طرقُ الباب
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الفصل 180: طرق الباب
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
*بانغ!*
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
“لماذا يصدق الرئيس هذا الصبي؟ سمعتُ أنه ليس نبيلًا، بل واحد من عصابة فاليير؟” قال أحد البحّارة بصوت خافت لبحّار عجوز يلفّ حبلًا. “حتى إن الرئيس استمع له وخاطر بالإبحار إلى هذا… المكان.”
Arisu-san
وبمجرد أن فكّر في رؤية ما وراء الظلام، أحس فجأة بأقرب كيانٍ إليه.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“لماذا يصدق الرئيس هذا الصبي؟ سمعتُ أنه ليس نبيلًا، بل واحد من عصابة فاليير؟” قال أحد البحّارة بصوت خافت لبحّار عجوز يلفّ حبلًا. “حتى إن الرئيس استمع له وخاطر بالإبحار إلى هذا… المكان.”
الفصل 180: طرق الباب
والأبيض رغوته وانعكاسات الضوء على سطحه.
….
“أه؟” سأل نورٌ بلا لون، وكانت نبرته فاسدة بلا مشاعر. “لم أرَك من قبل. ما هو اسمك الأصل؟”
فتح تاليس عينيه ببطء.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (هذا هو…؟ أين أنا؟ ماذا أفعل؟ لماذا… لا أتذكر شيئًا؟)
أين كان؟
(ليست مجرد ورقة… إنما غابة. غابة مظلمة تحت السماء الليلية.)
لم يكن هذا مهمًّا. ما يشعر به كان أهم.
وأعطاه الضباب الشعور نفسه الذي بثّه الحطام: لا حياة، ولا صوت.
بدت أفكاره وكأنها قد خضعت لبعض التغيّر؛ كأنها أصبحت مبعثرة، تتدفّق مثل نهرٍ خافت، وكأن حجابًا قد أُلقي فوقها.
بوووم*!*
وكأنه… لم يعد يهتم بأي شيء؟
“أنت… آسدا؟”
(لِمَ يحدث هذا؟)
أخذها الرجل وهو يرتجف.
كان تاليس يعرف بشكلٍ مبهم ما الذي يجري له، لكنه لم يرغب في التخلص من هذا الشعور..
وبمجرد أن فكّر في رؤية ما وراء الظلام، أحس فجأة بأقرب كيانٍ إليه.
(أليس هذا حسنًا؟ كأني دخلتُ عالَمًا آخر.)
كان يتوقع رؤية داخل المنزل. لكن… ماذا رأى بدلًا من ذلك؟
رفع تاليس نظره.
وبصق الكائن المنتصر بازدراء، وغادر غير مكترث، تاركًا الجثة المتفاجئة لتتعفّن، وتكون طعامًا لمستعمرة نمل بجانبه.
كان هناك الكثير من… المجالات الرمادية؟
(مع أنهم يعيشون في عالم عجيب، إلا أنهم لا يشعرون بأيٍّ ممّا يحدث حولهم.)
نعم، رأى تاليس حصاة رمادية.
(ماذا سيفعلون لو عرفوا الحقيقة؟)
لا، ليست واحدة فقط.
“هيه، هيه.” واصل الصوت الأخضر ضحكه. “لا تقل لي أنك تاوروس، العملاق الأسطوري!”
كانت حصاة رمادية بين عددٍ لا يُحصى من الحصى.
(مؤسف… لكنه أيضًا مضحك.)
(مذهل. هذه الحصى بعيدة جدًّا عن بعضها. مهما مرّ الزمن، فلن تستطيع الاقتراب من بعضها مقدار مليمتر واحد.)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وكانت تلك المستعمرة قد هاجرت حديثًا. مذعورةً، طُردت من موطنها في معركةٍ ماضية. غير أنها كانت ستسعد لو علمت أن أعداءها القدامى الذين طردوها، قد أُبيدوا تمامًا على يد غريرٍ لعوب، بعدما جلب النملُ جثة خنفساء مسنّة.
(لكنها في الوقت نفسه قريبة جدًّا، أقرب إلى بعضها من معظم الأشياء في هذا العالم، حتى تكاد تكون شيئًا واحدًا. هل ستبقى هكذا لآلاف، أو ملايين، أو حتى مليارات السنين؟ قريبة… بعيدة… في آنٍ واحد.)
ومع ذلك، لم يكن هذا مهمًّا. الأهم أنّ المسافة بينه وبين هذه الحصى كانت تتغيّر. وفي كل لحظة تتغيّر فيها المسافة، تصبح الحصى شيئًا آخر. الأمر يسري في الاتجاهين: موضع الحصى بالنسبة إليه، وموضعه بالنسبة إلى الحصى.
(أليس العالم مدهشًا؟ كيف يمكن لحصاتين ثابتتين أن تربطهما علاقة شيّقة ونابضة بالحياة كهذه. ماذا عن الأشياء الأخرى في العالم؟ هل بينها علاقات مماثلة؟ بلا شك.)
(ومع ذلك… فكم هم بائسون.) همس تاليس ساخرًا في قلبه.
(لماذا لم ألاحظ كل هذا من قبل؟ لماذا لم أدرك روعة العالم؟)
لمعت أسئلة في ذهن تاليس.
(لعلّي كنتُ غبيًّا.) فكّر تاليس بهدوء.
في صخب النشوة والخمر والدم، فتح القراصنة أفواههم النتنة وهم يحصون غنائم الأيام الماضية. ولم يتردّدوا في العبث بالأسرى، وخاصة النساء.
رفع بصره ببطء. كانت الحصى تبتعد عنه أكثر فأكثر… أو ربما تقترب منه أكثر فأكثر؟
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com شعر تاليس بالملل. فأدار رأسه.
ومع ذلك، لم يكن هذا مهمًّا. الأهم أنّ المسافة بينه وبين هذه الحصى كانت تتغيّر. وفي كل لحظة تتغيّر فيها المسافة، تصبح الحصى شيئًا آخر. الأمر يسري في الاتجاهين: موضع الحصى بالنسبة إليه، وموضعه بالنسبة إلى الحصى.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وكانت تلك المستعمرة قد هاجرت حديثًا. مذعورةً، طُردت من موطنها في معركةٍ ماضية. غير أنها كانت ستسعد لو علمت أن أعداءها القدامى الذين طردوها، قد أُبيدوا تمامًا على يد غريرٍ لعوب، بعدما جلب النملُ جثة خنفساء مسنّة.
تابع رفع نظره.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ثم ظهر شعاعٌ أخضر أمامه. لكنه شعاعٌ حيّ. كان يتغيّر شكله من دائري، إلى مربع، إلى أسطواني، إلى مستطيل.
(آه، فهمت.) أدرك تاليس فجأة. (هذه الحصى تشكل سطح بلاطة أرضية. سطحًا خشنًا غير مستوٍ. يا لها من تركيبة مذهلة.)
شعر تاليس بأن حواسه كلها تُضغط بقوة. ثم في اللحظة التالية…
(على الرغم من أنها مجرد حصى، فقد أصبحت شيئًا آخر بسبب مواضعها والمسافة الخاصة بينها.)
فتحت الطفلة عينيها ببطء ونظرت إلى أول شخص في حياتها.
(شيئًا يُسمّى “سطح البلاطة”. تمامًا مثل البشر. من دون مواضعهم والمسافة بينهم، كل شخص كيان مستقل.)
وكأنه يشاهد آلاف الأفلام دفعةً واحدة—وتعرض كلها كل ما في العالم—وكأنه قائم في كل ركن من أركان العالم في الوقت ذاته.
(لكن حين تتغيّر مواقعهم أو المسافة بينهم… وحين يقفون معًا في بُعدٍ واحد، ومساحة واحدة، ومجتمع واحد… يصبحون شيئًا آخر. شيئًا يُسمّى “حشودًا”.)
*بانغ!*
(انتظر.) قال صوت خافت في وعيه. (ربما يمكن عكس هذا. مواضعهم والمسافة بينهم تتحدّد أصلًا بسبب وجودهم الفردي.)
لم يعرف كيف علم، لكن غريزته أخبرته أن خلف ظلمة هذا الحيّز، أزواجًا لا تُعدّ من العيون تراقبه بنظرات غريبة. فرفع تاليس بصره بغير وعي، محاولًا اختراق الظلام.
(ولِمَ أعرف كل هذا؟ لا بأس. لا يهم. المهم… أنّ هذا مثير للاهتمام. سأواصل النظر.)
لم يعرف كيف علم، لكن غريزته أخبرته أن خلف ظلمة هذا الحيّز، أزواجًا لا تُعدّ من العيون تراقبه بنظرات غريبة. فرفع تاليس بصره بغير وعي، محاولًا اختراق الظلام.
رأى تاليس ذلك. (هذه البلاطة الرمادية السوداء ثُمانية الأضلاع، وهي متّصلة بعدة بلاطات أخرى من الشكل نفسه.)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بل… هو كل شيء!
(لقد وضعها البشر، أليس كذلك؟ لهذا السبب كانت المسافة بينها غير متناسقة.)
لم يكن هذا مهمًّا. ما يشعر به كان أهم.
(أو ربما، الشخص الذي رصّ هذه البلاطات يظن أنه وضعها بانتظام كبير، لأن البشر لا يدركون جمال التناسق الحقيقي؟)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع بصره ببطء. كانت الحصى تبتعد عنه أكثر فأكثر… أو ربما تقترب منه أكثر فأكثر؟
(أو لعلّ هذا هو ما يعدّونه “منتظمًا”. فحين تنظر إليها من بعيد، تبدو الأرض المتكوّنة منها مستوية جدًّا.)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع رأسه بصدمة، ونظر إلى من حوله في ذعر. وتكلّم بلغة لم يفهمها تاليس، لكنه بدا عاجزًا تمامًا.
رفع تاليس نظره.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (هذا هو…؟ أين أنا؟ ماذا أفعل؟ لماذا… لا أتذكر شيئًا؟)
كان يعرف أنّ هذا “نهار”… لأن ظاهرة “النهار” تُعرَّف وفق موقع الشمس بالنسبة إلى الأرض.
الشيخ ألقى نظرة حادّة نحو الشاب. “بالطبع إنه من العصابة. لكن أحد أجداده قبل أجيال كان قد انتُخب للمقعد السادس والثلاثين في البرلمان. وذلك الجد كان مدينًا للرئيس بمبلغ ضخم. ولسببٍ ما، بدلاً من معاقبته، غادر الرئيس مدينة اليشم الكريستالي فورًا وأبحر إلى هذا المكان الملعون. ولم يرد حتى الذهاب إلى جزيرة الخضرة الدائمة، التي كانت جزءًا من الرحلة.”
كانت شمس الظهيرة، وأشعتها تتعامد على الأرض بزاوية قائمة كاملة.
وخطَرَ له خاطر آخر.
وكان أمام تاليس منزلٌ فخم، غريب الطراز، غريبًا عليه. كانت أفاريزه مقوّسة نحو الأعلى عند أركانها الأربعة، وبابه الأمامي من خشب العود السميك، ونوافذه من زجاج ملوّن و”قطرات الكريستال”. وكان هناك أناس بشعرٍ أسود وعيون سوداء، يرتدون أثوابًا طويلة منسدلة، يدخلون ويخرجون من المنزل.
راكعًا ومرتعشًا، أمسك بيد زوجته، يواسيها بقلق بلغة لم يفهمها تاليس. وكانت المرأة تبتسم.
جميعهم كانوا قلقين.
وخاصةً من منظور ذلك المركب الطويل الضيق، يبحر كقارب صغير فوق الماء.
(لِمَ هم قلقون؟)
“طبعًا، فكّر في الأمر.” تفلَ البحّارُ العجوز، وبدَت ملامحه كريهة.
خطر شيءٌ في ذهن تاليس، فعرف السبب.
فتحت الطفلة عينيها ببطء ونظرت إلى أول شخص في حياتها.
كانت هناك شابةٌ سوداء الشعر سوداء العينين داخل المنزل. تصرخ من الألم وسط بركة من الدم، تحيط بها مجموعة من النساء.
(لماذا لم ألاحظ كل هذا من قبل؟ لماذا لم أدرك روعة العالم؟)
كان أسفل بطنها منتفخًا—كانت في المخاض.
لم يكن عليهم القلق. رأى تاليس الكائن الحي داخل بطنها قويًّا مليئًا بالطاقة، يحرّك أطرافه بلا توقف.
ومع مرور الوقت، أحسّ بأن كل ما حوله يتحرّك. وفي تلك اللحظة، كان كأن بابًا قد فُتح.
(ستلد بسهولة.)
(لا يعلم أن أحد الأخشاب تحت السفينة لم يعد يحتمل وزنًا إضافيًا، وقد يقذفه موجٌ عاتٍ في أية لحظة.)
وفي الخارج، كان رجلٌ يبدو كزوجها، أنيقًا حسن المظهر، يُمسَك خارج البيت من قِبل مجموعة من الرجال. بدا أنه في حالٍ مزرية.
ثم دوى صوتٌ عديم الحياة بجوار أذنيه:
(أرى.) فكّر تاليس. (الداخل والخارج منفصلةن عن بعضهما.)
تقدّم شخصٌ بوجهٍ متجهّم. وما إن نظر إلى الطفلة، حتى تجمّد في مكانه.
(لذلك الداخل مليء بالقلق والجدية، والخارج ممتلئ بالعذاب والقلق. لو أنّ كلًّا منهم رأى حال الآخر…)
وأخيرًا، ناوله أحدهم الطفلة باحترام. كانت الطفلة مغمضة العينين بإحكام.
(أو… رأى تلك الطفلة في رحم المرأة… لربما لم يكونوا بحاجة إلى أن يكونوا قلقين، خائفين، أو معذّبين؟)
(أو… رأى تلك الطفلة في رحم المرأة… لربما لم يكونوا بحاجة إلى أن يكونوا قلقين، خائفين، أو معذّبين؟)
بعد قليل، توقّفت المرأة عن صراخها المؤلم. وهدأ ارتجاف جسدها ببطء.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “وقِح.”
وبينما انطلق بكاء خافت، خرجت طفلة ملوّثة بالدم.
(يبدو أن الشاب ذو مكانة. هل هو القبطان، أم هو من استأجر السفينة؟)
وما إن وصل الخبر، حتى اخترق الرجل الحواجز واندفع إلى الداخل.
*بانغ!*
راكعًا ومرتعشًا، أمسك بيد زوجته، يواسيها بقلق بلغة لم يفهمها تاليس. وكانت المرأة تبتسم.
(لو استطاع الرجل أن يرى قبل أشهر أن “ابنته” تملك عينين زرقاوين لا يمكن أن ترثهما عنه…)
وأخيرًا، ناوله أحدهم الطفلة باحترام. كانت الطفلة مغمضة العينين بإحكام.
لم يكن هذا مهمًّا. ما يشعر به كان أهم.
أخذها الرجل وهو يرتجف.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وما إن وصل الخبر، حتى اخترق الرجل الحواجز واندفع إلى الداخل.
(يا إلهي…)
وتلاشى الصوت البارد كأنه ينادي من البعيد:
راقب تاليس المشهد، فنظر إلى الرجل الأسود الشعر والعيون المتحمّس، ثم إلى المرأة السوداء التي بدا عليها الارتياح.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
شعر بالرغبة في الضحك.
(هكذا تفرك حبّات الرمل بعضها، وتضغط، وتنبسط؛ ترفض وتتنافر.)
(ماذا سيفعلون لو عرفوا الحقيقة؟)
لم يكن عليهم القلق. رأى تاليس الكائن الحي داخل بطنها قويًّا مليئًا بالطاقة، يحرّك أطرافه بلا توقف.
فتحت الطفلة عينيها ببطء ونظرت إلى أول شخص في حياتها.
شعر برجّة عنيفة!
وحين رآها الرجل بوضوح، ارتجف.
“أنت… آسدا؟”
رفع رأسه بصدمة، ونظر إلى من حوله في ذعر. وتكلّم بلغة لم يفهمها تاليس، لكنه بدا عاجزًا تمامًا.
تقدّم شخصٌ بوجهٍ متجهّم. وما إن نظر إلى الطفلة، حتى تجمّد في مكانه.
تقدّم شخصٌ بوجهٍ متجهّم. وما إن نظر إلى الطفلة، حتى تجمّد في مكانه.
(لذلك الداخل مليء بالقلق والجدية، والخارج ممتلئ بالعذاب والقلق. لو أنّ كلًّا منهم رأى حال الآخر…)
وانفجر المنزل في ضجّة.
وكأنّ وعيه صعد فجأة إلى حيّزٍ مظلمٍ ساكن.
تعالى صراخ المرأة المذعورة، وبكاء الطفلة، وتهدئة الخادمات القلقة، وهدير الرجل الغاضب، واحدًا تلو الآخر.
“هاهاها…” انفجر تاليس بالضحك وهو يشاهد.
“هاهاها…” انفجر تاليس بالضحك وهو يشاهد.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وكانت تلك المستعمرة قد هاجرت حديثًا. مذعورةً، طُردت من موطنها في معركةٍ ماضية. غير أنها كانت ستسعد لو علمت أن أعداءها القدامى الذين طردوها، قد أُبيدوا تمامًا على يد غريرٍ لعوب، بعدما جلب النملُ جثة خنفساء مسنّة.
نظر إلى عيني الطفلة الزرقاوين اللامعتين الصافيتين، المختلفتين تمامًا عن عيني “أبيها” وأمها السوداوين.
(لن يمرّ بهذا كله. لكن الرجل لا يستطيع أن يرى عبر بطن زوجته، ولا أن يرى خيانتها. ولهذا كُتِب عليه أن يمرّ بهذه المعاناة.)
(لم يخطر بباله قط أن ابنة زوجته قد لا تكون ابنته. مضحك.)
(انتظر.) قال صوت خافت في وعيه. (ربما يمكن عكس هذا. مواضعهم والمسافة بينهم تتحدّد أصلًا بسبب وجودهم الفردي.)
كفّ تاليس عن المشاهدة. وبدأت أفكاره تتدفّق كآلة.
(ليست مجرد ورقة… إنما غابة. غابة مظلمة تحت السماء الليلية.)
(لو استطاع الرجل أن يرى قبل أشهر أن “ابنته” تملك عينين زرقاوين لا يمكن أن ترثهما عنه…)
كانت حصاة رمادية بين عددٍ لا يُحصى من الحصى.
(لا، ليس هذا فقط. بشرة الطفلة فاتحة بوضوح، وشعرها مموج، وجسر أنفها مرتفع قليلًا. كل هذا كان واضحًا حتى قبل ولادتها. للأسف، لم يكن الرجل يعلم.)
“هيه، هيه.” واصل الصوت الأخضر ضحكه. “لا تقل لي أنك تاوروس، العملاق الأسطوري!”
(لو كان يعلم… هل كان سيختبر هذا الإحباط، والألم، والغضب، بعد كل هذا الانتظار والقلق والترقّب؟)
طرقة أخرى. وكان تاليس قد بدأ يعتاد عليها.
(لا.)
ولمجرد أن فكّر تاليس بهذه الأسئلة، اضطرب تفكيره فجأة. وفي دوامة الارتباك, اختفى الضوء الأخضر.
(لن يمرّ بهذا كله. لكن الرجل لا يستطيع أن يرى عبر بطن زوجته، ولا أن يرى خيانتها. ولهذا كُتِب عليه أن يمرّ بهذه المعاناة.)
وتلاشى الصوت البارد كأنه ينادي من البعيد:
(رؤيته ضيّقة، ومعرفته محدودة. هذا ثمن الغباء والجهل.)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع بصره ببطء. كانت الحصى تبتعد عنه أكثر فأكثر… أو ربما تقترب منه أكثر فأكثر؟
(مؤسف… لكنه أيضًا مضحك.)
أين كان؟
شعر تاليس بالملل. فأدار رأسه.
“كلنا شعرنا بوجودك.”
(همم؟ هذا غير صحيح.)
كان هناك الكثير من… المجالات الرمادية؟
كان يتوقع رؤية داخل المنزل. لكن… ماذا رأى بدلًا من ذلك؟
كانت الشفرات والسيوف المصقولة، والنشاب والأقواس والسهام، جاهزة تنتظر في مستودع القراصنة.
شمس الصباح… و…
“هيه!”
أسود تتخلّله لمحات من الأبيض؟
راقب تاليس كل هذا بكل تركيز.
لا.
بعد قليل، توقّفت المرأة عن صراخها المؤلم. وهدأ ارتجاف جسدها ببطء.
الأسود لون الماء.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بدت أفكاره وكأنها قد خضعت لبعض التغيّر؛ كأنها أصبحت مبعثرة، تتدفّق مثل نهرٍ خافت، وكأن حجابًا قد أُلقي فوقها.
والأبيض رغوته وانعكاسات الضوء على سطحه.
*بانغ!*
كان ينظر إلى محيط تحت شمس الصباح. بحر لا نهاية له.
(لا نهاية؟ لا. إنه ضيّق. هذا البحر… من طرفٍ إلى آخر… صغير جدًّا.)
(لا نهاية؟ لا. إنه ضيّق. هذا البحر… من طرفٍ إلى آخر… صغير جدًّا.)
وحين رآها الرجل بوضوح، ارتجف.
كان هناك جزيرة صغيرة في أحد الجوانب، وشاطئ طويل ضيق في الجانب الآخر. وكان البحر واسعًا إلى حد بعيد، يكاد يبدو بلا حدود.
شمس الصباح… و…
وخاصةً من منظور ذلك المركب الطويل الضيق، يبحر كقارب صغير فوق الماء.
“لماذا يصدق الرئيس هذا الصبي؟ سمعتُ أنه ليس نبيلًا، بل واحد من عصابة فاليير؟” قال أحد البحّارة بصوت خافت لبحّار عجوز يلفّ حبلًا. “حتى إن الرئيس استمع له وخاطر بالإبحار إلى هذا… المكان.”
حدّق تاليس بهدوء في العلم المرفرف على السفينة.
تابع رفع نظره.
كانت صورة طائر نورس أبيض يحمل مرساة في منقاره.
راكعًا ومرتعشًا، أمسك بيد زوجته، يواسيها بقلق بلغة لم يفهمها تاليس. وكانت المرأة تبتسم.
(مثير. النورس والمرساة. السماء وقاع البحر.)
(أو… رأى تلك الطفلة في رحم المرأة… لربما لم يكونوا بحاجة إلى أن يكونوا قلقين، خائفين، أو معذّبين؟)
(وكأن بينهما مسافة بعيدة لا تُدرَك… ومع ذلك، هما قريبان جدًّا.)
وأخيرًا، ناوله أحدهم الطفلة باحترام. كانت الطفلة مغمضة العينين بإحكام.
كان البحّارة على السفينة يقومون بمهامهم بإخلاص.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وبعد طرقة أخرى، وقف تاليس أمام هيئة بشرية متلألئة.
كان شاب بلا لحية، أنيق المظهر، يحمل هيئة مهذّبة، يقف بجوار الدفّة. بدا غريبًا بين البحّارة الخشنين الملطّخين بالعرق والأوساخ. كان يتحدث مع الملاح العابس، وعيناه تلمعان وهو يحدّق في المياه.
فارتج جسده كله قبل أن يغوص في أي تفكير. وبعكس توقعه، أخذت كرة الضوء تبتعد عنه أكثر فأكثر.
هذه المرة، استطاع تاليس فهم كلامه.
…فرأى ورقةً في الظلام.
“صدقني، ما حدث لنا من سوءٍ كان مجرد اختبار من إيرول… لقد تجاوزنا الدوامة السوداء. ووفقًا لخرائط الملاحة التي ورثتها من أجدادي، سنجد قريبًا…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بل… هو كل شيء!
ولكن الرجل كان يتحدث باللغة المشتركة بلكنة غريبة. كانت نبرة صوته وإيقاعه صعودًا وهبوطًا واضحة جدًا. لم تكن كلكنة أهل الشمال الخشنة القصيرة القوية، ولا كنبرة الكوكبة الصافية الدقيقة.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
(يبدو أن الشاب ذو مكانة. هل هو القبطان، أم هو من استأجر السفينة؟)
أين كان؟
ابتسم تاليس. (للأسف… ما إن يدير رأسه، فسيرى الاحتقار والازدراء في عيون البحّارة.)
(لِمَ هم قلقون؟)
“لماذا يصدق الرئيس هذا الصبي؟ سمعتُ أنه ليس نبيلًا، بل واحد من عصابة فاليير؟” قال أحد البحّارة بصوت خافت لبحّار عجوز يلفّ حبلًا. “حتى إن الرئيس استمع له وخاطر بالإبحار إلى هذا… المكان.”
(أليس العالم مدهشًا؟ كيف يمكن لحصاتين ثابتتين أن تربطهما علاقة شيّقة ونابضة بالحياة كهذه. ماذا عن الأشياء الأخرى في العالم؟ هل بينها علاقات مماثلة؟ بلا شك.)
الشيخ ألقى نظرة حادّة نحو الشاب. “بالطبع إنه من العصابة. لكن أحد أجداده قبل أجيال كان قد انتُخب للمقعد السادس والثلاثين في البرلمان. وذلك الجد كان مدينًا للرئيس بمبلغ ضخم. ولسببٍ ما، بدلاً من معاقبته، غادر الرئيس مدينة اليشم الكريستالي فورًا وأبحر إلى هذا المكان الملعون. ولم يرد حتى الذهاب إلى جزيرة الخضرة الدائمة، التي كانت جزءًا من الرحلة.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كانت هناك شابةٌ سوداء الشعر سوداء العينين داخل المنزل. تصرخ من الألم وسط بركة من الدم، تحيط بها مجموعة من النساء.
“عقدَ البحّارُ الأول حاجبَيه.”
(لا يدرك كيف تنكمش حدقات معظم مَن على السفينة حين يرونه، وكيف تفور منهم الكراهية والاشمئزاز.)
“عينُ الإبادة… هل هي حقًا مكانٌ منحوس إلى هذا الحد؟ الجميع يبدون في غاية الانزعاج.”
(يا للأسف؛ ويا لسخفهم.)
“طبعًا، فكّر في الأمر.” تفلَ البحّارُ العجوز، وبدَت ملامحه كريهة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (وكأن بينهما مسافة بعيدة لا تُدرَك… ومع ذلك، هما قريبان جدًّا.)
“الإمبراطورية الأخيرة دُفنت في قاع البحر تحت أقدامنا. لا يعلم أحد ما مدى العمق. ملايين من مواطني الإمبراطورية تحلّلت عظامهم بماءِ البحر، ومزّقتهم الأسماك…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com سرعان ما شعر تاليس بأن العالم أمامه يزداد وضوحًا… وغرابة…
“وتقول الأسطورة إن أرواحهم الضائعة لم تنل الراحة طيلة ست مئة عام، وهي ممتلئة بالحقدِ والألم… وكل سنة يقع هنا أمرٌ غريب. شيء غريب… وغريب للغاية…”
*بانغ!*
لم يكن الشابّ قادرًا على رؤية ما يجري خلف ظهره.
(آه، فهمت.) أدرك تاليس فجأة. (هذه الحصى تشكل سطح بلاطة أرضية. سطحًا خشنًا غير مستوٍ. يا لها من تركيبة مذهلة.)
وحتى حين يلتفت، كان البحّارة يخفون مشاعرهم ويواصلون أعمالهم ورؤوسهم منحنية. لذا، لم يكن ليدرك مكانته الحقيقية على متن السفينة.
وخاصةً من منظور ذلك المركب الطويل الضيق، يبحر كقارب صغير فوق الماء.
(لِمَ هو غبيّ إلى هذه الدرجة؟ ألا يدرك أن قلب الموجّه الذي يقف بجواره يخفق أسرع؟ وأن دمَه يتدفّق بعجلة، ويزداد اضطرابًا؟ لِمَ يواصل الثرثرة؟)
أن يرى أكثر، ويعرف أكثر، ويَحوز أكثر.
(لا يدرك كيف تنكمش حدقات معظم مَن على السفينة حين يرونه، وكيف تفور منهم الكراهية والاشمئزاز.)
“توقف عن طرق الباب… تاليس.”
(لا يعلم أن أحد الأخشاب تحت السفينة لم يعد يحتمل وزنًا إضافيًا، وقد يقذفه موجٌ عاتٍ في أية لحظة.)
“الرئيس فريولاند؟ الصغير الأحمق آسدا؟ الشبح العجوز زاركل؟ الشرس كيري؟ التلميذ الظريف إل؟ أم صاحبة الصدر المسطح جيزا؟”
(ألا يعلم؟ بالطبع…) تابع تاليس ضاحكًا. (… كما أنّ أحدًا على السفينة لا يرى أنّ داخل الضباب على بضعة آلاف من الأمتار، سفينةً حربية مشوّهة، ترفع على رايتها ببغاءً بلون الدم، تقترب منهم مباشرة.)
(لو استطاع الرجل أن يرى قبل أشهر أن “ابنته” تملك عينين زرقاوين لا يمكن أن ترثهما عنه…)
في صخب النشوة والخمر والدم، فتح القراصنة أفواههم النتنة وهم يحصون غنائم الأيام الماضية. ولم يتردّدوا في العبث بالأسرى، وخاصة النساء.
“أنا عالق تحت الأرض. لا أعرف ماذا حدث لك، ولماذا تقدر على طرق الباب مباشرة…”
وأعلن زعيم القراصنة بحماس أنهم سيعودون إلى الميناء بعد أن ينهبوا سفينة أخرى واحدة فقط.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com سرعان ما شعر تاليس بأن العالم أمامه يزداد وضوحًا… وغرابة…
كانت الشفرات والسيوف المصقولة، والنشاب والأقواس والسهام، جاهزة تنتظر في مستودع القراصنة.
“توقف عن طرق الباب… تاليس.”
(ذاك الشاب، وتلك السفينة… لِمَ هم حمقى إلى هذا الحد؟)
**بانغ!**
(لِمَ يواصلون الإبحار إلى الأمام؟ أمرٌ بهذه البساطة والوضوح… كيف لا يدركونه؟)
لا. بل أكثر من ذلك.
(مع أنهم يعيشون في عالم عجيب، إلا أنهم لا يشعرون بأيٍّ ممّا يحدث حولهم.)
وفي الخارج، كان رجلٌ يبدو كزوجها، أنيقًا حسن المظهر، يُمسَك خارج البيت من قِبل مجموعة من الرجال. بدا أنه في حالٍ مزرية.
(يا للأسف؛ ويا لسخفهم.)
(ماذا سيفعلون لو عرفوا الحقيقة؟)
تملّك تاليس ضيقٌ لا يمكن كبحه. فأدار رأسه من جديد.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com رفع بصره ببطء. كانت الحصى تبتعد عنه أكثر فأكثر… أو ربما تقترب منه أكثر فأكثر؟
“أه؟” رأى حبّة رملٍ تحت ضوء القمر. “الرمل… صُنعٌ مدهش.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com سرعان ما شعر تاليس بأن العالم أمامه يزداد وضوحًا… وغرابة…
(أجسادٌ لا تُحصى من النوع نفسه، تتكدّس بلا نهاية، وتصنع صحراء كاملة بمجرد مواقعها المتناسقة والعجيبة بعضها مع بعض.)
“ارحل!” بدا كائنًا سيّئ الطباع.
(هكذا تفرك حبّات الرمل بعضها، وتضغط، وتنبسط؛ ترفض وتتنافر.)
رفع تاليس نظره.
نظر تاليس إلى كلّ حبّة رمل في الصحراء، وتعجّب في داخله. (وتشكّل صحراء لا تقل روعة.)
222222222 window.pubfuturetag = window.pubfuturetag || [];window.pubfuturetag.push({unit: "691c49610b02532d2b2fde29", id: "pf-17553-1"}) نظر تاليس إلى كلّ حبّة رمل في الصحراء، وتعجّب في داخله. (وتشكّل صحراء لا تقل روعة.)
ثم أدار رأسه مرة أخرى…
(لذلك الداخل مليء بالقلق والجدية، والخارج ممتلئ بالعذاب والقلق. لو أنّ كلًّا منهم رأى حال الآخر…)
…فرأى ورقةً في الظلام.
لم يكن عليهم القلق. رأى تاليس الكائن الحي داخل بطنها قويًّا مليئًا بالطاقة، يحرّك أطرافه بلا توقف.
لكنّه كان قد تمرّس في مثل هذا السلوك.
“هاه… لماذا ذهبت؟ لا تقل لي أنك حقًا تاوروس…”
(ليست مجرد ورقة… إنما غابة. غابة مظلمة تحت السماء الليلية.)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان كرةً من الضوء. كرة بلا لون.
وكانت أزواجٌ من العيون اللامعة تشعّ بين الأشجار بغير وضوح. وكانت تلك الحيوانات لا تُعد ولا تُحصى، منها المفترس، ومنها الفريسة.
“يا الهي!” جاء صوتٌ لطيف لكنه وقح من الشعاع الأخضر، خفيفًا كالهواء. “أيّ أحمق هذا؟ هل أنت متخلف؟ لماذا تطرق الباب؟”
(ومع ذلك… فكم هم بائسون.) همس تاليس ساخرًا في قلبه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (وكأن بينهما مسافة بعيدة لا تُدرَك… ومع ذلك، هما قريبان جدًّا.)
كان غريرٌ منهمكًا بسعادة في نبش عشّ نملٍ قرب الطين الرطب. وكان في المستعمرة خنفساء ضخمة، ما أثار شهية الغرير الجائع. غير أنه لم يعلم أن أحد شركائه في التزاوج، على بُعد مئات الأمتار، صار فريسةً لذئبٍ وحيد.
كانت الشفرات والسيوف المصقولة، والنشاب والأقواس والسهام، جاهزة تنتظر في مستودع القراصنة.
أما الذئب العجوز الذي اصطاد الغرير، فكان يحتفل بصيده. لكنه لم يكن يعلم أن ذئبًا آخر كان من قطيعه ذات يوم، صار فريسةً لِنَمِرٍ انقضّ عليه من شجرة. ولم يكن النمر يعلم أن جروا أنجبه قبل ست سنوات، كان يحتضر الآن تحت حافر وحيد قرنٍ غاضب.
وفي اللحظة التالية—
أما ذلك الوحش الضخم، فلم يكن يعلم أن مجموعة من البشر المدججين بالسلاح كانوا يقشّرون جلد أحد أقاربه، ويُبقون العظام واللحم، في مكان أعلى النهر.
وأخيرًا، ناوله أحدهم الطفلة باحترام. كانت الطفلة مغمضة العينين بإحكام.
ولم يكن أولئك البشر يعلمون أن مئات العيون البنفسجية تتربّص بهم في الغابة الكثيفة خلفهم. وأن تلك المخلوقات تُطلق سهامها بصمتٍ في الظلام.
**بانغ!**
ولعلّ تلك الكائنات ذات الأعين البنفسجية والآذان الحادّة لم يخطر ببالها أن أحد أفرادها في نقطة مراقبةٍ قريبة صار وجهاً لوجه مع مخلوق آخر من نوعها، لكنه ذو بشرة فاتحة اللون. كانا يتواجهان منجل مقابل سيف رفيع. وفي اللحظة الأخيرة، غرس الكائن ذو البشرة الفاتحة النصل في صدر خصمه.
ثم ظهرت المزيد من المشاهد. نهر جليدي وسط عاصفة ثلجية، قلعة على جرف بحري، أرض رطبة دافئة، سهول تحت شمس الغروب، سهل واسع في المساء، قلعة ليليّة، سطح محيط يعكس القمر…
وبصق الكائن المنتصر بازدراء، وغادر غير مكترث، تاركًا الجثة المتفاجئة لتتعفّن، وتكون طعامًا لمستعمرة نمل بجانبه.
شعر تاليس بأن حواسه كلها تُضغط بقوة. ثم في اللحظة التالية…
وكانت تلك المستعمرة قد هاجرت حديثًا. مذعورةً، طُردت من موطنها في معركةٍ ماضية. غير أنها كانت ستسعد لو علمت أن أعداءها القدامى الذين طردوها، قد أُبيدوا تمامًا على يد غريرٍ لعوب، بعدما جلب النملُ جثة خنفساء مسنّة.
جاء صوت آسدا، صوفي الهواء، هادئًا ومتماسكًا بلا انفعال، “لكن هذا خطير للغاية. يجب أن تغادر هيئتك الأساسية حالًا.”
راقب تاليس بصمت هذه السلسلة الغذائية الذي تملي مصائر كل شيء هنا.
وازداد هو نشوةً وامتلاءً. كان كلّ شيء في العالم أمامه، يراه ويسمعه بجلاء.
(ألا تعي هذه المخلوقات كل هذا؟ إنه أمرٌ مُدهش، لكنه محزن.)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كانت شمس الظهيرة، وأشعتها تتعامد على الأرض بزاوية قائمة كاملة.
وهنا، شعر تاليس فجأة بدفء غريب يغمره… في أنحاء جسده… لحظة، جسده؟
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ولكن الرجل كان يتحدث باللغة المشتركة بلكنة غريبة. كانت نبرة صوته وإيقاعه صعودًا وهبوطًا واضحة جدًا. لم تكن كلكنة أهل الشمال الخشنة القصيرة القوية، ولا كنبرة الكوكبة الصافية الدقيقة.
أدرك تاليس فجأة مشكلة: أين جسده؟
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم يبالِ تاليس. شعر بأن وعيه يتلاشى.
ثم انساب شعورٌ رائع إلى كلّ حاسة من حواسه. وظهر أمامه مناظر عدة في آنٍ واحد، تتعاقب كمياهٍ جارية… أفاريز غريبة… سفن تمخر البحر… صحارى صامتة تحت ضوء القمر…
رفع تاليس نظره.
وغابة تنبض بالحياة.
وبمجرد أن فكّر في رؤية ما وراء الظلام، أحس فجأة بأقرب كيانٍ إليه.
راقب تاليس كل هذا بكل تركيز.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “وقِح.”
(مثير… ممتع… بديع.)
*بانغ!*
ثم ظهرت المزيد من المشاهد. نهر جليدي وسط عاصفة ثلجية، قلعة على جرف بحري، أرض رطبة دافئة، سهول تحت شمس الغروب، سهل واسع في المساء، قلعة ليليّة، سطح محيط يعكس القمر…
هذه المرة، استطاع تاليس فهم كلامه.
سرعان ما شعر تاليس بأن العالم أمامه يزداد وضوحًا… وغرابة…
(ليست مجرد ورقة… إنما غابة. غابة مظلمة تحت السماء الليلية.)
وازداد هو نشوةً وامتلاءً. كان كلّ شيء في العالم أمامه، يراه ويسمعه بجلاء.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
لا. بل أكثر من ذلك.
(ذاك الشاب، وتلك السفينة… لِمَ هم حمقى إلى هذا الحد؟)
كان يعرف كل شيء.
أدرك تاليس فجأة مشكلة: أين جسده؟
كأنه واقفٌ في الأماكن كلّها حيث تجري الأحداث. حاضرٌ في كل شيء.
تعالى صراخ المرأة المذعورة، وبكاء الطفلة، وتهدئة الخادمات القلقة، وهدير الرجل الغاضب، واحدًا تلو الآخر.
بل… هو كل شيء!
(مؤسف… لكنه أيضًا مضحك.)
ازداد تاليس فرحًا.
لكن “آسدا” لم يُجبه. بل أردف بقلق، “اسمع جيدًا! لقد شعروا بك أيضًا. وسيأتون إليك حتمًا! قبل أن تُختم بالكامل… اهرب الآن!”
وأحبّ هذا الإحساس أشدّ الحب. أراد المزيد.
كان يتوقع رؤية داخل المنزل. لكن… ماذا رأى بدلًا من ذلك؟
المزيد!
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
أن يرى أكثر، ويعرف أكثر، ويَحوز أكثر.
وهنا، شعر تاليس فجأة بدفء غريب يغمره… في أنحاء جسده… لحظة، جسده؟
المزيد!
تجمّد تاليس، وترددت في وعيه اللامتناهي تساؤلات:
وأخذت المشاهد تتتابع أسرع فأسرع، أشدّ فأشد، أقصر فأقصر.
لا، بل أكثر.
وفجأة—
“أنا عالق تحت الأرض. لا أعرف ماذا حدث لك، ولماذا تقدر على طرق الباب مباشرة…”
بوووم*!*
تملّك تاليس ضيقٌ لا يمكن كبحه. فأدار رأسه من جديد.
كأنّ صاعقة هائلة انفجرت قرب أذنيه.
*بانغ!*
أظلمت رؤيته لحظة. ولم تعد المشاهد تتبدل. بل تجمّد كل شيء أمامه إلى الأبد.
المزيد!
وكأنه يشاهد آلاف الأفلام دفعةً واحدة—وتعرض كلها كل ما في العالم—وكأنه قائم في كل ركن من أركان العالم في الوقت ذاته.
(هيئة بشرية؟) كانت تتوهج بضوءٍ أزرق مألوف. (واحدة أخرى؟
لا، بل أكثر.
(لا، ليس هذا فقط. بشرة الطفلة فاتحة بوضوح، وشعرها مموج، وجسر أنفها مرتفع قليلًا. كل هذا كان واضحًا حتى قبل ولادتها. للأسف، لم يكن الرجل يعلم.)
شعر تاليس بأن حواسه كلها تُضغط بقوة. ثم في اللحظة التالية…
وبقي صوته يتلاشى من بعيد:
شعر برجّة عنيفة!
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com المزيد!
ودوّى صوتٌ كئيب في وعيه الفارغ—كأنّ وعيه اصطدم بشيء.
وتلاشى الصوت البارد كأنه ينادي من البعيد:
**بانغ!**
“لماذا يصدق الرئيس هذا الصبي؟ سمعتُ أنه ليس نبيلًا، بل واحد من عصابة فاليير؟” قال أحد البحّارة بصوت خافت لبحّار عجوز يلفّ حبلًا. “حتى إن الرئيس استمع له وخاطر بالإبحار إلى هذا… المكان.”
ذلك الصوت… كأنه أحدهم يطرق بابًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لكنّه كان قد تمرّس في مثل هذا السلوك.
*بانغ!*
(ماذا؟ هذه الكرة… واعية؟)
ارتجّ وعيه من جديد.
حدّق تاليس بهدوء في العلم المرفرف على السفينة.
*بانغ!*
(لعلّي كنتُ غبيًّا.) فكّر تاليس بهدوء.
دوى الصوت لثالث مرة. وارتجف تاليس قليلًا.
وأعطاه الضباب الشعور نفسه الذي بثّه الحطام: لا حياة، ولا صوت.
ومع مرور الوقت، أحسّ بأن كل ما حوله يتحرّك. وفي تلك اللحظة، كان كأن بابًا قد فُتح.
“أنت… آسدا؟”
ودخل إلى عالمٍ جديد.
كان غريرٌ منهمكًا بسعادة في نبش عشّ نملٍ قرب الطين الرطب. وكان في المستعمرة خنفساء ضخمة، ما أثار شهية الغرير الجائع. غير أنه لم يعلم أن أحد شركائه في التزاوج، على بُعد مئات الأمتار، صار فريسةً لذئبٍ وحيد.
في هذا العالم، استطاعت حواسه أن تلمس كل شيء بوضوحٍ لا يُضاهى.
كانت كرة الضوء التي ظهرت في الظلام ضبابية مشوّشة، كأنها لا تُمسّ. وقبل أن يفهم تاليس شيئًا، تحركت الكرة قليلًا.
من أصغر حبّة، إلى أعمق نقطة في الأرض، إلى البحر الممتد، والسماء الفسيحة. لم يكن فقط يرى كل شيء… بل كأنه هو العالم في آنٍ واحد.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كان كرةً من الضوء. كرة بلا لون.
لكن حادثًا وقع في الوقت نفسه.
(ماذا؟ هذه الكرة… واعية؟)
أصبح واعيًا لموجةٍ من الوخز تخدش بشرته. اهتز تاليس قليلًا وارتبك.
ومع ذلك، لم يكن هذا مهمًّا. الأهم أنّ المسافة بينه وبين هذه الحصى كانت تتغيّر. وفي كل لحظة تتغيّر فيها المسافة، تصبح الحصى شيئًا آخر. الأمر يسري في الاتجاهين: موضع الحصى بالنسبة إليه، وموضعه بالنسبة إلى الحصى.
(ما الذي يحدث؟)
“هاهاها…” انفجر تاليس بالضحك وهو يشاهد.
وكأنّ وعيه صعد فجأة إلى حيّزٍ مظلمٍ ساكن.
“توقف عن طرق الباب… تاليس.”
وبمجرد دخوله، أحس بشيء غريب… كأنه غريزة.
كانت كرة الضوء التي ظهرت في الظلام ضبابية مشوّشة، كأنها لا تُمسّ. وقبل أن يفهم تاليس شيئًا، تحركت الكرة قليلًا.
نعم.
شعر بالرغبة في الضحك.
كأنه هناك مَن يتجسّس عليه.
(لكنها في الوقت نفسه قريبة جدًّا، أقرب إلى بعضها من معظم الأشياء في هذا العالم، حتى تكاد تكون شيئًا واحدًا. هل ستبقى هكذا لآلاف، أو ملايين، أو حتى مليارات السنين؟ قريبة… بعيدة… في آنٍ واحد.)
لم يعرف كيف علم، لكن غريزته أخبرته أن خلف ظلمة هذا الحيّز، أزواجًا لا تُعدّ من العيون تراقبه بنظرات غريبة. فرفع تاليس بصره بغير وعي، محاولًا اختراق الظلام.
لم يكن هذا مهمًّا. ما يشعر به كان أهم.
وبمجرد أن فكّر في رؤية ما وراء الظلام، أحس فجأة بأقرب كيانٍ إليه.
خطر شيءٌ في ذهن تاليس، فعرف السبب.
كان كرةً من الضوء. كرة بلا لون.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com سرعان ما شعر تاليس بأن العالم أمامه يزداد وضوحًا… وغرابة…
*بانغ!*
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (مذهل. هذه الحصى بعيدة جدًّا عن بعضها. مهما مرّ الزمن، فلن تستطيع الاقتراب من بعضها مقدار مليمتر واحد.)
طرقةٌ قوية أخرى.
(ستلد بسهولة.)
كانت كرة الضوء التي ظهرت في الظلام ضبابية مشوّشة، كأنها لا تُمسّ. وقبل أن يفهم تاليس شيئًا، تحركت الكرة قليلًا.
لم يكن هذا مهمًّا. ما يشعر به كان أهم.
ثم دوى صوتٌ عديم الحياة بجوار أذنيه:
(ولِمَ أعرف كل هذا؟ لا بأس. لا يهم. المهم… أنّ هذا مثير للاهتمام. سأواصل النظر.)
“وقِح.”
ودخل إلى عالمٍ جديد.
اهتزّ مجال رؤية تاليس.
رفع تاليس نظره.
(ماذا؟ هذه الكرة… واعية؟)
“صدقني، ما حدث لنا من سوءٍ كان مجرد اختبار من إيرول… لقد تجاوزنا الدوامة السوداء. ووفقًا لخرائط الملاحة التي ورثتها من أجدادي، سنجد قريبًا…”
“أه؟” سأل نورٌ بلا لون، وكانت نبرته فاسدة بلا مشاعر. “لم أرَك من قبل. ما هو اسمك الأصل؟”
كأنه واقفٌ في الأماكن كلّها حيث تجري الأحداث. حاضرٌ في كل شيء.
(اسم الأصل؟ الصوفية… الطاقة الصوفية… التصريح الأول بين الصوفيين…)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الفصل 180: طرق الباب
استعاد تاليس كلمات مألوفة من ذاكرة بدت له وكأنها تفصله عنها حجاب.
“هيه، هيه.” واصل الصوت الأخضر ضحكه. “لا تقل لي أنك تاوروس، العملاق الأسطوري!”
فارتج جسده كله قبل أن يغوص في أي تفكير. وبعكس توقعه، أخذت كرة الضوء تبتعد عنه أكثر فأكثر.
وواجه كومة من الحطام الرمادي المعدني… اللامع؟
“هيه!”
وكأنه يشاهد آلاف الأفلام دفعةً واحدة—وتعرض كلها كل ما في العالم—وكأنه قائم في كل ركن من أركان العالم في الوقت ذاته.
وتلاشى الصوت البارد كأنه ينادي من البعيد:
وبصق الكائن المنتصر بازدراء، وغادر غير مكترث، تاركًا الجثة المتفاجئة لتتعفّن، وتكون طعامًا لمستعمرة نمل بجانبه.
“مَن أنت؟”
لكن “آسدا” لم يُجبه. بل أردف بقلق، “اسمع جيدًا! لقد شعروا بك أيضًا. وسيأتون إليك حتمًا! قبل أن تُختم بالكامل… اهرب الآن!”
لم يبالِ تاليس. شعر بأن وعيه يتلاشى.
(اسم الأصل؟ الصوفية… الطاقة الصوفية… التصريح الأول بين الصوفيين…)
*بانغ!*
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “اختفِ!” صرخ الصوت الحاد، ثم تلاشى الضوء البنفسجي.
اهتزّت رؤيته مجددًا.
(لم يخطر بباله قط أن ابنة زوجته قد لا تكون ابنته. مضحك.)
وواجه كومة من الحطام الرمادي المعدني… اللامع؟
رفع تاليس نظره.
على خلاف كرة الضوء، بدا هذا الحطام بلا حياة ولا وعي. لكن بينما هو محتارٌ من أمره…
“أنا عالق تحت الأرض. لا أعرف ماذا حدث لك، ولماذا تقدر على طرق الباب مباشرة…”
ظهر ضبابٌ بنيّ أمامه.
لا، بل أكثر.
وأعطاه الضباب الشعور نفسه الذي بثّه الحطام: لا حياة، ولا صوت.
كأنه هناك مَن يتجسّس عليه.
وبمجرد أن خطرت الفكرة في باله، ابتعد الحطام والضباب ببطء.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com *بانغ!*
*بانغ!*
(ماذا سيفعلون لو عرفوا الحقيقة؟)
طرقة أخرى. وكان تاليس قد بدأ يعتاد عليها.
فتحت الطفلة عينيها ببطء ونظرت إلى أول شخص في حياتها.
ثم ظهر شعاعٌ أخضر أمامه. لكنه شعاعٌ حيّ. كان يتغيّر شكله من دائري، إلى مربع، إلى أسطواني، إلى مستطيل.
“هيه، هيه.” واصل الصوت الأخضر ضحكه. “لا تقل لي أنك تاوروس، العملاق الأسطوري!”
“يا الهي!” جاء صوتٌ لطيف لكنه وقح من الشعاع الأخضر، خفيفًا كالهواء. “أيّ أحمق هذا؟ هل أنت متخلف؟ لماذا تطرق الباب؟”
وأعطاه الضباب الشعور نفسه الذي بثّه الحطام: لا حياة، ولا صوت.
“الرئيس فريولاند؟ الصغير الأحمق آسدا؟ الشبح العجوز زاركل؟ الشرس كيري؟ التلميذ الظريف إل؟ أم صاحبة الصدر المسطح جيزا؟”
(لِمَ هم قلقون؟)
(هذه الأسماء… أعرفها؟)
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أظلمت رؤيته لحظة. ولم تعد المشاهد تتبدل. بل تجمّد كل شيء أمامه إلى الأبد.
لمعت أسئلة في ذهن تاليس.
لم يكن هذا مهمًّا. ما يشعر به كان أهم.
(هذا هو…؟ أين أنا؟ ماذا أفعل؟ لماذا… لا أتذكر شيئًا؟)
(لا يدرك كيف تنكمش حدقات معظم مَن على السفينة حين يرونه، وكيف تفور منهم الكراهية والاشمئزاز.)
“هيه، هيه.” واصل الصوت الأخضر ضحكه. “لا تقل لي أنك تاوروس، العملاق الأسطوري!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com نظر إلى عيني الطفلة الزرقاوين اللامعتين الصافيتين، المختلفتين تمامًا عن عيني “أبيها” وأمها السوداوين.
ولمجرد أن فكّر تاليس بهذه الأسئلة، اضطرب تفكيره فجأة. وفي دوامة الارتباك, اختفى الضوء الأخضر.
كان غريرٌ منهمكًا بسعادة في نبش عشّ نملٍ قرب الطين الرطب. وكان في المستعمرة خنفساء ضخمة، ما أثار شهية الغرير الجائع. غير أنه لم يعلم أن أحد شركائه في التزاوج، على بُعد مئات الأمتار، صار فريسةً لذئبٍ وحيد.
“هاه… لماذا ذهبت؟ لا تقل لي أنك حقًا تاوروس…”
**بانغ!**
وبقي صوته يتلاشى من بعيد:
(مؤسف… لكنه أيضًا مضحك.)
“لا ترحل… أنت قدوتي… على الأقل أعطني توقيعك…”
شعر برجّة عنيفة!
وبعد طرقتين أخريين، ظهر كيانان غريبان بلا صوت: جدار فضي من الضوء، ومكعبٌ ذهبي.
تجمّد تاليس، وترددت في وعيه اللامتناهي تساؤلات:
وبينما تاليس ضائعٌ مذهول، بزغ ضوءٌ بنفسجي باهت أمامه.
لم يعرف كيف علم، لكن غريزته أخبرته أن خلف ظلمة هذا الحيّز، أزواجًا لا تُعدّ من العيون تراقبه بنظرات غريبة. فرفع تاليس بصره بغير وعي، محاولًا اختراق الظلام.
كان هذا الضوء يلمع بخفة، لكنه بدا حادًا، حتى إن تاليس عجز عن النظر مباشرة إليه. وكان ردّه بسيطًا.
ودخل إلى عالمٍ جديد.
“ارحل!” بدا كائنًا سيّئ الطباع.
تملّك تاليس ضيقٌ لا يمكن كبحه. فأدار رأسه من جديد.
“اختفِ!” صرخ الصوت الحاد، ثم تلاشى الضوء البنفسجي.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (لقد وضعها البشر، أليس كذلك؟ لهذا السبب كانت المسافة بينها غير متناسقة.)
تجمّد تاليس، وترددت في وعيه اللامتناهي تساؤلات:
وبمجرد أن خطرت الفكرة في باله، ابتعد الحطام والضباب ببطء.
(ما الذي يجري؟)
“صدقني، ما حدث لنا من سوءٍ كان مجرد اختبار من إيرول… لقد تجاوزنا الدوامة السوداء. ووفقًا لخرائط الملاحة التي ورثتها من أجدادي، سنجد قريبًا…”
وفي اللحظة التالية—
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com استعاد تاليس كلمات مألوفة من ذاكرة بدت له وكأنها تفصله عنها حجاب.
*بانغ!*
وحين رآها الرجل بوضوح، ارتجف.
وبعد طرقة أخرى، وقف تاليس أمام هيئة بشرية متلألئة.
وكأنّ وعيه صعد فجأة إلى حيّزٍ مظلمٍ ساكن.
(هيئة بشرية؟) كانت تتوهج بضوءٍ أزرق مألوف. (واحدة أخرى؟
كانت الشفرات والسيوف المصقولة، والنشاب والأقواس والسهام، جاهزة تنتظر في مستودع القراصنة.
وهذا الإحساس… كأني أتدفّق بلا توقف… وفي الوقت ذاته موجود في كل مكان؟)
(لو استطاع الرجل أن يرى قبل أشهر أن “ابنته” تملك عينين زرقاوين لا يمكن أن ترثهما عنه…)
وانطلق صوت مألوف من تلك الهيئة ببطء:
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “عقدَ البحّارُ الأول حاجبَيه.”
“توقف عن طرق الباب… تاليس.”
(مثير. النورس والمرساة. السماء وقاع البحر.)
خطف خاطر ذهن تاليس: (يعرفني؟ هذا الصوت… أعرفه…)
(ماذا سيفعلون لو عرفوا الحقيقة؟)
“كلنا شعرنا بوجودك.”
لكن حادثًا وقع في الوقت نفسه.
(كلهم؟ وجودي؟ أنا؟)
راكعًا ومرتعشًا، أمسك بيد زوجته، يواسيها بقلق بلغة لم يفهمها تاليس. وكانت المرأة تبتسم.
وفي تلك اللحظة، بدا وكأن الذكريات تعود إلى تاليس دفعة واحدة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بدت أفكاره وكأنها قد خضعت لبعض التغيّر؛ كأنها أصبحت مبعثرة، تتدفّق مثل نهرٍ خافت، وكأن حجابًا قد أُلقي فوقها.
وخطَرَ له خاطر آخر.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم يبالِ تاليس. شعر بأن وعيه يتلاشى.
“انتظر، أنت…” نظر تاليس إلى الهيئة المتلألئة محاولًا التركيز. وبرز اسمٌ غامض وسط ضباب ذهنه:
(لماذا لم ألاحظ كل هذا من قبل؟ لماذا لم أدرك روعة العالم؟)
“أنت… آسدا؟”
جاء صوت آسدا، صوفي الهواء، هادئًا ومتماسكًا بلا انفعال، “لكن هذا خطير للغاية. يجب أن تغادر هيئتك الأساسية حالًا.”
وتلألأ الضوء الأزرق قليلًا. فأيقن تاليس حدسه.
*بانغ!*
“أنا عالق تحت الأرض. لا أعرف ماذا حدث لك، ولماذا تقدر على طرق الباب مباشرة…”
(على الرغم من أنها مجرد حصى، فقد أصبحت شيئًا آخر بسبب مواضعها والمسافة الخاصة بينها.)
جاء صوت آسدا، صوفي الهواء، هادئًا ومتماسكًا بلا انفعال، “لكن هذا خطير للغاية. يجب أن تغادر هيئتك الأساسية حالًا.”
وأخذت المشاهد تتتابع أسرع فأسرع، أشدّ فأشد، أقصر فأقصر.
ارتبك تاليس. “ماذا؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com (هذا هو…؟ أين أنا؟ ماذا أفعل؟ لماذا… لا أتذكر شيئًا؟)
لكن “آسدا” لم يُجبه. بل أردف بقلق، “اسمع جيدًا! لقد شعروا بك أيضًا. وسيأتون إليك حتمًا! قبل أن تُختم بالكامل… اهرب الآن!”
وبينما انطلق بكاء خافت، خرجت طفلة ملوّثة بالدم.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
(ماذا؟ هذه الكرة… واعية؟)
لم يكن هذا مهمًّا. ما يشعر به كان أهم.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات