اسمٌ جيد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اندفع الهواء بقوة، حتى إنهما لم يستطيعا فتح أعينهما، واضطرا لتغطية رأسيهما بأذرعهما.
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بدت نبرة الصوت في الهواء كئيبة قليلًا. وسأل بحذر، “تاوروس، كيف كان تفاعله مع هذا الخبر؟”
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
*وووش!*
Ａｒｉｓｕ－ｓａｎ
“أيتها الملكة العظيمة، يا صاحبة الجلالة الملكة كلوريسيس، أنا تاليس ثيرّينـجيرانا كيسل جيدستار من مدينة النجم الأبدي. ويشرّفني أن أحظى بنعمة المثول بين يديك.”
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
أجابته الصغيرة ببساطة: “ننتظر.”
الفصل 186: نهاية الآرك: اسمٌ جيد
اضطر تاليس والصغيرة لمعانقة بعضهما كي لا يطيرا مع الريح.
…
نظر في تلك العينين الواسعتين الصافيتين. جعلته الحدقة السوداء يشعر بضغط هائل. وحدّق في التنّين العظيم الأسطوري الذي اختفى منذ أكثر من ستمئة عام.
شبه الجزيرة الشرقية. في مكانٍ ما داخل قرية صيد مجهولة.
ولو كان حولها أحد، لظنّ أنها تحدّث نفسها، لكن ما حدث بعد ذلك أبطل هذا الظنّ.
كانت شمس الشتاء معلّقةً في وسط السماء. ومع صياح بعض طيور النورس، كان فريقٌ من الصيادين الذين اسودّت بشرتهم من الصيد تحت الشمس طوال العام، يرسون زوارقهم الصغيرة المخصّصة للصيد القريب من الساحل عند رصيفٍ متهالك، بعد عودتهم من البحر.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم يقل الصوت شيئًا.
وعندما وصلوا الشاطئ بما جنوه من صيدٍ هزيل، أطلقوا آهات الشكوى من صعوبة تجاوز فصل الشتاء.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com …..
كان الشتاء قاسيًا عليهم مقارنة بأهل البلدات القريبة، أو حتى المدن الواقعة على بُعد عشرات الأميال، حيث الموارد ورأس المال يتيحان إطلاق السفن الضخمة لصيد الأسماك النادرة في البحر. وكانت الأمور أيضًا أسهل على أصحاب المكانة العاملين في تجارة صيد الحيتان، وكذلك على الموظفين المشرفين على حقول الملح وعمليات استخراج النحاس الداكن من تحت الماء. أمّا بالنسبة لهؤلاء الصيادين، فالشتاء كان عسيرًا على كل حال.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “اخفض رأسك باحترام… لثلاث ثوانٍ على الأقل…”
بل إن معظم أنواع طيور النورس قد هاجرت إلى البحار الدافئة لتقضي فيها الشتاء، وصار محصول الصيد القريب من الساحل ضئيلًا إلى حدّ لا يكفي لتأمين قوت عائلات الصيادين.
هزّت المرأة رأسها ببطء. “بلى، حين طرق الباب، استطعت الإحساس بوجوده في سلالة الفجر والظلام.”
ولذلك، كان على الكثير من الرجال أن يبحثوا عن مصادر دخل إضافية لإطعام أسرهم بعد رجوعهم من البحر. فكانوا إمّا يجمعون الأصداف من الشاطئ، أو يعملون في حقول الملح، أو يكدحون في المرافئ المخصّصة لزيت الحوت في البلدة، أو يملّحون السمك لتجفيفه في بيوتهم. أمّا النساء فكنّ يمكثن في المنازل يعتنين بالأطفال، ويحاولن قدر الإمكان كسب شيءٍ من العيش عبر الخياطة وترقيع الملابس.
رفع تاليس رأسه مذهولًا، يحدّق في ذلك الجسد الهائل. تحت ضوء اللهيب الأخضر، بدا كأن طوله عشرات الأمتار، أو ربما مئة متر.
كانت هناك امرأة ترتدي قبّعةً من الخيزران تجلس على كرسي صغير مهترئ بجوار الرصيف، وجدائل الكتّان والحبال الخشنة بين يديها تنسج بها شبكة صيدٍ بمهارة. وكانت تحيي الصيادين المارين بتحية ودودة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وبالفعل، ما إن نطقت القسم التالي من اسمها حتى بدا أنها توشك على البكاء.
“شكرًا لكم. أتمنى أن يمرّ يومكم بسلاسة.” جاء صوت امرأةٍ ثابت أمين من تحت القبّعة. بدا صوتها مسنًا، غير أنّ فيه طابعًا غريبًا يبعث الطمأنينة في النفوس. “أوه، صحيح، لا بدّ لي أن أصلح هذه الشباك قبل الربيع. أندري والبقيّة ينتظرون استخدامها.”
اندفع الهواء بقوة، حتى إنهما لم يستطيعا فتح أعينهما، واضطرا لتغطية رأسيهما بأذرعهما.
وبسلاسة العادة، أخذت تثرثر مع الصيادين.
لكن التنين لم تتحرك.
“نعم، نستطيع أن نجرّها إلى السوق لنبيعها… أوه، ولماذا أصلح الشباك هنا؟ تعلمون أنّني أحبّ الاستلقاء تحت الشمس.”
أجابته الصغيرة ببساطة: “ننتظر.”
ولمّا غادر الصيادون، خفضت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية رأسها من جديد. ورفعت أكمامها الكتانية المتدلية، كاشفة عن بشرةٍ سمراء لا يُدرى أهي اسودّت بالشمس أم كانت على هذه الحال منذ ولادتها. ثم انهمكت في إصلاح الشبكة الموضوعة بين ركبتيها…
“ثم، كما في البروتوكول العسكري للإمبراطورية القديمة، وفي طقس منح لقب الفارس، تُقبِض يدك اليُمنى وتضعها على صدرك.” بدا كلام الشقية الصغيرة أكثر سلاسة، وكأنّها نسيت خوفها من التنين. “وتترك يدك اليسرى تتدلّى طبيعيًا.”
إلى أن رفعت رأسها ونظرت نحو الشاطئ، وكأنها استشعرت شيئًا.
“بدلًا من مجرّد مقاتلة الإمبراطورَتين، أو إعادة تمثيل ما يسمّى مجد الصوفيين… كنتِ تعلمين أن هذا ليس غاية وجودنا. لا نستطيع محو ماضينا، ولسنا كائناتٍ أسمى.” قالها الصوت ببرود.
ارتطمت موجةٌ صغيرة بالرصيف الخشبي وتحولت إلى رغوة بيضاء.
ظلت المرأة ذات القبعة الخيزرانية صامتة لفترة طويلة.
وبعد إلقاء نظرة على الأفق، عادت بهدوء إلى إصلاح الشباك بين يديها. لكن صوتها الأمين الرزين ارتفع من تحت القبّعة مرة أخرى عبر الرصيف الخالي.
وعندما وصلوا الشاطئ بما جنوه من صيدٍ هزيل، أطلقوا آهات الشكوى من صعوبة تجاوز فصل الشتاء.
“لا أذكر أنّني دعوتك إلى هنا.”
وبينما تمسك الشبكة بيدها الأخرى، انثنت يدها قليلًا كأنّها أُنهِكت. لكن كلماتها لُوحظ أنها رُدّت فورًا.
ولو كان حولها أحد، لظنّ أنها تحدّث نفسها، لكن ما حدث بعد ذلك أبطل هذا الظنّ.
تنهدت المرأة. “ومهما كانت الفصائل، أظنّ أنه قد وجد بالفعل مكانًا ينتمي إليه.”
فقد صدح صوت باهت لا لون له من الهواء بطريقة غامضة: “لأكون دقيقًا، أنا لم آتِ. ما جاء هو صوتي فقط. يمكنكِ أن تتخيّلي أنّني أرسلت غراب زاجل.”
تتابعت أصوات الأمواج وصرخات طيور النورس. والتزمت المرأة الصمت طويلًا.
لم ترفع المرأة رأسها. ظلّت تركّز على شدّ جزءٍ من الشبكة.
ارتطمت موجة أكبر بالرصيف، فرشّت ثوبها الكتاني بالماء.
“الغربان الزاجلة البيضاء التابعة لاتحاد التجارة تبدو أجمل.” جاء صوتها ثابتًا هادئًا لا يعلو ولا ينخفض، وعلى الرغم من ذلك ينضح بطاقةٍ ساكنة. “نعيقها صافٍ وواضح. أمّا صوتك فيشبه وزغةً جافة.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (ما الذي تنوي فعله؟)
حرّكت الشبكة بخفة وتابعت إصلاح موضع آخر.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “الغربان الزاجلة البيضاء التابعة لاتحاد التجارة تبدو أجمل.” جاء صوتها ثابتًا هادئًا لا يعلو ولا ينخفض، وعلى الرغم من ذلك ينضح بطاقةٍ ساكنة. “نعيقها صافٍ وواضح. أمّا صوتك فيشبه وزغةً جافة.”
“إهانة لطيفة.” عاد الصوت الباهت، كأنه اعتاد مثل هذا الموقف. “ما زلتِ كما أنتِ.”
قبل وصوله للشمال، تخيّل تاليس كلّ السيناريوهات: الملوك، الآرشيدوقات، النبلاء، الجنود، العامّة… وحتى الصوفيين، وعشيرة الدم. فكّر في كيفية التعامل مع كل موقف، بما في ذلك مواقف مع الجان، مثل آيدا.
“ادخل في صلب الموضوع.” قالتها المرأة بلا مبالاة. “عليّ أن أضع الشباك تحت الشمس قريبًا.”
“تعرفين ماذا يعني هذا، الإمبراطورَتان لن تتركانه أبدًا. إنّ صوفيًا مجهولًا يشكل تهديدًا بالغًا لهما. ولأن الوافد الجديد لم يمرّ في معركة الإبادة، فمن الممكن تمامًا أن تضماه إلى جناحهما وتجعلاه تابعًا لهما.”
ساد صمتٌ لوهلة من الزمن، لم يقطعه إلا صوت الأمواج وصياح النورس…
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم يقل الصوت شيئًا.
حتى عاد الصوت الباهت ليهمس من جديد: “ذلك الشخص الذي طرق الباب قبل قليل، لقد شعرتِ به أيضًا، أليس كذلك؟ صوفي جديد قد وُلد.”
تجمّد نفس تاليس تمامًا، وظلّ على ركبة واحدة بلا حراك، وقد نسي العالم من حوله. لم يرَ إلا هذا الوحش العظيم. الشقية الصغيرة كانت ترتعش هي الأخرى.
أطلقت المرأة ذات القبعة الخيزرانية نفخة قصيرة، وجسّت بإصبعها جزءًا من الشبكة قد انتهت من إصلاحه.
“لا تضعيني في الكفّة نفسها مع ذلك المجنون.” وللمرة الأولى، ظهر أثر انفعال في صوت الزائر. “ليس كل من يقاتل معك يكون صديقك.”
وجاء الصوت من الهواء بالكاد مسموعًا: “علينا أن نبحث عنه…”
“ماذا أفعل؟” قال من بين أسنانه. “أظن أنّ الوقت قد حان لتخبريّني!”
“لا.” ردّت المرأة فورًا، بلا اهتمام. قاطعت صوته مباشرة. “لا أعلم، ولا يهمّني.”
(تبًّا!)
“وافد جديد!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com دوّى صوت امرأة، عميق وفخم، يهزّ القلوب ويصمّ الآذان… لكنّه ارتفع داخل قلبه.
لم يحمل الصوت الباهت أي صعود أو هبوط، بل بدا شديد الملل، لا يكاد ينطوي على أي قوة.
لم ترفع المرأة رأسها. ظلّت تركّز على شدّ جزءٍ من الشبكة.
“تعرفين ماذا يعني هذا، الإمبراطورَتان لن تتركانه أبدًا. إنّ صوفيًا مجهولًا يشكل تهديدًا بالغًا لهما. ولأن الوافد الجديد لم يمرّ في معركة الإبادة، فمن الممكن تمامًا أن تضماه إلى جناحهما وتجعلاه تابعًا لهما.”
صفوفٌ متراكبة من الحراشف القرمزية الداكنة غطّت جسده، تعكس ضوء النيران. وكان جناحاه العريضان مطويّين وراء مخالبه العملاقة، كأنه سيدة نبيلة ترتدي ثيابًا فاخرة ورداءً طويلًا.
“اذهب وابحث عن «إل» أو «جيزا».” قالت المرأة وهي تضع الشبكة التي أصلحتها وتمسك أخرى لتبدأ بترميمها. آسدا، سولوفيسكي، وحتى سورا سيبدون اهتمامًا.”
“يجب أن تركع على ركبتك اليمنى!” صحّحت له بصرامة. “الركوع على اليسرى يُستخدم في مراسم الزواج القديمة في الشمال، حين يُقسِم الزوجان اليمين لبعضهما!”
“وهذا ما أردت قوله.” تردّد الصوت في الهواء مجوفًا. “الصوفي الوليد إمّا أن يصبح تابعًا للإمبراطورَتين أو لأولئك. أتريدين لهذا أن يحدث؟”
أطلقت المرأة ذات القبعة الخيزرانية نفخة قصيرة، وجسّت بإصبعها جزءًا من الشبكة قد انتهت من إصلاحه.
لم تلقِ المرأة بالًا إليه، بل ركّزت نظرها على الشبكة بين يديها.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com شعر تاليس بدوار خفيف. أخذ عدة أنفاس عميقة، ثم استدار ثانية ورفع رأسه قدر ما استطاع.
وتابع الصوت في الهواء حديثه، “إل أو جيزا… أتباع «بي» لن يفعلوا شيئًا سوى جرّه إلى سيركهم المزدحم بكلابٍ ضارية، ليعيدوا تمثيل المأساة منذ أكثر من ستمئة عام.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com حدّق تاليس بالمشهد أمامه، يحبس أنفاسه ويرتجف.
“والمعتدلون ليسوا قومًا صالحين كذلك. ومع معرفتي بآسدا وسولوفيسكي، فهما لم يلتزما السكون منذ الحرب الصوفية الثانية حبًّا في السلام…”
“حين طرق الباب، كان في الوقت نفسه في بحر الإبادة.” شرحت المرأة بهدوء.
رفعت المرأة رأسها وحدّقت في “الهواء”. وللمرة الأولى، أصبح صوتها باردًا، “إذًا، لهذا جئت إليّ؟”
“مرحبًا.” حدّق تاليس في نظرة التنين العظيم التي أخذت تزداد جفاءً، وقال بخوف وبصوت خفيض، “أتذكر أنّك أخبرتِني بأنّ هناك طقوسًا محددة عندما نمثل بين يدي ملكة السماء؟”
عمّ الصمت.
“أيتها الملكة العظيمة، يا صاحبة الجلالة الملكة كلوريسيس، أنا تاليس ثيرّينـجيرانا كيسل جيدستار من مدينة النجم الأبدي. ويشرّفني أن أحظى بنعمة المثول بين يديك.”
“أنت مختلفة يا فرويلاند. الجميع يقول إنك من المعتدلين أيضًا.” وبعد لحظات، قال الزائر غير المرئي بنبرة فاترة، “لكنني أعلم أنك مختلفة.”
كأنه يتحدث مع نفسه أمام تنين.
لم تجب فرويلاند.
(لا) فكّر تاليس في نفسه. (ذلك لأنها تذكّرت شيئًا ما.)
“أنتِ من مهد التحالف غير المسبوق بين المعتدلين والمتطرفين قبل اثني عشر عامًا.” تردّد صوت الزائر في الرصيف. “لقد رأيتِ شيئًا أعلى، أبعد، وأكثر مغزى…”
وعندما رأت الصغيرة ارتعاده، بدأت هي أيضًا ترفع رأسها… ثم تجمّدت من الهلع.
“بدلًا من مجرّد مقاتلة الإمبراطورَتين، أو إعادة تمثيل ما يسمّى مجد الصوفيين… كنتِ تعلمين أن هذا ليس غاية وجودنا. لا نستطيع محو ماضينا، ولسنا كائناتٍ أسمى.” قالها الصوت ببرود.
ظلّ ينظر حوله بصدمة، ثم التقط أنفاسه.
“وحين كان الآخرون يغضبون ويشتعلون حنقًا، اخترتِ أنتِ أن تنسجي الشباك بصمتٍ في هذه القرية المجهولة. ظننتُ أنكِ الوحيدة القادرة على فهم كلامي.”
“وما جدوى كل هذا الكلام؟”
لكن المرأة هزّت رأسها ببطء. “إذن عليك أن تبحث عن كيري أيضًا. فهو رفيقك. على الأقل، كنتما تقاتلان سويًا فيما مضى.”
بدت وكأنها استحضرت ذكرى مؤلمة، فتوقفت. تساقطت دموعها، وانعقد صوتها فلم تستطع الكلام.
سكت الصوت الفارغ من جديد.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وبعد إلقاء نظرة على الأفق، عادت بهدوء إلى إصلاح الشباك بين يديها. لكن صوتها الأمين الرزين ارتفع من تحت القبّعة مرة أخرى عبر الرصيف الخالي.
“لا تضعيني في الكفّة نفسها مع ذلك المجنون.” وللمرة الأولى، ظهر أثر انفعال في صوت الزائر. “ليس كل من يقاتل معك يكون صديقك.”
ذلك الصوت الذي يبدو وكأنه يكلّمه من قرب، لكنه في الحقيقة ينبثق من أعماق صدره.
ابتسمت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية ابتسامة خفيفة.
بل إن معظم أنواع طيور النورس قد هاجرت إلى البحار الدافئة لتقضي فيها الشتاء، وصار محصول الصيد القريب من الساحل ضئيلًا إلى حدّ لا يكفي لتأمين قوت عائلات الصيادين.
“وما جدوى كل هذا الكلام؟”
“إذًا”، قال الصوت الرتيب، “لا نعتمد إلا على هذا للعثور عليه؟”
وأسدلت قبّعتها لتتقي نور الشمس الصاعد. “نعلم جميعًا كم هو معقد ذلك التحوّل من ’المادّة’ إلى ’الجوهر’، وهو التحوّل نفسه الذي يفضي إلى أن يصبح المرء صوفيًا.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ركعا على الأرض.
لم يقل الصوت شيئًا.
وهكذا، وتحت أنظار التنين، بدأ الطفلان بالانحناء بطريقة مضحكة، بينما كان تاليس يطيع تعليمات الشقية الصغيرة.
وتابعت بنبرة راسخة، “إنه… ذلك الوافد الجديد لا بدّ أن لديه مرشدًا قضى زمنًا لا يُقدَّر، طوال ستمئة عام بعد اندثار السحر، وهو يبحث عنه. ذلك المرشد قد جهّز له كل شيء، وجمع له كل الموارد اللازمة ليجعله صوفيًا في النهاية… تمامًا كما فعل ماسنتا معك.”
“تعرفين ماذا يعني هذا، الإمبراطورَتان لن تتركانه أبدًا. إنّ صوفيًا مجهولًا يشكل تهديدًا بالغًا لهما. ولأن الوافد الجديد لم يمرّ في معركة الإبادة، فمن الممكن تمامًا أن تضماه إلى جناحهما وتجعلاه تابعًا لهما.”
تنهدت المرأة. “ومهما كانت الفصائل، أظنّ أنه قد وجد بالفعل مكانًا ينتمي إليه.”
كانت شمس الشتاء معلّقةً في وسط السماء. ومع صياح بعض طيور النورس، كان فريقٌ من الصيادين الذين اسودّت بشرتهم من الصيد تحت الشمس طوال العام، يرسون زوارقهم الصغيرة المخصّصة للصيد القريب من الساحل عند رصيفٍ متهالك، بعد عودتهم من البحر.
وبينما تمسك الشبكة بيدها الأخرى، انثنت يدها قليلًا كأنّها أُنهِكت. لكن كلماتها لُوحظ أنها رُدّت فورًا.
أجابته الصغيرة ببساطة: “ننتظر.”
“لا. لقد صادفته حين كان يطرق الباب.”
“ماذا تعنين؟” قال الصوت الرتيب بعدم تصديق. “بقدرتك، ألا يمكنك تحديد موقع أيّ شخصٍ لحظة طرقه على الباب؟”
وهذه المرة، بدا الصوت الباهت متزعزعًا قليلًا. “كان مذعورًا مرتجفًا، كأنه لم يكن مستعدًا لطرق الباب أصلًا. ولم يكن مؤهّلًا لمواجهة خطر الإمبراطورَتين. أيّ مرشد يمكن أن يرتكب مثل هذا الخطأ؟”
(ما الذي تعنيه بهذا؟ أظهر أيَّ ردّة فعل على الأقل. لا تحدّق بي هكذا بلا كلمة!)
توقفت المرأة. ورفعت رأسها ببطء. “الإمبراطورة السحرية…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وتابع الصوت في الهواء حديثه، “إل أو جيزا… أتباع «بي» لن يفعلوا شيئًا سوى جرّه إلى سيركهم المزدحم بكلابٍ ضارية، ليعيدوا تمثيل المأساة منذ أكثر من ستمئة عام.”
“لا يمكن أن يكون تلميذ الإمبراطورَتين… أنتِ أيضًا رأيتِ كيف هرعتا إلى طرق الباب في اللحظة نفسها، مصطدمتين بهيئتيهما الأساسيتين بعنف بلا أدنى اكتراث.” قال الغريب، وكأنه يردّ على سؤالٍ لم يُطرح بعد. “لم تكونا بهذا الارتباك منذ أن عاد بي وإيرول إلى الصمت في عاصمة النصر.”
ارتجفت الشقية الصغيرة أيضًا، والتصقت بذراعه.
ظلت المرأة ذات القبعة الخيزرانية صامتة لفترة طويلة.
“ماذا؟”
حتى قالت بعد دقائق، بنبرة هادئة، “فهمت. هل تظنّ أنّ الوافد الجديد قد لا يكون لديه مرشد أصلًا؟ إذ ما تزال هناك أماكن تحتفظ بفتاتٍ من أثر الأبراج السحرية الثلاثة الكبرى، ويمكنها مساعدته على أن يصبح صوفيًا، أليس كذلك؟”
إلى أن رفعت رأسها ونظرت نحو الشاطئ، وكأنها استشعرت شيئًا.
أكد الزائر في الهواء حدسها.
ارتجف تاليس رعبًا وانكمش قليلًا.
“بالطبع… إلى أن تعاونت الإدارة العليا للأبراج الثلاثة مع الإمبراطورية والدير للتدخل…”
“وبحر الإبادة.”
ألقى ’التوأم العبقري‘ ستًّا وثلاثين محاضرة في مؤتمر السحر العام. وأُعيد طباعة ’مقدمة في الطاقة الصوفية‘—وهو خلاصة تلك المحاضرات—مراتٍ لا تُحصى، هذا دون احتساب النسخ اليدوية غير الموثقة والملاحظات.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ابتلعت الصغيرة ريقها، وكأنها استجمعت جزءًا من شجاعتها. أعادت ترتيب جلستها، ورغم تلعثم صوتها ورجفته، واصلت، وهذه المرة لم تتوقف.
حتى كارثة عملية تطهير العالم لم تستطع القضاء عليها كلّها. هناك احتمال كبير بأنّ هذا المستجدّ ’ذئب منفرد‘، تمامًا كـ كيري.
ارتبكت الشقية الصغيرة، ثم شهقت بقوة.
أؤمن بأن المتطرّفين، والمعتدلين، وشوكة الدم، وهيـلين، وحتى كيري أصبحوا مضطربين بالفعل، ويوشكون على إثارة المتاعب الآن، خصوصًا إل—فسيجده حتى لو اضطر للبحث في العالم كلّه.”
وفي العاصفة التي هبّت فجأة، رفعت الملكة رأسها، وأطلقت زئيرًا يصمّ الآذان.
“وسرعان ما ستلاحظ الجهات كلها أيّ نشاط غير عادي، الغروب، الشروق، القمر الساطع، قاعة الليل المظلم، بل وحتى الممالك المختلفة والملوك السبعة للجحيم سيشعرون بأنّ أمرًا ما يحدث.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (يا لِعقوق نسل رايكارو… لقد تعمّدوا هذا، أليس كذلك؟)
“سيكون الأمر مقبولًا إن لم يعثر عليه أحد، أو إن عثرت عليه جهة واحدة فقط. لكن إن وجدته جهتان أو أكثر في الوقت نفسه…”
جالسةً على الرصيف والخليج والسماء خلفها، تابعت حديثها وهي تواصل إصلاح الشبكة. انهمرت من شفتيها أسماءُ مواضع أخرى: “وكذلك نهر الجليد كويكير، مدينة الغربان الناعقة، مستنقعات الكوكبة، البراري الشمالية، سهول ياما، حصن الأرواح الشجاعة، بحر الشياطين، مدينة سحب التنين…”
حدّقت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية بالأفق، تشد قبضتها على شبكة الصيد بين يديها.
“أنتِ من مهد التحالف غير المسبوق بين المعتدلين والمتطرفين قبل اثني عشر عامًا.” تردّد صوت الزائر في الرصيف. “لقد رأيتِ شيئًا أعلى، أبعد، وأكثر مغزى…”
“أحتاج مساعدتك يا فرويلاند. أحتاج أن تعثري عليه.” قال الزائر في الهواء بجدية. “إن كنتِ محقّة في ظنّك بأنك لا تريدين لهذا العالم أن يزداد سوءًا…”
في تلك اللحظة، تحرّكت ملكة السماء فجأة. قرّبت أنفها من الصغيرة. واقشعرّ بدن تاليس.
تتابعت أصوات الأمواج وصرخات طيور النورس. والتزمت المرأة الصمت طويلًا.
ارتطمت موجة أخرى بالشاطئ. ولزمت المرأة الصمت على الرصيف.
وأخيرًا، أطلقت تنهيدة طويلة وقالت بصوتٍ رتيب، “لا أستطيع العثور عليه.”
كانت عيناها الكهرمانيتان مثبتتين عليه، مما زاد توتره.
“ماذا تعنين؟” قال الصوت الرتيب بعدم تصديق. “بقدرتك، ألا يمكنك تحديد موقع أيّ شخصٍ لحظة طرقه على الباب؟”
Ａｒｉｓｕ－ｓａｎ
هزّت المرأة رأسها ببطء. “بلى، حين طرق الباب، استطعت الإحساس بوجوده في سلالة الفجر والظلام.”
تجهم تاليس. فقد أدرك أنّ الشقية الصغيرة قد تعثّر لسانها فجأة.
ساد الصوت الذي يرنّ في الهواء شيء من الابتهاج.
ظلّ ينظر حوله بصدمة، ثم التقط أنفاسه.
“هذا خبر جيّد. هناك ثلاث أدوات أسطورية مضادّة للصوفيين في سلالة الفجر والظلام، لكنها جميعًا في العاصمة المقدّسة كيرين. أما الخبر السيّئ فهو أنّ شوكة الدم قريبة من سلالة الفجر والظلام—”
وأخيرًا، لم يعد تاليس قادرًا على قمع فضوله، فرفع رأسه قليلًا. وما إن رأت الصغيرة حركته حتى شحب وجهها من الرعب.
في تلك اللحظة، نطقت المرأة باسم مكان آخر.
ارتعد تاليس بعنف.
“وبحر الإبادة.”
ساد الصوت الذي يرنّ في الهواء شيء من الابتهاج.
بدا الصوت الرتيب غير قادر على استيعاب ما سمعه. وبعد لحظة صمت، سأل،
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لقد خفضت ملكة السماء رأسها منذ وقت. كانت أقرب قشور أنفها لا تبعد عنه سوى شبر واحد.
“ماذا؟”
نظر إلى الملكة… ليجد أنّ فكّها المخيف قد ارتفع قليلًا، وكأنّها… وكان لا يعرف لماذا راوده هذا الظن… لكنها بدت وكأنها تبتسم ابتسامة ساخرة.
“حين طرق الباب، كان في الوقت نفسه في بحر الإبادة.” شرحت المرأة بهدوء.
“بدلًا من مجرّد مقاتلة الإمبراطورَتين، أو إعادة تمثيل ما يسمّى مجد الصوفيين… كنتِ تعلمين أن هذا ليس غاية وجودنا. لا نستطيع محو ماضينا، ولسنا كائناتٍ أسمى.” قالها الصوت ببرود.
“كيف يكون هذا ممكنًا؟” قال الزائر في الهواء بدهشة. “من سلالة الفجر والظلام إلى بحر الإبادة…”
ارتعد تاليس بشدّة، وبذل جهده ليرفع عنقه وينظر إلى عيني التنّين. تلك العيون الصافية كالكهرمان الأصفر لم تتحرّك البتّة. ومع ذلك، كأنّ سحرًا خفيًا جعلها تركز عليه.
لم تعره المرأة أيّ اهتمام، بل خفضت رأسها وهمست لنفسها، “الصحراء العظمى. غابات الغسق المتأخر.”
كان آخر مجسات كيليكا يرتجف وسط اللهيب الأخضر وهو يمتدّ نحو التنّين. فاستدار التنّين القرمزي العظيم بعنقه. وعرف تاليس العاطفة التي ظهرت في عينيه—الازدراء.
جالسةً على الرصيف والخليج والسماء خلفها، تابعت حديثها وهي تواصل إصلاح الشبكة. انهمرت من شفتيها أسماءُ مواضع أخرى: “وكذلك نهر الجليد كويكير، مدينة الغربان الناعقة، مستنقعات الكوكبة، البراري الشمالية، سهول ياما، حصن الأرواح الشجاعة، بحر الشياطين، مدينة سحب التنين…”
انعكست صورتهما على عين التنين. كان وجهاهما شاحبين، مذهولين، متجمّدين في وضعيّتهما. لم يكن أحدهما ليتجرّأ على التنفّس بصوت مسموع، وكل ما استطاعا فعله هو التحديق بينما التنين يمعن النظر فيهما.
ارتجفت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية قليلًا. وأفسدت جزءًا من الشبكة سهواً. كان كلامها هادئًا لكنه حازم.
“قلتَ إنك جيدستار؟”
“ليست هذه كلّ الأماكن التي شعرت بها! في اللحظة التي طرق فيها الباب، بدا وكأنه يقف في كلّ زاوية من العالم قبل أن يدخل هيئته الأساسية. لذلك، لا أستطيع إيجادَه.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ركعا على الأرض.
مدّت يدها وعدّلت قبّعتها. “وأخشى أنّ الأمر نفسه ينطبق على الإمبراطورتيْن.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com دوّى صوت امرأة، عميق وفخم، يهزّ القلوب ويصمّ الآذان… لكنّه ارتفع داخل قلبه.
عاد الصمت يخيّم. نظرت المرأة مجددًا إلى الشبكة بين يديها، وهزّت رأسها ببطء. “لا سبيل لإيجاده.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان الشتاء قاسيًا عليهم مقارنة بأهل البلدات القريبة، أو حتى المدن الواقعة على بُعد عشرات الأميال، حيث الموارد ورأس المال يتيحان إطلاق السفن الضخمة لصيد الأسماك النادرة في البحر. وكانت الأمور أيضًا أسهل على أصحاب المكانة العاملين في تجارة صيد الحيتان، وكذلك على الموظفين المشرفين على حقول الملح وعمليات استخراج النحاس الداكن من تحت الماء. أمّا بالنسبة لهؤلاء الصيادين، فالشتاء كان عسيرًا على كل حال.
ارتطمت موجة أخرى بالشاطئ. ولزمت المرأة الصمت على الرصيف.
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
“إذًا، لا شيء يمكن فعله؟” بدا الصوت في الهواء فارغًا قليلًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com شعر تاليس بدوار خفيف. أخذ عدة أنفاس عميقة، ثم استدار ثانية ورفع رأسه قدر ما استطاع.
رفعت المرأة رأسها وعدّلت قبعتها. “ليس بالضرورة”، قالت ببطء. “مجرد قدرته على طرق الباب يعني أنه أصبح صوفيًا تامّ التشكُّل.”
حرّكت الشبكة بخفة وتابعت إصلاح موضع آخر.
قد لا يكون لديه دليل. وقد لا يفهم قدرته جيّدًا.” قالت بنبرة رتيبة. “راقب الأخبار الغريبة في أنحاء العالم كلّه، من الشائعات إلى الأساطير. فبسبب قلّة خبرته، سيُفصح عن نفسه يومًا ما.”
اهتز المكان كله، وسقط الطفلان أرضًا، بينما استمرت العاصفة تعصف بهما.
“إذًا”، قال الصوت الرتيب، “لا نعتمد إلا على هذا للعثور عليه؟”
“أنتِ من مهد التحالف غير المسبوق بين المعتدلين والمتطرفين قبل اثني عشر عامًا.” تردّد صوت الزائر في الرصيف. “لقد رأيتِ شيئًا أعلى، أبعد، وأكثر مغزى…”
لم تجب المرأة.
فقد صدح صوت باهت لا لون له من الهواء بطريقة غامضة: “لأكون دقيقًا، أنا لم آتِ. ما جاء هو صوتي فقط. يمكنكِ أن تتخيّلي أنّني أرسلت غراب زاجل.”
ارتطمت موجة أكبر بالرصيف، فرشّت ثوبها الكتاني بالماء.
حتى كارثة عملية تطهير العالم لم تستطع القضاء عليها كلّها. هناك احتمال كبير بأنّ هذا المستجدّ ’ذئب منفرد‘، تمامًا كـ كيري.
“حسنًا، آخر سؤال.”
ارتبكت الشقية الصغيرة، ثم شهقت بقوة.
بدت نبرة الصوت في الهواء كئيبة قليلًا. وسأل بحذر، “تاوروس، كيف كان تفاعله مع هذا الخبر؟”
أخيرًا أدركت الشقية الصغيرة ما يجري، فأسرعت بالكلام.
توقفت يدا المرأة. ومرّ طائر نورس فوق موجة، وحين لم يصطد شيئًا عاد إلى عشه.
ولذلك، كان على الكثير من الرجال أن يبحثوا عن مصادر دخل إضافية لإطعام أسرهم بعد رجوعهم من البحر. فكانوا إمّا يجمعون الأصداف من الشاطئ، أو يعملون في حقول الملح، أو يكدحون في المرافئ المخصّصة لزيت الحوت في البلدة، أو يملّحون السمك لتجفيفه في بيوتهم. أمّا النساء فكنّ يمكثن في المنازل يعتنين بالأطفال، ويحاولن قدر الإمكان كسب شيءٍ من العيش عبر الخياطة وترقيع الملابس.
قالت المرأة ببطء، “كيف لي أن أعلم؟”
هزّت المرأة رأسها ببطء. “بلى، حين طرق الباب، استطعت الإحساس بوجوده في سلالة الفجر والظلام.”
“إنه مرشدكِ في النهاية.” واصل الزائر كلامه، “تمامًا كما ماسنتا مرشدي.”
نظر تاليس إليها مذهولًا، ثم إلى النظارة، ثم إلى ملكة السماء.
تكلّمت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية ببطء، تحمل نبرةُ صوتها شيئًا من الازدراء. “إذن، لا بُدّ أنك تعلم كما أعلم، يا زاركل، أنه منذ الحرب الأهلية الثانية… لم يعد يكترث بأيّ شيء يخصّنا.”
كأنه يتحدث مع نفسه أمام تنين.
…..
ساد الصوت الذي يرنّ في الهواء شيء من الابتهاج.
(كيف يُفترض أن يبدو التنّين العظيم؟)
“وافد جديد!”
رفع تاليس رأسه مذهولًا، يحدّق في ذلك الجسد الهائل. تحت ضوء اللهيب الأخضر، بدا كأن طوله عشرات الأمتار، أو ربما مئة متر.
اهتزّ التراب والحجارة بصوتٍ مدوٍّ يكشف ضخامة التنّين. ثمّ خفض التنّين القرمزي رأسه ونظر إلى الشخصين الصغيرين على الأرض…
صفوفٌ متراكبة من الحراشف القرمزية الداكنة غطّت جسده، تعكس ضوء النيران. وكان جناحاه العريضان مطويّين وراء مخالبه العملاقة، كأنه سيدة نبيلة ترتدي ثيابًا فاخرة ورداءً طويلًا.
ارتعشت قليلًا، وكأنّها غير معتادة على هذا الاسم.
كان له وجهٌ فريد الملامح سلس الانسياب، ورقبة طويلة مستقيمة دون أي جهد ظاهر. والقرنان الأسودان على رأسه، الممتدّان بالتوازي نحو الخلف، أضفيا عليه مهابةً تستحق الثناء، فضلًا عن هالةٍ غامضة.
وفي العاصفة التي هبّت فجأة، رفعت الملكة رأسها، وأطلقت زئيرًا يصمّ الآذان.
هذا طبعًا إن تغاضيتَ عن الأشواك الحادّة الوحشية المنتشرة على جسده.
كانت ملكة السماء تبسط جناحيها الهائلين. تحت ضوء اللهيب الأخضر، تركت ظلًا لن ينساه طوال حياته.
في تلك اللحظة، أدرك تاليس فجأة أن الوحوش السوداء الصغيرة التي تملكها جيزا ربما استوحيت من هيئة التنّين العظيم.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم تجب فرويلاند.
لم يتحرّك التنّين القرمزي الداكن وهو يحدّق في الهيدرا التي تزمجر ألمًا على الأرض. لم يُبدِ أيّ اهتمام بها.
*هدير…*
كان آخر مجسات كيليكا يرتجف وسط اللهيب الأخضر وهو يمتدّ نحو التنّين. فاستدار التنّين القرمزي العظيم بعنقه. وعرف تاليس العاطفة التي ظهرت في عينيه—الازدراء.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (تنّين عظيم؟ هل هذه نكتة؟!)
وفي النهاية، تلاشى مجسّ كيليكا الأخير قبل أن يصل إلى التنّين، وتحول إلى رماد تتساقط ذراته على الأرض. وبعد احتراق كلّ اللحم والدم، بدا وكأن للهيب الأخضر وعيًا خاصًا، إذ لم يتابع الاحتراق، بل خمد ببطء.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بدا عليها الهلع، وبدأت تتحدث بكلام متقطع غير مترابط. “أنا… بشأن هذا… أنا آوه…”
حدّق تاليس بالمشهد أمامه، يحبس أنفاسه ويرتجف.
قرّر تاليس ألّا يكتفي بكلماتها، بل راقب أفعالها وقلّدها بسرعة.
(يا إلهي. التنانين العظيمة… موجودة حقًا.)
حدّق تاليس في الملكة مذهولًا. فتوجّهت بعينيها الكهرمانيتين نحوه مجددًا، وقالت،
*خشخشة…*
“اذهب وابحث عن «إل» أو «جيزا».” قالت المرأة وهي تضع الشبكة التي أصلحتها وتمسك أخرى لتبدأ بترميمها. آسدا، سولوفيسكي، وحتى سورا سيبدون اهتمامًا.”
وفي اللحظة التالية، استدار التنّين العظيم بجسده الضخم من دون سابق إنذار، فأنّ جزء كبير من أنقاض منطقة الدرع تحت وطأة وزنه الهائل.
لم يستطع تاليس إلّا أن يشيح ببصره للحظة. نظر إلى جرف السماء البعيد، وإلى تمثال رايكارو عليه. ثم، عاد ببصره إلى جسد التنّين الهائل، ثم إلى الجرف.
ارتجف تاليس رعبًا وانكمش قليلًا.
انعكست صورتهما على عين التنين. كان وجهاهما شاحبين، مذهولين، متجمّدين في وضعيّتهما. لم يكن أحدهما ليتجرّأ على التنفّس بصوت مسموع، وكل ما استطاعا فعله هو التحديق بينما التنين يمعن النظر فيهما.
أنزل التنّين مخالبه على الأرض، واستدار بجسده ورقبته. ولوّح بذيله ذي الخط المتناسق الجميل ليحافظ على توازنه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “وسرعان ما ستلاحظ الجهات كلها أيّ نشاط غير عادي، الغروب، الشروق، القمر الساطع، قاعة الليل المظلم، بل وحتى الممالك المختلفة والملوك السبعة للجحيم سيشعرون بأنّ أمرًا ما يحدث.”
*هدير…*
(تنينٌ مقدّس، الملكة المؤسسة لإكستيدت… تبتسم بسخرية؟ هذا مستحيل!)
اهتزّ التراب والحجارة بصوتٍ مدوٍّ يكشف ضخامة التنّين. ثمّ خفض التنّين القرمزي رأسه ونظر إلى الشخصين الصغيرين على الأرض…
فقد صدح صوت باهت لا لون له من الهواء بطريقة غامضة: “لأكون دقيقًا، أنا لم آتِ. ما جاء هو صوتي فقط. يمكنكِ أن تتخيّلي أنّني أرسلت غراب زاجل.”
ارتجف جسد تاليس كلّه بعنف.
ارتفع صوت بإيقاع غريب داخل قلبه، إيقاعٌ… كأنه شعر.
(لا يمكن… لماذا…؟)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان وجه الصغيرة شاحبًا، وشفاهها مائلة للخضرة وهي ترتجف. وقالت بصوت مرتعش، “إنها… الملكة كلوريسيس!”
نظر التنّين العظيم إلى الطفلين. الطفلين المتّسخين، المبعثرين، أشعثي الشعر.
“أيتها الملكة العظيمة، يا صاحبة الجلالة الملكة كلوريسيس، أنا تاليس ثيرّينـجيرانا كيسل جيدستار من مدينة النجم الأبدي. ويشرّفني أن أحظى بنعمة المثول بين يديك.”
ارتعد تاليس بشدّة، وبذل جهده ليرفع عنقه وينظر إلى عيني التنّين. تلك العيون الصافية كالكهرمان الأصفر لم تتحرّك البتّة. ومع ذلك، كأنّ سحرًا خفيًا جعلها تركز عليه.
*خشخشة…*
ارتجفت الشقية الصغيرة أيضًا، والتصقت بذراعه.
(هما… يتحدّثان؟ كيف؟)
قبل وصوله للشمال، تخيّل تاليس كلّ السيناريوهات: الملوك، الآرشيدوقات، النبلاء، الجنود، العامّة… وحتى الصوفيين، وعشيرة الدم. فكّر في كيفية التعامل مع كل موقف، بما في ذلك مواقف مع الجان، مثل آيدا.
“ليست هذه كلّ الأماكن التي شعرت بها! في اللحظة التي طرق فيها الباب، بدا وكأنه يقف في كلّ زاوية من العالم قبل أن يدخل هيئته الأساسية. لذلك، لا أستطيع إيجادَه.”
لكنّ السيناريو الحالي لم يخطر بباله قط.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان وجه الصغيرة شاحبًا، وشفاهها مائلة للخضرة وهي ترتجف. وقالت بصوت مرتعش، “إنها… الملكة كلوريسيس!”
(تنّين عظيم؟ هل هذه نكتة؟!)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com فهم تاليس مقصدها، فسحب كُمّ الشقية الصغيرة بسرعة.
وبينما كان يحدّق في تلك النظرة العميقة، شعر تاليس بقشعريرة تسري في ظهره.
وأسدلت قبّعتها لتتقي نور الشمس الصاعد. “نعلم جميعًا كم هو معقد ذلك التحوّل من ’المادّة’ إلى ’الجوهر’، وهو التحوّل نفسه الذي يفضي إلى أن يصبح المرء صوفيًا.”
(ما الذي تعنيه بهذا؟ أظهر أيَّ ردّة فعل على الأقل. لا تحدّق بي هكذا بلا كلمة!)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com حدّق تاليس بالصغيرة المذعورة وكأنها تهذي.
وفي اللحظة ذاتها، قالت الشقية الصغيرة بصوت مرتجف،
من قلبه.
“أجنحةٌ حمراء… لهبٌ أخضر…”
“مرحبًا.” حدّق تاليس في نظرة التنين العظيم التي أخذت تزداد جفاءً، وقال بخوف وبصوت خفيض، “أتذكر أنّك أخبرتِني بأنّ هناك طقوسًا محددة عندما نمثل بين يدي ملكة السماء؟”
كان وجه الصغيرة شاحبًا، وشفاهها مائلة للخضرة وهي ترتجف. وقالت بصوت مرتعش، “إنها… الملكة كلوريسيس!”
“بدلًا من مجرّد مقاتلة الإمبراطورَتين، أو إعادة تمثيل ما يسمّى مجد الصوفيين… كنتِ تعلمين أن هذا ليس غاية وجودنا. لا نستطيع محو ماضينا، ولسنا كائناتٍ أسمى.” قالها الصوت ببرود.
ارتعد تاليس بعنف.
ارتطمت موجة أكبر بالرصيف، فرشّت ثوبها الكتاني بالماء.
فتح فمه على اتساعه، والتفت إليها في ذهول.
“حسنًا، آخر سؤال.”
“الملكة…” تمتم تاليس، “ملكة السماء؟!”
وفجأة، انطلقت كلمات الصغيرة في الهواء، هلعة: “آه… نعم… لا… نعم… صحيح… شكرًا… أم…”
كانت الصغيرة ترتجف كأوراق الخريف، لكنها غريبة في حماسها. جذبت تاليس بقوة وهي تؤكّد، “نعم، نعم… أولُ ملكات إكستيدت!”
“وماذا بعد؟” همس للصغيرة، وهو ما يزال خافضًا رأسه.
شعر تاليس بدوار خفيف. أخذ عدة أنفاس عميقة، ثم استدار ثانية ورفع رأسه قدر ما استطاع.
كان الموقف غريبًا بالفعل.
نظر في تلك العينين الواسعتين الصافيتين. جعلته الحدقة السوداء يشعر بضغط هائل. وحدّق في التنّين العظيم الأسطوري الذي اختفى منذ أكثر من ستمئة عام.
شبه الجزيرة الشرقية. في مكانٍ ما داخل قرية صيد مجهولة.
لم يستطع تاليس إلّا أن يشيح ببصره للحظة. نظر إلى جرف السماء البعيد، وإلى تمثال رايكارو عليه. ثم، عاد ببصره إلى جسد التنّين الهائل، ثم إلى الجرف.
تتابعت أصوات الأمواج وصرخات طيور النورس. والتزمت المرأة الصمت طويلًا.
شعر وكأنه فهم سبب مغادرة ملكة السماء لإكستيدت وعدم عودتها مطلقًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وللحظة أدرك أنّه لا يعرف بأي لغة كانت تتحدث في قلبه، لكنه كان يفهم كل كلمة.
(إن كان جرف السماء هو القصر الإمبراطوري لملكة السماء…) صرخ تاليس في قلبه بحنق. (فبحجمها هذا، كيف يُفترض بها أن تعيش هناك بسلام؟!)
وفي اللحظة ذاتها، قالت الشقية الصغيرة بصوت مرتجف،
(يا لِعقوق نسل رايكارو… لقد تعمّدوا هذا، أليس كذلك؟)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com حدّق تاليس بالمشهد أمامه، يحبس أنفاسه ويرتجف.
في تلك اللحظة، نفثت الملكة زفيرًا قويًا من أنفها.
ولمّا غادر الصيادون، خفضت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية رأسها من جديد. ورفعت أكمامها الكتانية المتدلية، كاشفة عن بشرةٍ سمراء لا يُدرى أهي اسودّت بالشمس أم كانت على هذه الحال منذ ولادتها. ثم انهمكت في إصلاح الشبكة الموضوعة بين ركبتيها…
*فوووش!*
وبسرعة مضطربة، وكأنها تقتل بعوضة، نزعت نظارتها القديمة.
جرف التيار الهوائي الأرض بقوة، فتعثر تاليس والصغيرة. وبذل تاليس جهدًا كبيرًا ليثبّت قدميه.
اهتز المكان كله، وسقط الطفلان أرضًا، بينما استمرت العاصفة تعصف بهما.
حرّكت الملكة رأسها قليلًا، لكنها أبقت عينيها عليهما. بدا في نظرتها شيء من التأمّل، وفي الوقت نفسه قدرٌ من الضيق.
“هذا خبر جيّد. هناك ثلاث أدوات أسطورية مضادّة للصوفيين في سلالة الفجر والظلام، لكنها جميعًا في العاصمة المقدّسة كيرين. أما الخبر السيّئ فهو أنّ شوكة الدم قريبة من سلالة الفجر والظلام—”
لم يملك تاليس إلّا أن يشعر بالقلق.
“بدلًا من مجرّد مقاتلة الإمبراطورَتين، أو إعادة تمثيل ما يسمّى مجد الصوفيين… كنتِ تعلمين أن هذا ليس غاية وجودنا. لا نستطيع محو ماضينا، ولسنا كائناتٍ أسمى.” قالها الصوت ببرود.
فأشار للشقية الصغيرة بخفة وهو يتذكّر شيئًا—
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “تملك اسمًا جيدًا.”
“مرحبًا.” حدّق تاليس في نظرة التنين العظيم التي أخذت تزداد جفاءً، وقال بخوف وبصوت خفيض، “أتذكر أنّك أخبرتِني بأنّ هناك طقوسًا محددة عندما نمثل بين يدي ملكة السماء؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com نظر التنّين العظيم إلى الطفلين. الطفلين المتّسخين، المبعثرين، أشعثي الشعر.
ارتبكت الشقية الصغيرة، ثم شهقت بقوة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “وسرعان ما ستلاحظ الجهات كلها أيّ نشاط غير عادي، الغروب، الشروق، القمر الساطع، قاعة الليل المظلم، بل وحتى الممالك المختلفة والملوك السبعة للجحيم سيشعرون بأنّ أمرًا ما يحدث.”
“صحيح، لقد نسيت للتو.” ارتسم الهلع على وجهها، ولم تجرؤ على رفع رأسها للنظر إلى ذلك التنين. ولم يُسمع سوى كلماتها المرتجفة. “إنّ التنين يمقت قلّة الاحترام والفظاظة!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “وسرعان ما ستلاحظ الجهات كلها أيّ نشاط غير عادي، الغروب، الشروق، القمر الساطع، قاعة الليل المظلم، بل وحتى الممالك المختلفة والملوك السبعة للجحيم سيشعرون بأنّ أمرًا ما يحدث.”
فهم تاليس مقصدها، فسحب كُمّ الشقية الصغيرة بسرعة.
حدّقت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية بالأفق، تشد قبضتها على شبكة الصيد بين يديها.
“ماذا أفعل؟” قال من بين أسنانه. “أظن أنّ الوقت قد حان لتخبريّني!”
نظر حوله مذعورًا، فلم يجد أحدًا. ثم رأى الصغيرة تومئ له بجنون، ففهم الوضع.
أخيرًا أدركت الشقية الصغيرة ما يجري، فأسرعت بالكلام.
في تلك اللحظة، أدرك تاليس فجأة أن الوحوش السوداء الصغيرة التي تملكها جيزا ربما استوحيت من هيئة التنّين العظيم.
وهكذا، وتحت أنظار التنين، بدأ الطفلان بالانحناء بطريقة مضحكة، بينما كان تاليس يطيع تعليمات الشقية الصغيرة.
*فوووش!*
“أولًا، ع–علينا أن نركع على ركبة واحدة”، قالت الشقية الصغيرة وهي تتلعثم، لكن كلما زادت كلماتها، ازدادت سلاستها أيضًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم يملك تاليس إلّا أن يشعر بالقلق.
ركعا على الأرض.
“أولًا، ع–علينا أن نركع على ركبة واحدة”، قالت الشقية الصغيرة وهي تتلعثم، لكن كلما زادت كلماتها، ازدادت سلاستها أيضًا.
“يجب أن تركع على ركبتك اليمنى!” صحّحت له بصرامة. “الركوع على اليسرى يُستخدم في مراسم الزواج القديمة في الشمال، حين يُقسِم الزوجان اليمين لبعضهما!”
وعندما وصلوا الشاطئ بما جنوه من صيدٍ هزيل، أطلقوا آهات الشكوى من صعوبة تجاوز فصل الشتاء.
سارع الأمير الثاني إلى تبديل قدمه طاعةً لكلامها، رغم أنّ حركته كانت بطيئة ومتعثرة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم يملك تاليس إلّا أن يشعر بالقلق.
“ثم، كما في البروتوكول العسكري للإمبراطورية القديمة، وفي طقس منح لقب الفارس، تُقبِض يدك اليُمنى وتضعها على صدرك.” بدا كلام الشقية الصغيرة أكثر سلاسة، وكأنّها نسيت خوفها من التنين. “وتترك يدك اليسرى تتدلّى طبيعيًا.”
“قلتَ إنك جيدستار؟”
قرّر تاليس ألّا يكتفي بكلماتها، بل راقب أفعالها وقلّدها بسرعة.
“ماذا؟”
“اخفض رأسك باحترام… لثلاث ثوانٍ على الأقل…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أنزل التنّين مخالبه على الأرض، واستدار بجسده ورقبته. ولوّح بذيله ذي الخط المتناسق الجميل ليحافظ على توازنه.
ظلّ التنين يحدّق بهما دون أن يتحرك. لم يذكّرهما بوجوده سوى النسمات الخفيفة الخارجة من منخريه.
من قلبه.
“ثم، واحدًا بعد الآخر، يجب أن نذكر أسماءنا كاملة…”
توقفت يدا المرأة. ومرّ طائر نورس فوق موجة، وحين لم يصطد شيئًا عاد إلى عشه.
قالت الصغيرة بصوت مرتجف, “أيتها الملكة العظيمة، يا صاحبة الجلالة الملكة كلوريسيس… أنا… أنا…”
لم تجب المرأة.
تجهم تاليس. فقد أدرك أنّ الشقية الصغيرة قد تعثّر لسانها فجأة.
ذلك الصوت الذي يبدو وكأنه يكلّمه من قرب، لكنه في الحقيقة ينبثق من أعماق صدره.
بدا عليها الهلع، وبدأت تتحدث بكلام متقطع غير مترابط. “أنا… بشأن هذا… أنا آوه…”
لكن المرأة هزّت رأسها ببطء. “إذن عليك أن تبحث عن كيري أيضًا. فهو رفيقك. على الأقل، كنتما تقاتلان سويًا فيما مضى.”
ومضت فكرةٌ مهمة في ذهن تاليس، فتذكّر أمرًا شديد الأهمية، ووخز الفتاة بكوعه هامسًا: “سارُوما!”
كانت هناك امرأة ترتدي قبّعةً من الخيزران تجلس على كرسي صغير مهترئ بجوار الرصيف، وجدائل الكتّان والحبال الخشنة بين يديها تنسج بها شبكة صيدٍ بمهارة. وكانت تحيي الصيادين المارين بتحية ودودة.
ارتجفت الشقية الصغيرة وقالت غريزيًا: “أنا سارُوما…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “كيف يكون هذا ممكنًا؟” قال الزائر في الهواء بدهشة. “من سلالة الفجر والظلام إلى بحر الإبادة…”
ارتعشت قليلًا، وكأنّها غير معتادة على هذا الاسم.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان وجه الصغيرة شاحبًا، وشفاهها مائلة للخضرة وهي ترتجف. وقالت بصوت مرتعش، “إنها… الملكة كلوريسيس!”
(لا) فكّر تاليس في نفسه. (ذلك لأنها تذكّرت شيئًا ما.)
نظر في تلك العينين الواسعتين الصافيتين. جعلته الحدقة السوداء يشعر بضغط هائل. وحدّق في التنّين العظيم الأسطوري الذي اختفى منذ أكثر من ستمئة عام.
وبالفعل، ما إن نطقت القسم التالي من اسمها حتى بدا أنها توشك على البكاء.
(هما… يتحدّثان؟ كيف؟)
“سارُوما أليكس…” تغيّر نبر صوت الفتاة. سالت دموعٌ من وجهها المنخفض. “أليكس…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لقد خفضت ملكة السماء رأسها منذ وقت. كانت أقرب قشور أنفها لا تبعد عنه سوى شبر واحد.
بدت وكأنها استحضرت ذكرى مؤلمة، فتوقفت. تساقطت دموعها، وانعقد صوتها فلم تستطع الكلام.
كانت ملكة السماء تبسط جناحيها الهائلين. تحت ضوء اللهيب الأخضر، تركت ظلًا لن ينساه طوال حياته.
ضيّقت الملكة التنين عينيها قليلًا، وازدادت نظرتها حدّة نحو الصغيرة.
ارتجفت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية قليلًا. وأفسدت جزءًا من الشبكة سهواً. كان كلامها هادئًا لكنه حازم.
عضّ تاليس على أسنانه، ثم مدّ يده برفق وأمسك معصم الشقية الصغيرة الأيسر. ارتجفت، ثم التفتت نحوه. أومأ لها إيماءة صغيرة ثابتة تحمل تشجيعًا لا يتزعزع.
اندفع الهواء بقوة، حتى إنهما لم يستطيعا فتح أعينهما، واضطرا لتغطية رأسيهما بأذرعهما.
ابتلعت الصغيرة ريقها، وكأنها استجمعت جزءًا من شجاعتها. أعادت ترتيب جلستها، ورغم تلعثم صوتها ورجفته، واصلت، وهذه المرة لم تتوقف.
كانت شمس الشتاء معلّقةً في وسط السماء. ومع صياح بعض طيور النورس، كان فريقٌ من الصيادين الذين اسودّت بشرتهم من الصيد تحت الشمس طوال العام، يرسون زوارقهم الصغيرة المخصّصة للصيد القريب من الساحل عند رصيفٍ متهالك، بعد عودتهم من البحر.
“أنا سارُوما أليكس… سوريا… والتون… من مدينة سحب التنين… ويشرّفني… يشرّفني أن أح–ظى بنعمة مقابلة جلالتِك.”
كان رأسٌ هائل مغطّى بالقشور يقف فوقهما مباشرة.
أنهت الصغيرة كلامها أخيرًا. كانت تلهث بشدة، وعرق بارد يتجمّع على جبينها، وكأنها أدّت مجهودًا عنيفًا.
222222222 window.pubfuturetag = window.pubfuturetag || [];window.pubfuturetag.push({unit: "691c49610b02532d2b2fde29", id: "pf-17553-1"}) فتح فمه على اتساعه، والتفت إليها في ذهول.
تنفّس تاليس الصعداء. ثم استنشق بعمق، وخفض رأسه، مقلّدًا الصغيرة، وبأكثر صوت محترم وثابت استطاع أن يستحضره، قال،
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع تاليس رأسه بحذر، وعيناه لا تزالان ترتجفان خوفًا.
“أيتها الملكة العظيمة، يا صاحبة الجلالة الملكة كلوريسيس، أنا تاليس ثيرّينـجيرانا كيسل جيدستار من مدينة النجم الأبدي. ويشرّفني أن أحظى بنعمة المثول بين يديك.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كأنّ فيه سرًا وقوة تُسكر السامع.
ما إن انتهى من كلامه حتى زفر براحة.
اتمنى منكم مواصلة دعمي ان كان بتعليق او بعض الذهب في الموقع كشكر لجهودي وتعبي في ترجمة العمل، احبكم في الله واراكم قريبا بالارك القادم دماء التنين.
“وماذا بعد؟” همس للصغيرة، وهو ما يزال خافضًا رأسه.
رفعت المرأة رأسها وحدّقت في “الهواء”. وللمرة الأولى، أصبح صوتها باردًا، “إذًا، لهذا جئت إليّ؟”
أجابته الصغيرة ببساطة: “ننتظر.”
لم تجب المرأة.
فانتظرا بصمت، راكعين دون أن يجرؤا على الكلام أو رفع رؤوسهما أو الحركة. لم يعرفا كم من الدقائق مرّت. لم يسمعا سوى صفير الريح الباردة وفرقعة اللهب.
“ثم، واحدًا بعد الآخر، يجب أن نذكر أسماءنا كاملة…”
وأخيرًا، لم يعد تاليس قادرًا على قمع فضوله، فرفع رأسه قليلًا. وما إن رأت الصغيرة حركته حتى شحب وجهها من الرعب.
(لا يمكن… لماذا…؟)
رفع تاليس بصره للأعلى… ولو أنه لم يفعل، لكان خيرًا له، لأنّه ما إن نظر حتى ارتعد.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com هبت ريح عنيفة.
وعندما رأت الصغيرة ارتعاده، بدأت هي أيضًا ترفع رأسها… ثم تجمّدت من الهلع.
“هذا خبر جيّد. هناك ثلاث أدوات أسطورية مضادّة للصوفيين في سلالة الفجر والظلام، لكنها جميعًا في العاصمة المقدّسة كيرين. أما الخبر السيّئ فهو أنّ شوكة الدم قريبة من سلالة الفجر والظلام—”
كان رأسٌ هائل مغطّى بالقشور يقف فوقهما مباشرة.
“لا أذكر أنّني دعوتك إلى هنا.”
(تبًّا!)
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
أصبح نفس تاليس سريعًا حدّ الهلع.
“إنه مرشدكِ في النهاية.” واصل الزائر كلامه، “تمامًا كما ماسنتا مرشدي.”
لقد خفضت ملكة السماء رأسها منذ وقت. كانت أقرب قشور أنفها لا تبعد عنه سوى شبر واحد.
ساد الصوت الذي يرنّ في الهواء شيء من الابتهاج.
دار التنين رأسه، كاشفًا عن عينه اليمنى. وبمقلة صفراء كالكهرمان، اقتربت منهما كأنّها تريد أن تراهما بوضوح.
شكرًا لكل القراء الذين وصلوا الى هنا، واتمنى ان تكون ترجمتي نالت اعجابكم.
تجمّد نفس تاليس تمامًا، وظلّ على ركبة واحدة بلا حراك، وقد نسي العالم من حوله. لم يرَ إلا هذا الوحش العظيم. الشقية الصغيرة كانت ترتعش هي الأخرى.
وفي اللحظة ذاتها، قالت الشقية الصغيرة بصوت مرتجف،
انعكست صورتهما على عين التنين. كان وجهاهما شاحبين، مذهولين، متجمّدين في وضعيّتهما. لم يكن أحدهما ليتجرّأ على التنفّس بصوت مسموع، وكل ما استطاعا فعله هو التحديق بينما التنين يمعن النظر فيهما.
إلى أن رفعت رأسها ونظرت نحو الشاطئ، وكأنها استشعرت شيئًا.
بعد لحظة، سحبت الملكة رأسها قليلًا. وما إن خرجت عينها الطاغية من مجال رؤيتهما حتى التقط تاليس أنفاسه من جديد.
كانت عيناها الكهرمانيتان مثبتتين عليه، مما زاد توتره.
ثم حصل ما لم يتوقعه تاليس.
وفي النهاية، تلاشى مجسّ كيليكا الأخير قبل أن يصل إلى التنّين، وتحول إلى رماد تتساقط ذراته على الأرض. وبعد احتراق كلّ اللحم والدم، بدا وكأن للهيب الأخضر وعيًا خاصًا، إذ لم يتابع الاحتراق، بل خمد ببطء.
ارتجفت الشقية الصغيرة وصرخت خائفة، ثم تراجعت للخلف، وبدأت تتلفّت بجنون. وسارع تاليس بالنظر إلى التنين. (هل فعلت شيئًا؟)
تجهم تاليس. فقد أدرك أنّ الشقية الصغيرة قد تعثّر لسانها فجأة.
لكن التنين لم تتحرك.
أخيرًا أدركت الشقية الصغيرة ما يجري، فأسرعت بالكلام.
هدأت الصغيرة، وبدت تحدّق بذهول. وتراكمت الأسئلة في ذهن تاليس.
لم يستطع تاليس إلّا أن يشيح ببصره للحظة. نظر إلى جرف السماء البعيد، وإلى تمثال رايكارو عليه. ثم، عاد ببصره إلى جسد التنّين الهائل، ثم إلى الجرف.
وفجأة، انطلقت كلمات الصغيرة في الهواء، هلعة: “آه… نعم… لا… نعم… صحيح… شكرًا… أم…”
*فوووش!*
حدّق تاليس بالصغيرة المذعورة وكأنها تهذي.
توقفت يدا المرأة. ومرّ طائر نورس فوق موجة، وحين لم يصطد شيئًا عاد إلى عشه.
(هل… فقدت عقلها؟)
“ليست هذه كلّ الأماكن التي شعرت بها! في اللحظة التي طرق فيها الباب، بدا وكأنه يقف في كلّ زاوية من العالم قبل أن يدخل هيئته الأساسية. لذلك، لا أستطيع إيجادَه.”
ثم صاحت بلوعة:
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وفي اللحظة التالية، قفز التنين العملاق إلى السماء.
“آه!”
ارتجفت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية قليلًا. وأفسدت جزءًا من الشبكة سهواً. كان كلامها هادئًا لكنه حازم.
وبسرعة مضطربة، وكأنها تقتل بعوضة، نزعت نظارتها القديمة.
عاد الصمت يخيّم. نظرت المرأة مجددًا إلى الشبكة بين يديها، وهزّت رأسها ببطء. “لا سبيل لإيجاده.”
ثم وضعتها بارتجاف في كفّيها بكل احترام، كأنها تحمل شيئًا نفيسًا.
تنفّس تاليس بعمق، محاولًا أن يخفي ارتجافه.
ارتجفت كغصنٍ في الريح، وشرعت تقول باكية: “أ–أنا لم أكن أعلم… لم أكن أعلم أنّك استخدمتِها من قبل… لقد أعطوني إيّاها فقط… كنت مخطئة… عذرًا… حقًا لم أكن أعلم…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع تاليس بصره للأعلى… ولو أنه لم يفعل، لكان خيرًا له، لأنّه ما إن نظر حتى ارتعد.
نظر تاليس إليها مذهولًا، ثم إلى النظارة، ثم إلى ملكة السماء.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أنزل التنّين مخالبه على الأرض، واستدار بجسده ورقبته. ولوّح بذيله ذي الخط المتناسق الجميل ليحافظ على توازنه.
(هما… يتحدّثان؟ كيف؟)
لم ترفع المرأة رأسها. ظلّت تركّز على شدّ جزءٍ من الشبكة.
في تلك اللحظة، تحرّكت ملكة السماء فجأة. قرّبت أنفها من الصغيرة. واقشعرّ بدن تاليس.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وأخيرًا، أطلقت تنهيدة طويلة وقالت بصوتٍ رتيب، “لا أستطيع العثور عليه.”
(ما الذي تنوي فعله؟)
“بالطبع… إلى أن تعاونت الإدارة العليا للأبراج الثلاثة مع الإمبراطورية والدير للتدخل…”
وفي اللحظة التالية، نفثت ملكة السماء نفسًا خفيفًا.
(لا) فكّر تاليس في نفسه. (ذلك لأنها تذكّرت شيئًا ما.)
*وووش!*
“أيتها الملكة العظيمة، يا صاحبة الجلالة الملكة كلوريسيس، أنا تاليس ثيرّينـجيرانا كيسل جيدستار من مدينة النجم الأبدي. ويشرّفني أن أحظى بنعمة المثول بين يديك.”
اندفع الهواء بقوة، حتى إنهما لم يستطيعا فتح أعينهما، واضطرا لتغطية رأسيهما بأذرعهما.
شعر وكأنه فهم سبب مغادرة ملكة السماء لإكستيدت وعدم عودتها مطلقًا.
ثم هدأ الهواء.
“ليست هذه كلّ الأماكن التي شعرت بها! في اللحظة التي طرق فيها الباب، بدا وكأنه يقف في كلّ زاوية من العالم قبل أن يدخل هيئته الأساسية. لذلك، لا أستطيع إيجادَه.”
رفع تاليس رأسه بحذر، وعيناه لا تزالان ترتجفان خوفًا.
أنهت الصغيرة كلامها أخيرًا. كانت تلهث بشدة، وعرق بارد يتجمّع على جبينها، وكأنها أدّت مجهودًا عنيفًا.
نظر إلى الملكة… ليجد أنّ فكّها المخيف قد ارتفع قليلًا، وكأنّها… وكان لا يعرف لماذا راوده هذا الظن… لكنها بدت وكأنها تبتسم ابتسامة ساخرة.
“إذًا”، قال الصوت الرتيب، “لا نعتمد إلا على هذا للعثور عليه؟”
(تنينٌ مقدّس، الملكة المؤسسة لإكستيدت… تبتسم بسخرية؟ هذا مستحيل!)
عاد الصمت يخيّم. نظرت المرأة مجددًا إلى الشبكة بين يديها، وهزّت رأسها ببطء. “لا سبيل لإيجاده.”
لكن لم يكن هناك وقت للتفكير.
ظلّ ينظر حوله بصدمة، ثم التقط أنفاسه.
“جيدستار؟”
ارتجفت الشقية الصغيرة وقالت غريزيًا: “أنا سارُوما…”
دوّى صوت امرأة، عميق وفخم، يهزّ القلوب ويصمّ الآذان… لكنّه ارتفع داخل قلبه.
عمّ الصمت.
“قلتَ إنك جيدستار؟”
“سيكون الأمر مقبولًا إن لم يعثر عليه أحد، أو إن عثرت عليه جهة واحدة فقط. لكن إن وجدته جهتان أو أكثر في الوقت نفسه…”
“آه!” صرخ تاليس من الفزع، وسقط على مؤخرته.
حتى قالت بعد دقائق، بنبرة هادئة، “فهمت. هل تظنّ أنّ الوافد الجديد قد لا يكون لديه مرشد أصلًا؟ إذ ما تزال هناك أماكن تحتفظ بفتاتٍ من أثر الأبراج السحرية الثلاثة الكبرى، ويمكنها مساعدته على أن يصبح صوفيًا، أليس كذلك؟”
نظر حوله مذعورًا، فلم يجد أحدًا. ثم رأى الصغيرة تومئ له بجنون، ففهم الوضع.
وجاء الصوت من الهواء بالكاد مسموعًا: “علينا أن نبحث عنه…”
كانت الملكة تحدّق به، دون أي حركة أخرى، سوى…
(ها هو مجددًا!)
“لا تخف. فالتواصل بين التنين والبشر لطالما كان على هذا النحو.”
اضطر تاليس والصغيرة لمعانقة بعضهما كي لا يطيرا مع الريح.
(ها هو مجددًا!)
“لا.” ردّت المرأة فورًا، بلا اهتمام. قاطعت صوته مباشرة. “لا أعلم، ولا يهمّني.”
ذلك الصوت الذي يبدو وكأنه يكلّمه من قرب، لكنه في الحقيقة ينبثق من أعماق صدره.
هزّت المرأة رأسها ببطء. “بلى، حين طرق الباب، استطعت الإحساس بوجوده في سلالة الفجر والظلام.”
من قلبه.
لم يتحرّك التنّين القرمزي الداكن وهو يحدّق في الهيدرا التي تزمجر ألمًا على الأرض. لم يُبدِ أيّ اهتمام بها.
حدّق تاليس في التنين مذهولًا.
“لا.” جاء صوتها الغريب مرة أخرى. لم يتحرك فكّها. “أتحدث عن اسمك الثاني.”
“قلتَ إنك من نسل تورموند؟”
ارتجفت الشقية الصغيرة أيضًا، والتصقت بذراعه.
ظلّ ينظر حوله بصدمة، ثم التقط أنفاسه.
“إذًا، لا شيء يمكن فعله؟” بدا الصوت في الهواء فارغًا قليلًا.
وفي النهاية، بلع ريقه، وحدّق في التنين مباشرة قبل أن يتمكن بصعوبة من القول: “ن–نعم… أنا من نسل ملك النهضة… ومن عائلة جيدستار.”
تجهم تاليس. فقد أدرك أنّ الشقية الصغيرة قد تعثّر لسانها فجأة.
كان الموقف غريبًا بالفعل.
ارتعد تاليس بشدّة، وبذل جهده ليرفع عنقه وينظر إلى عيني التنّين. تلك العيون الصافية كالكهرمان الأصفر لم تتحرّك البتّة. ومع ذلك، كأنّ سحرًا خفيًا جعلها تركز عليه.
كأنه يتحدث مع نفسه أمام تنين.
(هما… يتحدّثان؟ كيف؟)
“تملك اسمًا جيدًا.”
وأخيرًا، لم يعد تاليس قادرًا على قمع فضوله، فرفع رأسه قليلًا. وما إن رأت الصغيرة حركته حتى شحب وجهها من الرعب.
كانت عيناها الكهرمانيتان مثبتتين عليه، مما زاد توتره.
لكن المرأة هزّت رأسها ببطء. “إذن عليك أن تبحث عن كيري أيضًا. فهو رفيقك. على الأقل، كنتما تقاتلان سويًا فيما مضى.”
“وهو اسم نادر الوجود في سجلات أنساب عائلة جيدستار أو العائلة الملكية للإمبراطورية. من سمّاك به؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com حدّق تاليس بالصغيرة المذعورة وكأنها تهذي.
تنفّس تاليس بعمق، محاولًا أن يخفي ارتجافه.
فأشار للشقية الصغيرة بخفة وهو يتذكّر شيئًا—
“شكرًا لكِ”، قال بصوت متماسك قدر الإمكان. “تاليس هو… هو الاسم الذي منحه لي والدي بالتبنّي.”
رفعت المرأة رأسها وحدّقت في “الهواء”. وللمرة الأولى، أصبح صوتها باردًا، “إذًا، لهذا جئت إليّ؟”
وللحظة أدرك أنّه لا يعرف بأي لغة كانت تتحدث في قلبه، لكنه كان يفهم كل كلمة.
وجاء الصوت من الهواء بالكاد مسموعًا: “علينا أن نبحث عنه…”
“لا.” جاء صوتها الغريب مرة أخرى. لم يتحرك فكّها. “أتحدث عن اسمك الثاني.”
أجابته الصغيرة ببساطة: “ننتظر.”
تجمّد تاليس، حتى أتاه الإدراك، فتغيّر وجهه.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
(اسمي الثاني؟ هذا يعني… ثيريّن… جيرانا…)
فأشار للشقية الصغيرة بخفة وهو يتذكّر شيئًا—
ارتفع صوت بإيقاع غريب داخل قلبه، إيقاعٌ… كأنه شعر.
رفعت المرأة رأسها وحدّقت في “الهواء”. وللمرة الأولى، أصبح صوتها باردًا، “إذًا، لهذا جئت إليّ؟”
كأنّ فيه سرًا وقوة تُسكر السامع.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كأنّ فيه سرًا وقوة تُسكر السامع.
حدّق تاليس في الملكة مذهولًا. فتوجّهت بعينيها الكهرمانيتين نحوه مجددًا، وقالت،
ارتجف جسد تاليس كلّه بعنف.
“إنه اسمٌ جميل بلغة التنانين.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وهذه المرة، بدا الصوت الباهت متزعزعًا قليلًا. “كان مذعورًا مرتجفًا، كأنه لم يكن مستعدًا لطرق الباب أصلًا. ولم يكن مؤهّلًا لمواجهة خطر الإمبراطورَتين. أيّ مرشد يمكن أن يرتكب مثل هذا الخطأ؟”
ارتجف تاليس. وفي اللحظة التالية، فتحت الملكة جناحيها بقوة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وتابع الصوت في الهواء حديثه، “إل أو جيزا… أتباع «بي» لن يفعلوا شيئًا سوى جرّه إلى سيركهم المزدحم بكلابٍ ضارية، ليعيدوا تمثيل المأساة منذ أكثر من ستمئة عام.”
*وووش…*
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com حدّق تاليس بالصغيرة المذعورة وكأنها تهذي.
هبت ريح عنيفة.
ارتعد تاليس بشدّة، وبذل جهده ليرفع عنقه وينظر إلى عيني التنّين. تلك العيون الصافية كالكهرمان الأصفر لم تتحرّك البتّة. ومع ذلك، كأنّ سحرًا خفيًا جعلها تركز عليه.
اضطر تاليس والصغيرة لمعانقة بعضهما كي لا يطيرا مع الريح.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com هذا طبعًا إن تغاضيتَ عن الأشواك الحادّة الوحشية المنتشرة على جسده.
وفي العاصفة التي هبّت فجأة، رفعت الملكة رأسها، وأطلقت زئيرًا يصمّ الآذان.
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
“رواااار!!”
حتى قالت بعد دقائق، بنبرة هادئة، “فهمت. هل تظنّ أنّ الوافد الجديد قد لا يكون لديه مرشد أصلًا؟ إذ ما تزال هناك أماكن تحتفظ بفتاتٍ من أثر الأبراج السحرية الثلاثة الكبرى، ويمكنها مساعدته على أن يصبح صوفيًا، أليس كذلك؟”
كدّ أن يمزّق طبلة أذنيه.
وفي اللحظة التالية، قفز التنين العملاق إلى السماء.
نظر في تلك العينين الواسعتين الصافيتين. جعلته الحدقة السوداء يشعر بضغط هائل. وحدّق في التنّين العظيم الأسطوري الذي اختفى منذ أكثر من ستمئة عام.
بوووم!
شبه الجزيرة الشرقية. في مكانٍ ما داخل قرية صيد مجهولة.
اهتز المكان كله، وسقط الطفلان أرضًا، بينما استمرت العاصفة تعصف بهما.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
وبعد عشر ثوانٍ أو أكثر، بدأت الرياح تهدأ. فتح تاليس عينيه بصعوبة، بينما كانت الشقية تبكي، ورفع بصره نحو السماء.
حرّكت الشبكة بخفة وتابعت إصلاح موضع آخر.
كانت ملكة السماء تبسط جناحيها الهائلين. تحت ضوء اللهيب الأخضر، تركت ظلًا لن ينساه طوال حياته.
كانت عيناها الكهرمانيتان مثبتتين عليه، مما زاد توتره.
أخذ حجمها يصغر وهيئتها تتلاشى.
“والمعتدلون ليسوا قومًا صالحين كذلك. ومع معرفتي بآسدا وسولوفيسكي، فهما لم يلتزما السكون منذ الحرب الصوفية الثانية حبًّا في السلام…”
وفي النهاية… اختفت في الظلام.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وبسلاسة العادة، أخذت تثرثر مع الصيادين.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“تعرفين ماذا يعني هذا، الإمبراطورَتان لن تتركانه أبدًا. إنّ صوفيًا مجهولًا يشكل تهديدًا بالغًا لهما. ولأن الوافد الجديد لم يمرّ في معركة الإبادة، فمن الممكن تمامًا أن تضماه إلى جناحهما وتجعلاه تابعًا لهما.”
نهاية آرك الرقص مع التنين.
اتمنى منكم مواصلة دعمي ان كان بتعليق او بعض الذهب في الموقع كشكر لجهودي وتعبي في ترجمة العمل، احبكم في الله واراكم قريبا بالارك القادم دماء التنين.
شكرًا لكل القراء الذين وصلوا الى هنا، واتمنى ان تكون ترجمتي نالت اعجابكم.
“قلتَ إنك جيدستار؟”
نهاية ارك اكثر من مرضية صراحة لا اكاد احصي كم مرة اصابتني فيها القشعريرة من الاحداث او الاسرار والغموض.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بدا عليها الهلع، وبدأت تتحدث بكلام متقطع غير مترابط. “أنا… بشأن هذا… أنا آوه…”
اتمنى منكم مواصلة دعمي ان كان بتعليق او بعض الذهب في الموقع كشكر لجهودي وتعبي في ترجمة العمل، احبكم في الله واراكم قريبا بالارك القادم دماء التنين.
اهتز المكان كله، وسقط الطفلان أرضًا، بينما استمرت العاصفة تعصف بهما.
حدّقت المرأة ذات القبّعة الخيزرانية بالأفق، تشد قبضتها على شبكة الصيد بين يديها.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
