الشتاء قادم
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
وبينما كان الأولاد يحدّقون فيه، تنفّس شاو شوان وقال: “نعم، لعلّ هذا هو السبب. ففي الشتاء، لا تظهر ديدان الحجر على السطح، لأنها تختار البقاء عميقًا في الأسفل لتجاوز البرد. فالأعماق أكثر دفئًا من السطح. وكذلك أسماك البيرانا القريبة من ضفة النهر تسبح نحو الجزء الأعمق، مبتعدة عن الضحالة، لأن الماء قرب الضفة يتجمّد في الشتاء. لذا لا نستطيع التقاط ديدان الحجر، ونكاد لا نتمكّن من صيد السمك أيضًا.”
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
بعد وقت قصير من مغادرة با، جاءت أم مو-إر. كان سبب قدومها هو نفسه كل مرة: أخذ ابنها إلى البيت في الجبل. غير أنّ مو-إر لم يكن راغبًا بالذهاب معها، رغم كل محاولاتها لإقناعه. ربما خاض شجارًا كبيرًا مع الأطفال في عائلته الجديدة.
Arisu-san
بعد وقت قصير من مغادرة با، جاءت أم مو-إر. كان سبب قدومها هو نفسه كل مرة: أخذ ابنها إلى البيت في الجبل. غير أنّ مو-إر لم يكن راغبًا بالذهاب معها، رغم كل محاولاتها لإقناعه. ربما خاض شجارًا كبيرًا مع الأطفال في عائلته الجديدة.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أعرب با عن فكرته بتأتأة، ثم وقف هناك يفرك أصابعه بقلق، يخشى أن يرفض شاو شوان، ويراقبه بحذر.
الفصل 16: الشتاء قادم
قال تو وهو جالس هناك ينسج حبلاً من القش: “آه-شوان، جاء شخص قبل قليل ليقايضك ببعض الأشياء. ولأنك لم تكن هنا، قالوا إنهم سيعودون غدًا.”
…
لم يصدّق ما قاله غي في البداية، لكن حين رأى الوضع في الكهف بعينيه، بدأ يصدّق، ووجد أنه بالفعل مختلف.
حين عاد شاو شوان، كان جميع الأولاد قد عادوا إلى الكهف من ضفة النهر. ومن خلال ابتساماتهم التي لا يمكن كبحها، تبيّن أنّهم حقّقوا حصادًا وفيرًا اليوم. وحتى مجموعتان منهما تنافستا لترى أيّهما سحب سمكًا أكثر.
وأيضًا، اختفت الأسماك فجأة من النهر. وبعد أن ألقوا الطُّعم، انتظروا طويلًا قبل أن يسحبوا سمكة متوسطة الحجم.
قال تو وهو جالس هناك ينسج حبلاً من القش: “آه-شوان، جاء شخص قبل قليل ليقايضك ببعض الأشياء. ولأنك لم تكن هنا، قالوا إنهم سيعودون غدًا.”
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
كان تو سابقًا مجرد صبي خجول في الكهف. كان ضعيفًا ونحيلًا نسبيًا. ولكن بعد هذه الفترة من الزمن، أصبح أكثر مرحًا من قبل، وأكثر قدرة على التواصل.
في الليل، كان القمران المعلّقان على جانبي السماء يزدادان عتمة. كان الهلالان رقيقين، بالكاد تُرى إشعاعاتُهما الخافتة. وإذا نظر المرء عبر فتحة التهوية، لوجد السماء مغطاة بالظلام، ولا يُسمع سوى صوت الرياح وأسراب السنونو الليلي المحلّقة. كان الشتاء قادمًا، وحتى السنونو الليلي فقد حيويّته. صارت تُصدر أصواتًا أعلى من قبل لأنها لم تعد قادرة على بذل جهد كبير لإخفاء مسارها.
أجاب شاو شوان بإيماءة: “حسنًا، علمت.”
لم يصدّق ما قاله غي في البداية، لكن حين رأى الوضع في الكهف بعينيه، بدأ يصدّق، ووجد أنه بالفعل مختلف.
ربما حاول أحد أفراد القبيلة أن يذهب للصيد في النهر، ولعلّه جاء لأجل شاو شوان بعدما فشل عدة مرات، وأخيرًا أدرك فائدة وأهمية العوامات السوداء.
إلى أن جاء صباح، ولاحظ شاو شوان وجود عدد أقل من ديدان الحجر حين أخذ قيصر إلى ساحة الحصى. وخلال الصباح كاملًا لم يحصلوا سوى على ثلاث ديدان حجر.
في الليل، كان القمران المعلّقان على جانبي السماء يزدادان عتمة. كان الهلالان رقيقين، بالكاد تُرى إشعاعاتُهما الخافتة. وإذا نظر المرء عبر فتحة التهوية، لوجد السماء مغطاة بالظلام، ولا يُسمع سوى صوت الرياح وأسراب السنونو الليلي المحلّقة. كان الشتاء قادمًا، وحتى السنونو الليلي فقد حيويّته. صارت تُصدر أصواتًا أعلى من قبل لأنها لم تعد قادرة على بذل جهد كبير لإخفاء مسارها.
وبينما كان الأولاد يحدّقون فيه، تنفّس شاو شوان وقال: “نعم، لعلّ هذا هو السبب. ففي الشتاء، لا تظهر ديدان الحجر على السطح، لأنها تختار البقاء عميقًا في الأسفل لتجاوز البرد. فالأعماق أكثر دفئًا من السطح. وكذلك أسماك البيرانا القريبة من ضفة النهر تسبح نحو الجزء الأعمق، مبتعدة عن الضحالة، لأن الماء قرب الضفة يتجمّد في الشتاء. لذا لا نستطيع التقاط ديدان الحجر، ونكاد لا نتمكّن من صيد السمك أيضًا.”
بعد أيام قليلة من ذلك، كان كلٌّ من أولاد الكهف وسكان منطقة سفح الجبل يهرعون إلى ضفة النهر قبل الغروب. الجميع أراد أن يخرج مزيدًا من الأسماك قبل أن يتجمّد الماء.
وعندما علم أن غي عيّن شاو شوان، الذي لم يبلغ العاشرة، مسؤولًا عن الكهف، انزعج الصيّاد العجوز. اعتقد أن القرار تعسّفي. فهل التعامل مع الأولاد أمر سهل؟ في الماضي، حين جاء ليُعلّمهم، كان شاو شوان الوحيد الذي يصغي. لذا حمل ذكرى جيدة عنه.
ربما خلال السنوات الماضية لم يفكّر أحد في القبيلة بصيد تلك الأسماك، ولذلك كان عددها كبيرًا جدًا في النهر، حتى إنّ كثرة الناس الذين يسحبون الأسماك يوميًا لم تُنقص من عددها. كانت تلك الأسماك شرسة للغاية، ولكنها في الوقت نفسه حمقاء. لذلك كانت تلتقط الطُّعم بسهولة، ويمكن للمرء أن يحصل على المزيد منها كل يوم ما دام قد أتقن حِيَل الصيد.
وكان هناك طفل جالس في الزاوية ممسكًا السمكة التي سحبها بعد الظهر، غارقًا في كآبته. كان يلمس رأس السمكة مرارًا، متحسّرًا على الأيام الجميلة. لكن المشهد كان غريبًا؛ طفل صغير يجلس هناك والسمكة الميتة ذات العينين الحمراوين الواسعتين وأسنانها الصغيرة الحادة فاغرة فمَها. ولو كان هذا في زمن السلم في عالم حياة شاو شوان السابق، لكانوا وصفوه بالمختلّ أو جامح الذهن. لكن هنا كان ذلك طبيعيًا تمامًا.
ولحسن الحظ، كان الصيد يسير على نحو جيد لعدة أيام، ولم تظهر تلك المخلوقات الغريبة ذات المجسّات الطويلة مجددًا.
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
إلى أن جاء صباح، ولاحظ شاو شوان وجود عدد أقل من ديدان الحجر حين أخذ قيصر إلى ساحة الحصى. وخلال الصباح كاملًا لم يحصلوا سوى على ثلاث ديدان حجر.
“غيّروا المعلم!”
وأيضًا، اختفت الأسماك فجأة من النهر. وبعد أن ألقوا الطُّعم، انتظروا طويلًا قبل أن يسحبوا سمكة متوسطة الحجم.
وفي المساء، عندما جاء غي لتسليم الطعام، أحضر معه أيضًا بعض اللحم المقدّد وبطانية من جلد الحيوان وقطعة قماش.
كان الوضع بمثابة إشارة لكل من أولاد الكهف والناس في القبيلة.
قال تو وهو جالس هناك ينسج حبلاً من القش: “آه-شوان، جاء شخص قبل قليل ليقايضك ببعض الأشياء. ولأنك لم تكن هنا، قالوا إنهم سيعودون غدًا.”
قال الأولاد بقلق: “آه-شوان، لماذا يحدث هذا؟” كانوا محبطين للغاية، يتصرفون كأنهم قلوب انكسرت، وهم يحدّقون في الحبال القشية بين أيديهم.
أزال بعض التبن الذي كان يسدّ فتحة التهوية، وما إن فعل ذلك حتى لسعته الريح الجليدية القادمة من الخارج.
قال نيد ستارك، وهو فتى أكبر سنًا: “لأن الشتاء قادم.” فقد سمع من غيره أنّه عندما يحلّ الشتاء، تختبئ الكثير من الطرائد ولا يمكن لأحد العثور عليها حتى ينتهي الشتاء، ولا تظهر إلا بعد ذلك. ولأجل هذا، لم يكن الناس في القبيلة يُحبّون الشتاء، إذ يحمل شتاؤهم صنوفًا من العقبات، مما يُفضي إلى كآبة عميقة.”
وما إن همّ بأن يصرخ، حتى سمع أحد الأولاد يقول: “أيعقل أنني أستمع لهذا الهراء في الشتاء، ولهذا السبب تخلّيت عن نومي؟”
وبينما كان الأولاد يحدّقون فيه، تنفّس شاو شوان وقال: “نعم، لعلّ هذا هو السبب. ففي الشتاء، لا تظهر ديدان الحجر على السطح، لأنها تختار البقاء عميقًا في الأسفل لتجاوز البرد. فالأعماق أكثر دفئًا من السطح. وكذلك أسماك البيرانا القريبة من ضفة النهر تسبح نحو الجزء الأعمق، مبتعدة عن الضحالة، لأن الماء قرب الضفة يتجمّد في الشتاء. لذا لا نستطيع التقاط ديدان الحجر، ونكاد لا نتمكّن من صيد السمك أيضًا.”
وما إن همّ بأن يصرخ، حتى سمع أحد الأولاد يقول: “أيعقل أنني أستمع لهذا الهراء في الشتاء، ولهذا السبب تخلّيت عن نومي؟”
وما إن أنهى شاو شوان كلامه حتى امتلأ الكهف بجوّ كئيب قاتم.
أزال بعض التبن الذي كان يسدّ فتحة التهوية، وما إن فعل ذلك حتى لسعته الريح الجليدية القادمة من الخارج.
وفي ذكريات كثير من أولاد الكهف، كان الشتاء باردًا ومظلمًا. أحيانًا لم يدركوا أنهم مَرِضوا بسبب كثرة النوم. كانوا يستمرون في النوم كالجراء الصغيرة. وفي وقت الطعام، يُوقَظون ليضعوا شيئًا في بطونهم، ثم يعودون للنوم مجددًا. لم يكن لديهم إحساس بالوقت، وقضَوا الشتاء كأشباه أحياء. كان ذلك هو الحال في الماضي، ولكن مقارنة بالأيام التي قضوها في الصيد والعمل… كيف لهم أن يشعروا بالشيء نفسه حين يسترجعون تلك الأوقات المعتمة؟
بعد وقت قصير من مغادرة با، جاءت أم مو-إر. كان سبب قدومها هو نفسه كل مرة: أخذ ابنها إلى البيت في الجبل. غير أنّ مو-إر لم يكن راغبًا بالذهاب معها، رغم كل محاولاتها لإقناعه. ربما خاض شجارًا كبيرًا مع الأطفال في عائلته الجديدة.
وكان هناك طفل جالس في الزاوية ممسكًا السمكة التي سحبها بعد الظهر، غارقًا في كآبته. كان يلمس رأس السمكة مرارًا، متحسّرًا على الأيام الجميلة. لكن المشهد كان غريبًا؛ طفل صغير يجلس هناك والسمكة الميتة ذات العينين الحمراوين الواسعتين وأسنانها الصغيرة الحادة فاغرة فمَها. ولو كان هذا في زمن السلم في عالم حياة شاو شوان السابق، لكانوا وصفوه بالمختلّ أو جامح الذهن. لكن هنا كان ذلك طبيعيًا تمامًا.
“آه-شوان… أنا… أريد… أريد أن…”
مسح شاو شوان وجهه، وحوّل بصره بعيدًا عن ذلك الصبي الحزين الممسك بسمكته.
ومع ذلك، كان لديهم عمل آخر خلال الشتاء. إذ يأتي شخص من القبيلة ليعلّمهم الأرقام والحروف. وكما هو المعتاد، كان المعلّم يأتي كل عشرين أو ثلاثين يومًا. وهذا الشتاء لم يكن استثناءً.
في الحقيقة، كان شاو شوان قد نشر كلّ التبن الذي يستخدمونه للنوم خلال الأيام الماضية، كما جهّز جميع الجلود والفراء ورتّبها. كانت الاستعدادات كافية، إلا أنّ أحدًا لا يستطيع محو ظلال الشتاء القادم. فالخبرات الماضية تركت أثرًا غائرًا في نفوس أطفال الكهف، لذا لم يستطيعوا التفاؤل.
كان الظلام كئيبًا.
كان الوقت منتصف النهار، ولكن الخارج بدأ يزداد قتامة.
بعد وقت قصير من مغادرة با، جاءت أم مو-إر. كان سبب قدومها هو نفسه كل مرة: أخذ ابنها إلى البيت في الجبل. غير أنّ مو-إر لم يكن راغبًا بالذهاب معها، رغم كل محاولاتها لإقناعه. ربما خاض شجارًا كبيرًا مع الأطفال في عائلته الجديدة.
وبينما كان شاو شوان يضع خططه للشتاء، نهض با من مكانه ومشى نحوه.
بعد أيام قليلة من ذلك، كان كلٌّ من أولاد الكهف وسكان منطقة سفح الجبل يهرعون إلى ضفة النهر قبل الغروب. الجميع أراد أن يخرج مزيدًا من الأسماك قبل أن يتجمّد الماء.
“آه-شوان… أنا… أريد… أريد أن…”
وفي المساء، عندما جاء غي لتسليم الطعام، أحضر معه أيضًا بعض اللحم المقدّد وبطانية من جلد الحيوان وقطعة قماش.
بذل با وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا ليُعبّر بوضوح.
بعد وقت قصير من مغادرة با، جاءت أم مو-إر. كان سبب قدومها هو نفسه كل مرة: أخذ ابنها إلى البيت في الجبل. غير أنّ مو-إر لم يكن راغبًا بالذهاب معها، رغم كل محاولاتها لإقناعه. ربما خاض شجارًا كبيرًا مع الأطفال في عائلته الجديدة.
كان لبا أختٌ أصغر، وفي الوقت نفسه الذي أُرسل هو فيه إلى كهف الأيتام، تم تبنّي شقيقته من قبل عائلة في منطقة منتصف الجبل. فقد كان الناس في القبيلة يقدّرون البنات أكثر من الأولاد، ولا يحصل على الإعانة من القبيلة إلا العائلات التي تتبنى البنات.
وبما أنّ الشامان توقّع أن الشتاء سيحلّ غدًا، أخبر شاو شوان الأولاد في الكهف. وقد وُزّعت الجلود والفراء على الجميع، ولم يعد هناك ما يُقال. كلّ واحد يعرف كيف يحمي نفسه.
معظم أهل القبيلة تُوقظ قواهم الطوطمية. الصبيان عادة يوقظون تلك القوة بين سن العاشرة والخامسة عشرة. ولهذا السبب بالذات، كان الأولاد—سواء في الكهف أو في سفح الجبل—يعيشون حياة بسيطة مليئة بالنوم والأكل، دون أن يكترثوا بشيء. لم يحتاجوا للعمل بجد؛ فمجرّد أن ينجو أحدهم من المرض والجوع، كان سيصبح محارب طوطم حين يحين الوقت.
“غيّروا المعلم!”
أما البنات، فعدد أقل منهنّ يوقظ قوة الطوطم، وقرابة الثلث لن يوقظنها طوال حياتهن. لكن القبيلة لم تكن تعامل الفتيات معاملة سيئة بسبب ذلك؛ بل على العكس، كانت معاملتهن أفضل من الأولاد. ولهذا تُتبنّى الفتيات بسهولة أكبر، وحتى اليتيمة منهن تجد من يأخذها. ولهذا السبب لم تكن هناك أي فتاة تعيش في كهف الأيتام، وكان جميع الأطفال فيه من الأولاد.
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
كان با يريد زيارة شقيقته قبل الشتاء وإهداءها سمكة. كان سيوفّرها من نصيبه الخاص، لكنه جاء يستأذن رأي شاو شوان. فمنذ أن علّم شاو شوان الأولاد كيف يصطادون، اكتسب احترامًا كبيرًا في الكهف، ولم يكن أحد يجرؤ على معارضة ما يأذن به، حتى الأكبر سنًا. والآن، إن كان أحدهم يريد فعل شيء، فإنه يستشير شاو شوان أولًا.
ماذا؟ لم يبدأ بعد، وهم شعروا بالملل؟ غضب الصيّاد، وتذكّر الأيام القديمة حين كان يأتي ليدرّسهم، وكيف كانوا لا يريدون سوى النوم.
أعرب با عن فكرته بتأتأة، ثم وقف هناك يفرك أصابعه بقلق، يخشى أن يرفض شاو شوان، ويراقبه بحذر.
لقد أتى الشتاء حقًا.
قال شاو شوان: “بالطبع يمكنك ذلك. فقط تذكّر أن تعود قبل الليل.”
“بالضبط!”
أجاب با وهو يقفز فرحًا: “شكرًا جزيلاً، آه-شوان!” ثم اندفع خارج الكهف حاملاً السمكة.
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
وعندما رآه شاو شوان يغادر مسرورًا، قال مبتسمًا: “لم يتلعثم حتى وهو يقول شكراً. يبدو أنّه يحتاج بعض التحفيز، ولعلّه يُشفى يومًا ما حين يشتدّ فرحه.”
بعد أيام قليلة من ذلك، كان كلٌّ من أولاد الكهف وسكان منطقة سفح الجبل يهرعون إلى ضفة النهر قبل الغروب. الجميع أراد أن يخرج مزيدًا من الأسماك قبل أن يتجمّد الماء.
بعد وقت قصير من مغادرة با، جاءت أم مو-إر. كان سبب قدومها هو نفسه كل مرة: أخذ ابنها إلى البيت في الجبل. غير أنّ مو-إر لم يكن راغبًا بالذهاب معها، رغم كل محاولاتها لإقناعه. ربما خاض شجارًا كبيرًا مع الأطفال في عائلته الجديدة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com قال نيد ستارك، وهو فتى أكبر سنًا: “لأن الشتاء قادم.” فقد سمع من غيره أنّه عندما يحلّ الشتاء، تختبئ الكثير من الطرائد ولا يمكن لأحد العثور عليها حتى ينتهي الشتاء، ولا تظهر إلا بعد ذلك. ولأجل هذا، لم يكن الناس في القبيلة يُحبّون الشتاء، إذ يحمل شتاؤهم صنوفًا من العقبات، مما يُفضي إلى كآبة عميقة.”
في النهاية، رحلت أم مو-إر دامعة العينين، لكنها تركت له معطفًا سميكًا من فراء الحيوانات وبعض اللحم المقدّد.
…
وفي المساء، عندما جاء غي لتسليم الطعام، أحضر معه أيضًا بعض اللحم المقدّد وبطانية من جلد الحيوان وقطعة قماش.
“بالضبط!”
قال غي: “هذه من ماي، والملابس من لانغ غا. إنهما مشغولان جدًا اليوم، لأن الشامان قال إن الشتاء سيصل غدًا. الجميع مشغول بفحص البيوت والتحضير. ولهذا طلبا مني أن أوصل هذه إليك.”
وما إن أنهى شاو شوان كلامه حتى امتلأ الكهف بجوّ كئيب قاتم.
كانت فرقة الصيد التي يتبع لها ماي قد عادت أمس. كانوا قد أسرعوا في إنهاء آخر رحلة صيد لهم في السنة قبل الشتاء. وكان الحصاد وفيرًا، وقد رأى شاو شوان الطرائد التي جلبوها. كان متأكدًا أن الطعام يكفي تمامًا لشتاء جيد. إضافة إلى أنّ الكثير من الصيادين لديهم مخزون خاص في بيوتهم، لذا لن يتعرّض أحد للجوع. وكان كل محارب من العائدين يحمل ابتسامة راضية.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com بذل با وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا ليُعبّر بوضوح.
أخذ شاو شوان كل ما أُعطي له، وقد بدا عليه الارتياح. كان اللحم المقدّد طازجًا وجيدًا، والبطانية والثياب أفضل بكثير من الجلود التي حصل عليها بالمقايضة خلال الأيام الماضية.
“غيّروا المعلم!”
لم يكن من الممكن أن يقول إنه لم يتأثر بهذه اللفتة الكريمة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تلك الليلة، كانت السماء مظلمة بالكامل. وحتى قبل أيام قليلة، كان يمكن رؤية هلالين، لكن الليلة اختفيا.
قال: “شكرًا لك، العم غي! ورجاءً أبلغ شكري للعم ماي ولانغ غا. آه، صحيح…”
وقال آخر: “من واحد إلى عشرة فقط؟ هذا العجوز عديم الفائدة.”
سحب شاو شوان سمكتين، وطلب من غي أن يمررهما لماي ولانغ غا. فمع أنّ ماي لديه ما يكفي من الصيد للشتاء، إلا أنّه كان لابد من إظهار الامتنان. وكانت تلك السمكتان من نصيب شاو شوان الخاص، لذا لم يعترض أحد من الأولاد.
أجاب با وهو يقفز فرحًا: “شكرًا جزيلاً، آه-شوان!” ثم اندفع خارج الكهف حاملاً السمكة.
ضحك غي وقال: “ألا تخشى أن أحتفظ بالسمك لنفسي؟” ثم ألقى السمكتين في جرّة حجرية فارغة، وغادر وهو يحملها بذراع واحدة.
“نعم، أوافق!”
وبما أنّ الشامان توقّع أن الشتاء سيحلّ غدًا، أخبر شاو شوان الأولاد في الكهف. وقد وُزّعت الجلود والفراء على الجميع، ولم يعد هناك ما يُقال. كلّ واحد يعرف كيف يحمي نفسه.
ومع ذلك، كان لديهم عمل آخر خلال الشتاء. إذ يأتي شخص من القبيلة ليعلّمهم الأرقام والحروف. وكما هو المعتاد، كان المعلّم يأتي كل عشرين أو ثلاثين يومًا. وهذا الشتاء لم يكن استثناءً.
تلك الليلة، كانت السماء مظلمة بالكامل. وحتى قبل أيام قليلة، كان يمكن رؤية هلالين، لكن الليلة اختفيا.
قال غي: “هذه من ماي، والملابس من لانغ غا. إنهما مشغولان جدًا اليوم، لأن الشامان قال إن الشتاء سيصل غدًا. الجميع مشغول بفحص البيوت والتحضير. ولهذا طلبا مني أن أوصل هذه إليك.”
كان الظلام كئيبًا.
قال: “شكرًا لك، العم غي! ورجاءً أبلغ شكري للعم ماي ولانغ غا. آه، صحيح…”
استيقظ شاو شوان في منتصف الليل بسبب البرد، وكأنما كان مستلقيًا في الثلج، يرتجف كالشياطين. لكنه حين استيقظ، شعر بقليل من الدفء، الأمر الذي بدا غريبًا.
“بالضبط!”
أزال بعض التبن الذي كان يسدّ فتحة التهوية، وما إن فعل ذلك حتى لسعته الريح الجليدية القادمة من الخارج.
كان الوقت منتصف النهار، ولكن الخارج بدأ يزداد قتامة.
لقد أتى الشتاء حقًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ولحسن الحظ، كان الصيد يسير على نحو جيد لعدة أيام، ولم تظهر تلك المخلوقات الغريبة ذات المجسّات الطويلة مجددًا.
وصول الشتاء جعل الحياة في الكهف تعود إلى ما كانت عليه في الماضي؛ عدا الأكل، لم يكن هناك غير النوم. فالجو في الخارج شديد البرودة، ولا يمكنهم فعل أي شيء، لذا كان عليهم أن يناموا مجددًا، على أمل أن ينتهي الشتاء في المرة القادمة التي يستيقظون فيها.
ومع ذلك، كان لديهم عمل آخر خلال الشتاء. إذ يأتي شخص من القبيلة ليعلّمهم الأرقام والحروف. وكما هو المعتاد، كان المعلّم يأتي كل عشرين أو ثلاثين يومًا. وهذا الشتاء لم يكن استثناءً.
ومع الطعام الكافي والبطانيات السميكة، حصلوا على نوم مريح، على الأقل أكثر راحة وطمأنينة مما كان في ذكرياتهم.
ومع الطعام الكافي والبطانيات السميكة، حصلوا على نوم مريح، على الأقل أكثر راحة وطمأنينة مما كان في ذكرياتهم.
خلال الشتاء، كان غي يأتي يوميًا لتوصيل الطعام، رغم العواصف الثلجية العنيفة. شعر شاو شوان أنّ غي لا يحتاج لتحمّل هذا العناء، فخلال النقاشات اقترح أن يأتي غي كل ثلاثة أيام، ويجلب معه طعام الأيام الثلاثة. فالفوضى قلّت في الكهف، وغي كان يعلم أن شاو شوان يعرف كيف يُبقي الأمور تحت السيطرة. لذا لم يعترض، بل ترك لشاو شوان ملعقة حجرية مضيئة وبعض مسحوق الإشعال ليصطنع النار بنفسه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com وصول الشتاء جعل الحياة في الكهف تعود إلى ما كانت عليه في الماضي؛ عدا الأكل، لم يكن هناك غير النوم. فالجو في الخارج شديد البرودة، ولا يمكنهم فعل أي شيء، لذا كان عليهم أن يناموا مجددًا، على أمل أن ينتهي الشتاء في المرة القادمة التي يستيقظون فيها.
ومع ذلك، كان لديهم عمل آخر خلال الشتاء. إذ يأتي شخص من القبيلة ليعلّمهم الأرقام والحروف. وكما هو المعتاد، كان المعلّم يأتي كل عشرين أو ثلاثين يومًا. وهذا الشتاء لم يكن استثناءً.
إلى أن جاء صباح، ولاحظ شاو شوان وجود عدد أقل من ديدان الحجر حين أخذ قيصر إلى ساحة الحصى. وخلال الصباح كاملًا لم يحصلوا سوى على ثلاث ديدان حجر.
في يوم معين، كان يوم زيارة المعلم. في اليوم السابق كان غي قد أبلغ شاو شوان بخبر وصوله، وطلب منه الاستعداد حتى لا يضيعوا فرصة التعلم الثمينة بسبب النوم.
كان الظلام كئيبًا.
وحين رفع الصياد العجوز ستارة المدخل وهو يرتجف، ودخل الكهف، لم يشعر بعدُ بدفء النار، لكنه فوجئ برؤية جميع الأولاد الذين كان من المفترض أن يناموا على الأرض، جالسين وهم يقظون تمامًا، يرمقونه بعيون متلألئة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أعرب با عن فكرته بتأتأة، ثم وقف هناك يفرك أصابعه بقلق، يخشى أن يرفض شاو شوان، ويراقبه بحذر.
كان يعيش أعلى الجبل، وقد انشغل بأمر ما، فإذا حسب المرء الوقت، فقد مرّ قرابة أربعين يومًا منذ آخر زيارة، ولم يكن يعرف ما جرى هنا. وقد سأل غي بالأمس عن أحوال الكهف. كانت البداية أسئلة اعتيادية، لكن الأمور تغيّرت كثيرًا بشكل غير متوقع في الأيام الأخيرة.
Arisu-san
وعندما علم أن غي عيّن شاو شوان، الذي لم يبلغ العاشرة، مسؤولًا عن الكهف، انزعج الصيّاد العجوز. اعتقد أن القرار تعسّفي. فهل التعامل مع الأولاد أمر سهل؟ في الماضي، حين جاء ليُعلّمهم، كان شاو شوان الوحيد الذي يصغي. لذا حمل ذكرى جيدة عنه.
لم يصدّق ما قاله غي في البداية، لكن حين رأى الوضع في الكهف بعينيه، بدأ يصدّق، ووجد أنه بالفعل مختلف.
قال غي: “هذه من ماي، والملابس من لانغ غا. إنهما مشغولان جدًا اليوم، لأن الشامان قال إن الشتاء سيصل غدًا. الجميع مشغول بفحص البيوت والتحضير. ولهذا طلبا مني أن أوصل هذه إليك.”
وتحت أنظار عشرين طفلًا مليئين بالحماسة، تقدم الصياد العجوز بخطوات متصلّبة إلى الداخل، وجلس على المقعد الحجري الذي اعتاد الجلوس عليه. أخرج قطعة من جلد الحيوان عليها أرقام، وحدّق بها قرب النار، ثم نظف حلقه، “أحم. حسنًا، اليوم أخطّط لتعليمكم الأرقام وكيفية العدّ من واحد إلى عشرة. استمعوا جيدًا. سأقولها أولًا. أحم. واحد، اثنان، ثلاثة…”
“غيّروا المعلم!”
وبعد أن أكمل من واحد إلى عشرة، شعر الصياد العجوز بأن الجو صار غريبًا. رفع عينيه عن جلد الحيوان، ليجد أنّ النظرات المتلهّفة قد تحوّلت إلى سخط، بل إن بعضها يحمل احتقارًا ظاهرًا.
كان تو سابقًا مجرد صبي خجول في الكهف. كان ضعيفًا ونحيلًا نسبيًا. ولكن بعد هذه الفترة من الزمن، أصبح أكثر مرحًا من قبل، وأكثر قدرة على التواصل.
ماذا؟ لم يبدأ بعد، وهم شعروا بالملل؟ غضب الصيّاد، وتذكّر الأيام القديمة حين كان يأتي ليدرّسهم، وكيف كانوا لا يريدون سوى النوم.
وبينما كان الأولاد يحدّقون فيه، تنفّس شاو شوان وقال: “نعم، لعلّ هذا هو السبب. ففي الشتاء، لا تظهر ديدان الحجر على السطح، لأنها تختار البقاء عميقًا في الأسفل لتجاوز البرد. فالأعماق أكثر دفئًا من السطح. وكذلك أسماك البيرانا القريبة من ضفة النهر تسبح نحو الجزء الأعمق، مبتعدة عن الضحالة، لأن الماء قرب الضفة يتجمّد في الشتاء. لذا لا نستطيع التقاط ديدان الحجر، ونكاد لا نتمكّن من صيد السمك أيضًا.”
وما إن همّ بأن يصرخ، حتى سمع أحد الأولاد يقول: “أيعقل أنني أستمع لهذا الهراء في الشتاء، ولهذا السبب تخلّيت عن نومي؟”
لقد أتى الشتاء حقًا.
وقال آخر: “من واحد إلى عشرة فقط؟ هذا العجوز عديم الفائدة.”
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
“بالضبط!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تلك الليلة، كانت السماء مظلمة بالكامل. وحتى قبل أيام قليلة، كان يمكن رؤية هلالين، لكن الليلة اختفيا.
“هيه، هل تعرف أن تُعلّم أم لا؟ أم أنك لا تعرف سوى العدّ حتى عشرة؟”
أجاب با وهو يقفز فرحًا: “شكرًا جزيلاً، آه-شوان!” ثم اندفع خارج الكهف حاملاً السمكة.
“آه-شوان، لعلّ علينا أن نطلب من العجوز أن يغادر، ونطلب غيره ليعلّمنا.”
في الحقيقة، كان شاو شوان قد نشر كلّ التبن الذي يستخدمونه للنوم خلال الأيام الماضية، كما جهّز جميع الجلود والفراء ورتّبها. كانت الاستعدادات كافية، إلا أنّ أحدًا لا يستطيع محو ظلال الشتاء القادم. فالخبرات الماضية تركت أثرًا غائرًا في نفوس أطفال الكهف، لذا لم يستطيعوا التفاؤل.
“نعم، أوافق!”
وبما أنّ الشامان توقّع أن الشتاء سيحلّ غدًا، أخبر شاو شوان الأولاد في الكهف. وقد وُزّعت الجلود والفراء على الجميع، ولم يعد هناك ما يُقال. كلّ واحد يعرف كيف يحمي نفسه.
“غيّروا المعلم!”
كان الوقت منتصف النهار، ولكن الخارج بدأ يزداد قتامة.
“غيّروا المعلم!”
ضحك غي وقال: “ألا تخشى أن أحتفظ بالسمك لنفسي؟” ثم ألقى السمكتين في جرّة حجرية فارغة، وغادر وهو يحملها بذراع واحدة.
“اطردوه!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com أعرب با عن فكرته بتأتأة، ثم وقف هناك يفرك أصابعه بقلق، يخشى أن يرفض شاو شوان، ويراقبه بحذر.
رمق شاو شوان العجوز، ولاحظ عروق جبينه تنبض بوضوح.
إلى أن جاء صباح، ولاحظ شاو شوان وجود عدد أقل من ديدان الحجر حين أخذ قيصر إلى ساحة الحصى. وخلال الصباح كاملًا لم يحصلوا سوى على ثلاث ديدان حجر.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
في يوم معين، كان يوم زيارة المعلم. في اليوم السابق كان غي قد أبلغ شاو شوان بخبر وصوله، وطلب منه الاستعداد حتى لا يضيعوا فرصة التعلم الثمينة بسبب النوم.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم يكن من الممكن أن يقول إنه لم يتأثر بهذه اللفتة الكريمة.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات