“المرأة التي استلقت في حضنه يومذاك في سوق الشارع الأحمر… تشتاق إليه.”
“حسنًا.” أدارت الآنسة جورا رأسها بعيدًا بخجل، ولم يكن الاحمرار قد غادر وجنتيها بعد. نطقت باستسلام: “في الحقيقة، القائد كوهين… عاد إلى برج الإبادة. يمكننا مراسلته عبر الحمام الزاجل. يمكنكِ أن تكتبي له رسالة، ثم—”
تغيّر وجه الآنسة جورا، كأن صاعقة ضربتها.
“اختفى قرب سوق الشارع الأحمر، وربما سقط في يد عصابة قوارير الدم.”
(سوق الشارع الأحمر… استلقت… في حضنه… امرأة… تشتاق إليه…)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (إنها أطول مني. ساقاها أطول من ساقَيّ. و… مؤخرتها أكبر من مؤخرتي.)
حدّقت الآنسة جورا بالمرأة في ذهول. تقلّصت حاجباها وتبدّلت ملامحها.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com اعتاد تولجا وكينتفيدا الخبز الأسود، فالتقطاه وأكلا منه مع شراب الجاودار. وكان كينتفيدا يحدّق بوايا الذي لم يعرف كيف يأكل الخبز، كأنه يشاهد عرضًا ممتعًا.
(كيف يكون هذا؟ هذه المرأة؟ مع القائد كوهين الوسيم… هما…)
“لم تُخلِ الحانة،” قال وايا بعبوس، “إذن، صاحب السموّ—”
ضَحِكت جالا شارلتون فورًا.
أكل وايا الخبز بوجهٍ عابس، ولم يشعر إلا بالرغبة في التقيؤ. غير أنه حين رأى رالف يستمتع بالخبز، عاد إليه بعض الشهية، إذ اشتعلت روحه التنافسية فورًا.
“هاهاها…”
“يا فتى، هذه حانتي.” كان شيخٌ ضخم القامة، شعره فضيّ، ووجهه مليء بالتجاعيد، يضع مرفقيه على منضدة البار الخشبية.
“حسنًا، كنتُ أمزح فحسب.” وفي ظلّ نظرة السكرتيرة القاتلة، ضحكت وريثةُ زهرة المُغتال وهي تمسك بموضع بطنها وتلوّح بيدها. “لقد التقيتُ بذلك الشرطي الأشقر مرّةً واحدة فقط.”
“إنّ الأرض التي تراها ترتفع وتنخفض أمامك هي تلال التنهد. التلال الواقعة عند الحدود شرق جبال التنهد. انظر، القمم المكسوّة بالثلوج في البعيد، الصاعدة مباشرةً نحو السحب، هي جبال التنهد.” وهو يمتطي جواده، أشار بيوتراي نحو الجبال البعيدة، الشاهقة حتى اختفائها في الغيوم. كان يقدّم لتاليس معلومات عن جغرافيا إقليم الشمال.
(وأنقذتُ حياته.)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع كينتفيدا يديه نحو تولجا خلفه، وعلامات الاستسلام بادية عليه.
“أنتِ تحبّينه، تُعجَبين به، تعشقينه لدرجة الموت، تريدين إنجاب أطفاله، إلى آخره.” وحين رمقتها السكرتيرة بنظرة غريبة من جديد، هزّت جالا رأسها. “لا شأن لي بهذا… ولا أريد أن أصبح منافِسَتَكِ أو خصمكِ في الحب. أنا هنا فقط لطلب مساعدته.”
“…الجهة الشماليّة الغربيّة الوعرة من جبال التنهد تشقّ الجزء الشرقي من إكستيدت والكوكبة. برج الإصلاح للآرشيدوق ترينتيدا والبرج القديم المنعزل لعائلة فريس في الكوكبة يقعان كلٌّ على جبل، وبينهما وادٍ يفصل بين القمتين. كلاهما شديد الحذر من الآخر. ومع ذلك، فهما موضعان يسهل الدفاع عنهما ويصعب اقتحامهما.
“لا تقلقي… ليس من النوع الذي يروق لي.” ارتسمت ابتسامة مشرقة على وجه النادلة السابقة.
لم يستطع تاليس إلا أن يطلق ضحكة خافتة. في تلك اللحظة، نسي قليلًا أن هؤلاء جنودُ إكستيدت كانوا قد اشتبكوا مع حرّاسه على ساحة القتال، يحاول كل طرف قتل الآخر.
وفي لحظة نادرة، احمرّ وجه السكرتيرة.
سؤال جديد قفز إلى قلب تاليس.
نظرت إلى نظرة جالا الصادقة، وعجزت عن الكلام. غاب ذهنها فجأة، ولم تعد تدري ما الذي ينبغي فعله.
“آه، أعرف هذا النقش… حارس القسم ميدير، أليس كذلك؟” تناول كاسلان القطع الفضية ورماها بلا مبالاة. ثم اختار القطعة النحاسية التي نُقش عليها رأس ميدير. أمعن النظر فيها قبل أن يرفع رأسه ويضحك، كاشفًا عن أسنان صفراء. “أنتم إذن من الإمبراطورية؟”
ظلّتا صامتتين نحو عشر ثوانٍ أو أكثر.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “يوم ما قبل الشتاء القارس قد يستمر بضعة أسابيع إن كان قصيرًا؛ وشهرًا إن طال.” واصل بيوتراي حديثه. “أمّا الهدايا للجبال…”
“حسنًا.” أدارت الآنسة جورا رأسها بعيدًا بخجل، ولم يكن الاحمرار قد غادر وجنتيها بعد. نطقت باستسلام: “في الحقيقة، القائد كوهين… عاد إلى برج الإبادة. يمكننا مراسلته عبر الحمام الزاجل. يمكنكِ أن تكتبي له رسالة، ثم—”
“من الأفضل أن تأكل شيئًا منه.” نطق كينتفيدا ببرود. “علينا أن نتابع طريقنا في الظهيرة… ولن ننصب المخيّم إلا ليلًا.”
ضحكت جالا.
(حرب شبه الجزيرة؟)
“حسنًا، سأكتب له رسالة.” أومأت النادلة السابقة الشابة، وكأنها تفكّر في أمر ما. “شكرًا لكِ، يا آنسة جورا.”
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“صراحةً، إن لم يكن الأمر مزعجًا للغاية,” قالت السكرتيرة وفي صوتها شيء من الحرج، “ربما أستطيع مساعدتكِ. فأنتِ أيضًا صديقةٌ لكوهين…”
ثم اعتدلت الآنسة جورا، وقد شعرت بالفخر بجسدها. ولوّت شعرها الأحمر الطويل، وقالت باعتزاز: “إن كنتِ تبحثين عنه، يمكنكِ ترك رسالة… أنا أراه كثيرًا، وأستطيع إيصال رسالتك له.”
(…مع أنني مجرد سكرتيرة في مركز الشرطة، إلا أنني أعرف الكثير من الناس… وأخي يعمل لدى العائلة الملكية، ويلتقي بكثير من الشخصيات المهمّة…)
“لن تستطيعي مساعدتي في هذا.” هزّت جالا رأسها بيأس. “ما زلتِ صغيرة…”
(إذن، لن تحتاجي إلى البحث عن القائد كوهين بعد الآن.)
كان مساعد الحانة سيّئ المزاج، فرفع عودًا خشبيًّا رفيعًا والتفت نحو الخزانة الخشبية خلفه. ثم، بهزّةٍ من ذراعه، خطف آذان عشرةٍ تقريبًا من الأقداح الخشبية ببراعة عظيمة وجذبها، مصطفّةً على العود كأنها سيخ كباب.
قبضت الآنسة جورا يدها في قلبها. (أتظنّين أن الأمر ينتهي ببساطة لأنك قلتِ إنكِ لا تحبّينه؟ يا للسخرية… لا تستهيني بهوس امرأة، سواء كان هوسها أو هوس منافِستِها!)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “لا تقلقي… ليس من النوع الذي يروق لي.” ارتسمت ابتسامة مشرقة على وجه النادلة السابقة.
نظرت جالا إلى جورا بدهشة، ثم ارتسمت ابتسامة على شفتيها.
هزّ وايا كتفيه، وأرخى شفتيه معبّرًا عن شكّه.
“لن تستطيعي مساعدتي في هذا.” هزّت جالا رأسها بيأس. “ما زلتِ صغيرة…”
“إذن واحد، اثنان، ثلاثة… ستّة، سبعة، ثمانية…” هزّ كاسلان كيس النقود في يده وهو يعدّ الأشخاص الواقفين أمامه.
وتوقّفت جالا عن الكلام فجأة، وكأن خاطرًا خطر لها.
تغيّر وجه وايا بجانبه، بينما بدا بيوتراي وكأنه يفكّر في شيء.
وتطلّعت الآنسة جورا بوجه متوقع.
(ربما أستطيع استقاء بعض المعلومات منه؟)
“ربما يمكنكِ مساعدتي في الواقع,” قالت جالا ببطء، “يا جورا، أنتِ سكرتيرة مركز الشرطة. يمكنكِ رؤية جميع الملفات، والمكافآت، والمعلومات الموجودة هناك. هل لكِ أن تراقبي لي بعض الأخبار؟”
“والثالث طفل آخر في السابعة أو الثامنة، اسمه رايان. وهو بلا ذراع يمنى.”
ابتسمت الآنسة جورا وأومأت. “بالطبع، ما دام ليس شيئًا سرّيًا للغاية… عمّ تبحثين؟”
“يا للخسارة.” أخذ الضابط الملتحي جرعة كبيرة من كأسه بخيبة أمل. وانحدر الشراب على لحيته وهو يتمتم، “أتذكّر أن حانة البطل فيها طاهية جميلة…”
أطلقت جالا تنهيدة طويلة وقالت بنبرة منخفضة: “أريد أن أتحقّق من مواقع تهريب الأسلحة من مملكة الكوكبة إلى الدول الأخرى خلال السنوات الماضية… وخصوصًا تلك المتعلّقة بالأخوية… ورجل يدعى رودا…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ابتسم تاليس نحوه.
أخرجت الآنسة جورا قلمًا وورقة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “المرأة التي استلقت في حضنه يومذاك في سوق الشارع الأحمر… تشتاق إليه.”
“وأيضًا…” ترددت جالا، لكنها قالت أخيرًا: “أريد العثور على ثلاثة أطفال… لهم سمات مميّزة جدًّا، وقد تكون الأخوية قد اختطفتهم. لكنهم ليسوا في مدينة النجم الأبدي…”
اكتشف تاليس، وقد خاب أمله، أنه عاجزٌ حتى عن تسلّق المقعد عند منضدة الحانة. لم يكن طويل القامة بما يكفي. ولو تكلّم في تلك اللحظة والجموع تنظر إليه لكان الموقف محرجًا للغاية.
رفعت الآنسة جورا رأسها بفضول.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
“أحدهم صبيّ يبلغ العاشرة يُدعى سينتي. وهو أكبر قليلًا من الطفل العادي.
“لن تستطيعي مساعدتي في هذا.” هزّت جالا رأسها بيأس. “ما زلتِ صغيرة…”
“والثانية فتاة صغيرة لها ندبة دائرية من حرق على وجهها. إنها كوريا، في الرابعة أو الخامسة.
رمقه الشيخ بنظرة غامضة.
“والثالث طفل آخر في السابعة أو الثامنة، اسمه رايان. وهو بلا ذراع يمنى.”
“انتظر!” لمعت فكرة في ذهن تاليس، فنطق في اللحظة المناسبة، “دعهم يدفعون بنقود آرشيدوق الرمال السوداء، ولكننا سندفع بنقودنا… نحن، آه… نحو اثني عشر شخصًا…”
“هذا كل شيء؟” أومأت الآنسة جورا. “سوف أعود لأرى إن كانت هناك أي بلاغات أو تقارير بشأن تصدّعات في شبكات مهربي البشر…”
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“انتظري,” رفعت جالا رأسها وقالت بوجه جاد، “أنا أبحث أيضًا عن صبيّ آخر.”
“خصوصًا الذهب القادم من لامبارد، الذي قتل أفراد عائلته.”
“اختفى قرب سوق الشارع الأحمر، وربما سقط في يد عصابة قوارير الدم.”
“ما الأمر؟” تنبّهت آيدا لنظراته، وبسطت يديها بضيق. “لا أعرف أيّ جيل من أقاربي عاش هنا أيضًا. تاريخي سيّئ!”
“لديه شعر أسود، وعينان رماديتان، وعمره نحو سبع أو ثماني سنوات.”
“انتظر!” لمعت فكرة في ذهن تاليس، فنطق في اللحظة المناسبة، “دعهم يدفعون بنقود آرشيدوق الرمال السوداء، ولكننا سندفع بنقودنا… نحن، آه… نحو اثني عشر شخصًا…”
خفت بريق عيني جالا. “إنّه… صبيّ لا يبدو كغيره من الصبية.”
“هذه قرية الممرّ الجبلي، صحيح؟” التفت بيوتراي حوله بنظرة مفعمة بالحنين. “أذكر أن هنا حانة صاحبها ذائع الصيت…”
رفعت الآنسة جورا رأسها باندهاش.
أومأ تاليس في اتجاه بيوتراي. رفع الأخير حاجبيه ثم تقدّم وأخرج بعض القطع الفضية والنحاسية.
“إنه ذكيّ أكثر من اللازم، وناضج أكثر من اللازم.” خفضت جالا عينيها وأكملت شرحها.
قطّب تاليس حاجبيه. كان لا يزال يرى أنّ مستوى الإنتاج في البلاد ونظامها السياسي يجعلان ما يُسمّى بحرب شبه الجزيرة أمرًا غريبًا بعض الشيء.
“هكذا إذن؟ طفل ناضج، همم؟” هزّت السكرتيرة كتفيها واستمرت في تدوين الملاحظات.
“آه، أعرف هذا النقش… حارس القسم ميدير، أليس كذلك؟” تناول كاسلان القطع الفضية ورماها بلا مبالاة. ثم اختار القطعة النحاسية التي نُقش عليها رأس ميدير. أمعن النظر فيها قبل أن يرفع رأسه ويضحك، كاشفًا عن أسنان صفراء. “أنتم إذن من الإمبراطورية؟”
“يقول أخي إنه رأى أطفالًا كهؤلاء من قبل؛ فتى وفتاة.”
وتحت نظرة السكرتيرة المتململة، لعقت السمراء شفتيها.
“على كل حال، سأراقب الأمر لأجلك.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ظلّت السمراء صامتة لحظة وهي تنظر إلى الآنسة جورا.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
حتى لو كانت من الفئة الفائقة.
“حقوق صيدها، ونصيب كل طرف، ومناطق الصيد، والفصول التي يُمنع فيها صيد الحيتان؛ كانت هذه دومًا جوهر الجدال بين تلك البلدان الواقعة على الساحلين… وهذا كان الموضوع الرئيسي في الحروب الأربع لشبه الجزيرة. وبالطبع، بعد الحرب الثالثة، تغيّر الوضع السياسي على الساحلين بدرجة كبيرة. علاقتنا بإكستيدت تدهورت تمامًا، وسلالة الفجر والظلام دخلت في صراع مع هانبول على الهيمنة المطلقة في شبه الجزيرة الشرقية. وفي النهاية، تحت سياسة الملك الفاضل، ميدير الثالث، عقدنا تحالفًا مع سلالة الفجر والظلام، بينما اقتربت إكستيدت من هانبول…”
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات